باريس- قُدس الإخبارية- ترجمة خاصة: يُعدّ النوم، إحدى أهم الممارسات في حياتنا وأكثرها عطاءًا للراحة التي تُريح الإنسان من الاضطرابات التي واجهها خلال اليوم وتبقيه على قيد الحياة من خلال ملايين العمليات التي تجري في جسده أثناء النوم، والتي تساعد الدماغ على حفظ المعلومات في الذاكرة، وتحفّز الخلايا لتجديد وترميم الأنسجة التي تضررت وقت اليقظة.
أن تحرم جسدك من النوم الكافي يعني ألا تستفيد من هذه العمليات، ساعات النوم القليلة لا تجعلك تشعر بالدوار وضعف القدرة على التركيز فحسب، بل إذا استمرّيت في حرمان جسدك من النوم لساعاتٍ كافية فإنك تعرض نفسك لأخطارٍ صحية، أُجريت العديد من الدراسات حول ما يحدث بالضبط لأجزاء جسدك المختلفة إذا لم تنم مدةً كافية يوميًا (والتي تُقدَّر بثماني ساعات).
وجدت هذه الدراسات أن قلة ساعات النوم قد تتسبب بإصابة الإنسان بأمراضٍ بعضها يهدد حياته، مثل السرطان والسكريّ وأمراض القلب، فما هي الأمراض التي تتعلق بقلة ساعات النوم؟
- الزهايمر
حسب دراسة أُجريت عام 2013 في جامعة جونز هوبكنز، قلة النوم يمكن أن تتسبب بالإصابة بمرض الزهايمر، كما أن الاستمرار في النوم لساعات قليلة يؤثر على سرعة تطور المرض، أُجريت الدراسة على أساس أبحاثٍ سابقة أثبتت أن النوم ضروريّ للدماغ ليتخلص مما وُصف بـ "النفايات الدماغية"، أو التراكمات التي تسبب الخرف.
أُجريت الدراسة على عينة تتكون من 70 شخصٍ بالغ، تتراوح أعمارهم بين 53 و 91، وتبيّن أن أولئك الذين لم ينعموا بساعات نومٍ كافية ترسّب في أدمغتهم مركب بيتا اميوليد -مركب يشير إلى الإصابة بمرض الزهايمر- وهو ما يُشار إليه بـ "النفايات الدماغية" التي يتخلص منها جسم الإنسان عند الحصول على نومٍ كافٍ.
- السُّمنة ومرض السُّكري:
منذ فترة طويلة ربط العلماء الإصابة بمرض السكري بقلة النوم، كشفت دراسة حديثة في جامعة شيكاغو عن المضاعفات التي يسببها قلة النوم والتي تؤدي للإصابة بالسمنة وثم مرض السكري، كما ودرس الباحثون آثار قلة النوم على تراكم الأحماض الدهنية، حيث أن مستويات الأحماض الدهنية في الدم تؤثر على سرعة عملية التمثيل الغذائي وقدرة الأنسولين على تنظيم نسبة السكّر في الدم.
درس العلماء أنماط نوم عينة تتكون من 19 رجل، ووجدوا أن مستويات الأحماض الدهنية ارتفعت في دم أولئك الذين حظوا بأربع ساعات من النوم فقط على مدار ثلاث ليالٍ ما بين الساعة 4-9 صباحا، وهي زيادة بمقدار 15%-30% عن نسبة الأحماض الدهنية في دم أولئك الذين كانوا ينامون مقدار 8 ساعات كل ليلة، كما ووجد الباحثون أن الزيادة في مستويات الأحماض الدهنية يؤدي إلى مضاعفات مثل مقاومة الأنسولين (حالة فيزيولوجية حيث يصبح هرمون الأنسولين أقل فعالية في تخفيض مستوى السكر في الدم)، وتشير إلى بداية الإصابة بمرض السكري، أما الذين يحظون بساعات نومٍ كافية فلم تظهر لديهم هذه المضاعفات.
- أمراض القلب والأوعية الدموية:
في دراسة حديثة أُجريت من قبل الجمعية الأوروبية لأمراض القلب، تبين أن أمراض القلب والأوعية الدموية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بقلة النوم، أُجريت الدراسة على عينة من الرجال الروس عددهم 657 وأعمارهم تتراوح بين 25-64 عامًا، استمرت الدراسة 14 عامًا، ووجد الباحثون أن ما يقارب ثلثيّ أولئك الذين أصيبوا بمضاعفات في القلب كانوا يعانون من اضطراب النوم.
- الانتحار
في دراسة استمرّت 10 أعوام أجراها باحثون في كلية الطب بجامعة ستانفورد على عينة تتكون من 420 مشارك في منتصف وأواخر مراحل البلوغ، وُجد أن 20 مشاركًا منهم ممن عانوا من اضطراب ساعات النوم أنهَوا حياتهم بالانتحار، وخلُص الباحثون إلى أن أولئك الذين يعانون من اضطراب في النوم يعانون أكثر من غيرهم من مشاكل صحية، ويهرمون بسرعة، كما أنهم أكثر ميولًا للانتحار.
- التهاب القولون التقرّحي
يتميز هذا المرض بظهور تقرحات في بطانة الجهاز الهضمي، وهو، إضافةً إلى مرض كرون، من النتائج المحتملة لقلة أو زيادة ساعات النوم عن الحد الصحيّ، وفقًا لدراسة أُجريت عام 2014 في مشفى ماساتشوستس، وُجد أن النوم لساعات كافية (8 ساعات) ضروري للحد من الإصابة بالالتهابات في الجهاز الهضمي والتي قد تؤدي للإصابة بهذا المرض.
وفي دراسةٍ أُخرى لمجلة صحة الممرضات (NHS)، وجد الباحثون أن مخاطر الإصابة بالتهاب القولون التقرّحي تزيد بانخفاض معدلات النوم لمدة 6 ساعات أو أقل، أو بزيادتها عن 9 ساعات، مما يعني أن الوقاية من المرض تكون بالالتزام بمدة محددة من ساعات النوم، وتزيد مخاطر الإصابة بالمرض نتيجة عوامل أخرى مثل العمر والوزن والتدخين.
- سرطان البروستات
وفقًا لدراسة أُجريت في مجلة Cancer Epidemology, Biomarkers and Prevention، وجد الباحثون أن زيادة مخاطر الإصابة بسرطان البروستات إضافةً إلى شدة المرض تتعلق باضطراب النوم، تضمنت الدراسة 2425 رجلًا يبلغ عمرهم 67-96 عامًا، واستمرت لسبع سنوات، ووجد الباحثون أن خطر الإصابة بسرطان البروستات يرتفع بنسبة 60% لدى الرجال الذين يعانون من مشاكل في النوم والأرق.
يقول الباحثون أن هذا الارتباط بين المرض وساعات النوم يعود إلى هرمون الميلاتونين، وهو هرمون معروف بوظيفته في تنظيم النوم، إن ارتفاع مستويات هرمون الميلاتونين تحد من التورّم، أما أولئك الذين يتعرضون للضوء بشكلٍ أكبر خلال وقت النوم (وذلك بسبب قلة النوم) فتزيد لديهم احتمالية الإصابة بالمرض.