فلسطين المحتلة - خاص قدس الإخبارية: أليس من حقنا كأسرى محررين أن نعامل كما يليق بنا؟، كوننا أشخاص دفعنا غالياً ثمن وطنيتنا؟، ألسنا أصحاب حق ككل أسير محرر وهب عمره لوطنه بلا حساب أو تردد؟، ألسنا جديرين بالتكريم بدل التهميش والنكران وقطع الرواتب بحجج يخجل حتى أصحابها من سردها؟، هكذا استهل المحرر جمجوم حديثه ل "شبكة قدس الإخبارية".
فقد قررت محكمة العدل العليا الفلسطينية في مدينة رام الله، يوم الثلاثاء الماضي، رد الطعن الذي تقدم به الأسير المحرر سفيان جمجوم (45 عاماً)، من مدينة الخليل المحتلة، والذي أمضى في سجون الاحتلال 20 عاما، وذلك بخصوص راتبه المقطوع من قبل وزارة المالية الفلسطينية.
"ضد الشرعية"
وغير جمجوم يعاني 30 أسيراً محرراً امضوا ما بين (5 إلى 20 عاماً) في سجون الاحتلال الإسرائيلي من مختلف مدن الضفة الغربية المحتلة من قطع رواتبهم من قبل وزارة المالية الفلسطينية، وبحسب القانون الفلسطيني، يحق للأسير الذي أمضى في سجون الاحتلال فترة اعتقال تجاوزت مدة 5 أعوام، أن يصرف له راتب وأن تؤمن له وظيفة.
وأوضح المحرر جمجوم في حديثه لـ"قدس الإخبارية" أن وزارة المالية كانت تصرف له الراتب أثناء فترة اعتقاله، وتقطعه عند خروجه من السجن، تحت ذريعة عدم الالتزام بالشرعية، وقال إنه "وبعد عام من رفعه قضية لدى محكمة العدل العليا، واحتاجت 14 جلسة، قررت المحكمة رد الطعن المرفوع من قبله".
وقال المحرر جمجوم: "أمضيت في سجون الاحتلال 20 عاماُ، منها 14 عاماُ متواصلة، وتحررت منها عام 2007، وعملت موظفا لدى وزارة الداخلية الفلسطينية، وبعد 10 شهور تعرضت للاعتقال الإداري، وأضربت عن الطعام 63 يوماً رفضا لاعتقالي الإداري، لأكرم بفصلي من وظيفتي وقطع راتبي بتهمة "ضد الشرعية" بعد تحرري".
وأضاف جمجوم، "السلطة تحارب الأسرى المحررين بلقمة أبنائهم وأرزاقهم، وكأسرى محررين كان من المفترض أن يكون لنا احترامنا ومكانتنا وتقدير لسنوات نضالنا المستمر ضد الاحتلال ومشاريعه التصفوية لقضيتنا الوطنية العادلة، لا أن تقطع رواتبنا ونحارب من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية".
قرار تعسفي
من جهته اعتبر غاندي الربعي محامي الأسير جمجوم أن رد الطعن يعتبر شكل من أشكال التعسف الخطير لاستخدام السلطة، خاصة وأن القانون الفلسطيني يكفل للأسرى المحررين راتب شهري، وقال المحامي الربعي في حديث خاص لـ"قدس الإخبارية": "لم تقم أية جهة رسمية بوقف الراتب، وسأقوم برفع دعوى مدنية للمطالبة بإعادة صرف راتب جمجوم".
في حين قال المتحدث باسم الأسرى المحررين المقطوعة رواتبهم الأسير المحرر المقطوع راتبه علاء الريماوي لـ"شبكة قدس": "قطع راتب الأسير جريمة من العيار الثقيل وغير مبرر، وإن تبرير القطع بأننا "ضد الشرعية" كلام غير مسؤول،" وأردف "نحن لسنا مرتزقة عند الاحتلال وليس لدينا برامج أو أجندة خارجية ننفذها".
وأضاف الريماوي، "للأسرى بعد وطني تمثل بشرعية قيادة المقاومة لحماية أبناء شعبنا، وشاركنا بالانتخابات التشريعية والرئاسية والبلدية، وقدنا المجالس البلدية ومجالس الطلبة والحركة الأسيرة في كافة المحطات، ونعمل من خلال بعدنا الاجتماعي بالحفاظ على النسيج الوطني الفلسطيني وحمايته من الاندثار والهلاك".
وطالب الريماوي الصندوق القومي التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية بوقف وصاية حركة فتح بالتعامل مع الأسرى المحررين بالبعد التنظيمي والاجتماعي والتعامل بالبعد الوطني والنضالي، كون الأسرى هم خيرة أبناء الشعب الفلسطيني، وأمضوا زهرات شبابهم في سجون الاحتلال، وليس عليهم جرائم أو محكوميات جنائية كما تصفهم بعض الأطراف.
وأكد رئيس هيئة الأسرى والمحررين عيسى قراقع أن حصول الأسرى المحررين الذين تنطبق عليهم شروط القانون الخاص بالراتب هو حق شرعه لهم القانون، ولحفظ مكانتهم في المجتمع، وقال "قمنا بمخاطبة جميع الجهات المعنية لكن دون جدوى، وانه واجه ضغوطات للكف عن مطالبته بحقوق الأسرى المقطوعة رواتبهم".
قرار غير شرعي
من جهته أوضح مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان الدكتور عمار دويك أنه تم تشكيل لجنة ثلاثية قبل عام مكونة من مكتب الرئيس ومكتب رئيس الوزراء ومكتب وزير العدل لدراسة ملفاتهم، وقال لـ"شبكة قدس": "لم نجد أي مانع قانوني أو قضائي من شأنه قطع رواتب الأسرى المحررين".
وأضاف، "خاطبنا هيئة شؤون الأسرى ووزارة المالية والأجهزة الأمنية الفلسطينية ولم نجد لديهم أي مشكلة بإعادة صرف رواتبهم"، وأضاف "يبدو انه تم اتخاذ قرار سابق وقت حدوث الانقسام بوقف مخصصات العديد من الأسرى المحررين وفصل موظفين آخرين من عملهم، والمتابعة مع الأطراف المعنية لحل القضية مستمرة".
وتعرض جمجوم خلال التحقيق العنيف معه في سجون الاحتلال، لإصابة في قدمه اليمنى، تحول دون استخدامها بصورة طبيعية، وتعتبره أجهزة الاحتلال من أوائل مطلقي النار في خلايا كتائب الشهيد عز الدين القسام في الخليل ومؤسسي خلاياها، ويقف اليوم مناشدا الجهات المعنية بقضية الأسرى بالتدخل لحل الأزمة التي يعني بقاؤها خدمة للاحتلال وأجنداته، كونه لا يقدر على العمل بحكم إصابته داخل سجون الاحتلال.