شبكة قدس الإخبارية

عائلات الشهداء.. حالات صمود تربك حسابات "إسرائيل"

ساري جرادات

فلسطين المحتلة - قدس الإخبارية: لا تزال حالة الصمود وعدم الارتداع الذي تبديه عائلات الشهداء من منفذي العمليات التي هدم الاحتلال بيوتها كعقاب جماعي تشكل صخرة تتحطم عليها كل محاولات الاحتلال الإسرائيلي لردع الشبان الفلسطينيين عن تنفيذ المزيد من العمليات، الأمر الذي يربك حسابات قوات الاحتلال وأجهزته الأمنية والتي باتت مقتنعة أن هذه السياسات المتبعة ضد عائلات الشهداء بتشريدهم وهدم منازلهم لم تؤت ثمارها.

وتعود جذور هذه السياسة إلى العام 1967 وحتى اليوم لا تزال قوات الاحتلال تنتهجها، على الرغم من توصيات أجهزة الاحتلال الأمنية بأن هذه السياسة غير رادعة، بل تعتبر أحد عوامل تصعيد العمليات الفدائية.

وفي قرار الأمم المتحدة رقم 1544/ 2004، الذي ينص أن مجلس الأمن يدعو "إسرائيل" إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، ولا سيما الالتزام بعدم القيام بهدم المنازل خلافا لهذا القانون"، وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" طالبت سلطات الاحتلال بالوقف الفوري لعمليات هدم منازل الفلسطينيين، وقالت إن هذه العمليات ربما تُعتبر جرائم حرب.

الاحتلال يعترف بفشله

وقبل عدة أيام، بثت القناة الثانية الإسرائيلية تقريرا أكدت فيه على أن "سياسة هدم منازل منفذي العمليات من الفلسطينيين، لم تردع الفلسطينيين، ما يعني أنها سياسة فاشلة في فرض الردع على هؤلاء الشبان الذين يخرجون من منازل عائلاتهم لتنفيذ عمليات طعن ودهس وإطلاق النار ضد الإسرائيليين مستوطنين وجنود."

ويقر مستوطنون وجنود بجيش الاحتلال، أن سياسة هدم منازل منفذي العمليات الفدائية من الفلسطينيين والتي باتت تتبعها قوات الاحتلال في الضفة والقدس المحتلتين، ليست ذات قيمة ولم تؤدِ الهدف المنوط منها بردع الفلسطينيين بل كانت وازعا جديدا لديهم لتنفيذ المزيد من العمليات ضد الإسرائيليين، حسب قولهم.

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي البروفسور عبد الستار قاسم أن سياسة هدم المنازل لم توقف عمليات المقاومة، موضحا أن الاحتلال يهدف من خلال تلك العمليات رفع معنويات جيشه وإيهام الشارع (الإسرائيلي) بأن هناك جهود لحمايتهم وتأمينهم، ولتشجيعهم على السكن في المستوطنات المنتشرة بالضفة الغربية المحتلة.

استرضاء الإسرائيليين

ويقول والد الأسير الطفل محمد الطرايرة الذي هدم الاحتلال منزله بعد تنفيذه عملية طعن أدت لمقتل مستوطنة وإصابة والدها بجروح في مستوطنة "خارصينا" شمال الخليل: "إن الاحتلال يحاول تهدئة روع جنوده ومستوطنيه، بمزيد من الإجراءات العقابية ضد الفلسطينيين، لكن إجراءاته تولد المقاومة والتصعيد وتأتي بمقاومين جدد".

ويضيف "لا يوجد شيء من شأنه أن يردع الفلسطيني الباحث عن حريته وعيشه الكريم، ابني طفل لم يتجاوز 15 عاما، واعتقد انه يعلم مصير عائلته في حال تنفيذه لأي عمل مقاوم ضد الاحتلال، لكن إجرام الاحتلال والإغلاق والحواجز هو الذي دفعه لتنفيذ عمليته، راميا خلفه كل الحياة والمنازل".

بينما اعتبر الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات "أن محاولات الاحتلال الإجهاز بالضربات العسكرية والمؤامرات وهدم منازل الشهداء، وتدمير مقومات وجود شعبنا الفلسطيني أثبتت فشلها، كون هذا الشعب استوعب كل الضربات، ومن بعد كل ضربة يخرج أقوى من السابق وأكثر إصراراً على نيل حريته وحقوقه".

الفلسطينيون لا يرتدعون

ورصد مركز أبحاث الأراضي التابع لجمعية الدراسات العربية حملة هدم منازل الفلسطينيين التي نفذتها قوات الاحتلال منذ بدء الانتفاضة الجارية، حيث هدمت قوات الاحتلال 44 منزلا، ونتج عنها تشريد 217 فردا، بينهم 74 طفلا، إضافة إلى تضرر 50 منزلا مجاورا للمنازل المهدمة.

وتعرض منزل عمر ابو عيشة من مدينة الخليل، في العام 1995 للهدم على أيدي قوات الاحتلال، بسبب إيوائه مطلوبين لقوات الاحتلال، كان ابنه الشهيد عامر يبلغ من العمر 13 عاما آنذاك، وعايش هدم منزله، الأمر الذي ولد وزرع فيه بذور المقاومة والانتقام، كما يقول والده.

ويضيف والد عامر لـ"قدس الإخبارية": "كان يعلم الشهيد عامر مصير عائلته بعد قيامه بعمليته البطولية مع الشهيد مروان القواسمي التي أسفرت عن مقتل 3 من المستوطنين، فسياسة هدم المنازل عقاب جماعي لأفراد العائلة، لكنها لن تصبح تحت أي ظرف رادعا للمقاومين والباحثين عن حرية شعبهم ومقدساتهم".

نتيجة معاكسة

وتوصل التحقيق الذي أجراه باحثان إسرائيليان إلى نتائج تناقض فكرة جيش وحكومة الاحتلال والتي تقول "إن هدم منازل المقاومين الفلسطينيين سيردع الآخرين بل إن العكس هو الصحيح فهدم المنازل يؤدي إلى زيادة عمليات المقاومة".

كذلك تعرض منزل الأسير أمجد عليوي (48 عاما) المحكوم بالمؤبدين و30 عاما، من مدينة نابلس، للهدم بتهمة تخطيطه لعملية أدت إلى مقتل مستوطن وزوجته العام الماضي، وقال صلاح عليوي شقيق الأسير لؤي لمراسلنا "يستطيع الاحتلال هدم منازلنا ومساكننا، لكنه لن يستطيع قتل إرادة المقاومة والحياة فينا".

وقال والد الشهيد احمد أبو الرب من جنين الذي تعرض منزله ومنازل الشهداء محمد كميل واحمد زكارنة للهدم عقب تنفيذهم عملية إطلاق نار وطعن أدت لمقتل مجندة في جيش الاحتلال في القدس المحتلة قبل 9 شهور: "سينهض ظل الشهداء من تحت الركام كطائر الفينق، يلاحق الاحتلال حتى يرحل عن أرضنا، وإن محاولة الاحتلال النيل من عزيمتنا يائسة، بسبب عمق إيماننا بمقاومتنا المشروعة والالتفاف الشعبي حول بيوت الشهداء المهدمة".