الشهيد محمد تركمان حمل رسالة إلى كل الشعب الفلسطيني تؤكد على حق الفلسطيني أينما وجد مقاومة الاحتلال، لأن هذه المقاومة مشروعة، ولأن هذا الاحتلال غاصب ووجوده هنا على أرض فلسطين وجود طارئ، كان سببه وعد من لا يملك لمن لا يستحق والذي يمر عليه هذه الايام الذكرى الـ 99 رغم أن الوعد لم يتحقق إلا بعد 31 عاما من إصداره.
وتحقّق الوعد بمساعدة ومعاونة حكومة بريطانية الانتدابية التي حالت هي والأنظمة العربية من ترك وتمكين الفلسطينيين من الدفاع عن أرضهم وديارهم فكانت النكبة وضياع فلسطين وتهجير أهلها منها وتحويلهم إلى لاجئين.
جاءت عملية تركمان في ذكرى أليمة ولكنها حملت رسالة قويّة تؤكد على حق الفلسطيني في أرضه وأن هذا الحق لن يضيع ولن ينسى وأن الطريق لاسترداد هذه الحق لن تكون إلا عبر فوهات البنادق أي عبر القوة والقوة المسلحة وليس عبر الاستجداء وموائد اللئام ومن خلال جولات التفاوض وتقديم الرشاوى عبر التنسيق الأمني أو ما يسمى صناعة الفلسطيني الجديد. تركمان جاء من قلب مصنع صناعة الفلسطيني الجديد أي من قلب جهاز قوى الأمن والتي أريد لها أن تكون الذراع المتقدمة الضاربة لقوات الاحتلال في قلب المجتمع الفلسطيني، وعلى مايبدو أن أمثال تركمان ومن سبقه الشهيد السكري والشهيد عربية هم كثر اليوم داخل هذه الأجهزة وعلى ما يبدو أنهم قريبًا سيعملون على إغلاق مصنع صناعة الفلسطيني الجديد وإلى الأبد من خلال انخراط الجزء الأكبر منهم في صفوف مقاومة المحتل عبر انتفاضة القدس والتي أحياها الشهيد البطل محمد تركمان كما فعل الشهيد مصباح أبو صبيح بالأمس القريب ومن سبقهم جميعًا من الشهداء على طريق العز والفخار. رسالة تركمان هذه المرة مخصصة إلى رفاق العمل في الأجهزة الامنية تؤكد لهم أن هذا هو طريق الرجولة والبطولة والحياة الأبدية في جنات عرضها السماوات والأرض، مؤكدًا في نفس الوقت أن لاشيء يمكن أن يحول بين الفلسطيني وبين دفاعه عن حقه في أرضه ومقدساته مهما حاول المضلّلون وأبدعوا في التضليل والخداع ونزع الواحد منا من نفسه وطنه وأرضه وسيبقى في داخله فلسطيني حر وسرعان ما يظهر ذلك جليًا كما فعل تركمان.
هذا يذكرني بحكاية تروى عن مبشرين للمسيحية في قرية مصرية وأرادوا تنصير أهلها البسطاء، فجمعوا أهل القرية في ساحة كبيرة وأخذوا يمنوهم ويزينون لهم ما يسعون له وأن اعتناقهم للمسيحية سيحوّل حياتهم إلى رفاهية ونعيم ووعدوهم بعطايا وهدايا وأموال، واستأذن هؤلاء المبشرين قليلًا من القرويين كي يحضر لهم ما وعدوهم فتأخروا قليلا والقرويين في حالة من الصمت وكأن على رأسهم طير، وفي لحظة الصمت هذه وقف أحدهم ونادى بأعلى صوته (وحدووه) وشاء القدر أن ينطق الرجل في لحظة خروج المبشرين بالهدايا وسمعوا ما ردّده القرويين من قول "لا اله الا الله" بصوت واحد؛ فقال أحد المبشرين "بعد كل هذا التعب على مدى هذه الساعات وهذه الاغراءات لم تغير فيكم شيء"، فتركوهم وهم يجرون أذيال الخيبة نتيجة فشلهم في تنصير القرويين.
نحن هكذا الفلسطينيون لن ننسى فلسطين أرضنا مهما كانت المغريات، فكما أفشلنا قول يهود "الكبار يموتون والصغار ينسون" سنبطل كل ألاعيب شياطين العصر التي تريد تدجين الفلسطيني وسيبقى الفلسطيني محافظًا على عهده مع الله ومع تراب فلسطين بأن لا يقيل ولا يستقيل ومحمد تركمان نموذج.
رحم الله الشهيد محمد تركمان الذي أكد نظرية أن الفلسطيني لا يموت لا معنويا ولا سياسيا، ويبقى محافظًا على عهده وعلى وعده، ورحم الله كل الشهداء الأبرار.