شبكة قدس الإخبارية

الزيتون المسجون داخل المستوطنات.. غصة تذيب قلب المزارعين

دعاء نوفل

فلسطين المحتلة - قدس الإخبارية: حين يقرر المزارع الذهاب إلى أرضه لرعايتها أو من أجل جني ثمار زيتونها لا ينسى أن يأخذ معه بين الأغراض الأساسية بطاقته الشخصية وتصريحه الذي تصدره سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

أن يحتاج الفلسطيني إلى تصريح دخول إلى أرضه، هو شيء لا يستطيع الحديث عنه دونما حسرة ووجع يعتصر القلب، وكأن الدنيا كلها تضيق داخل هذه الأرض الرحبة.

يخرج المزارعون إلى أرضهم في الصباح الباكر، ليقفو أمام بوابة لقوات الاحتلال، نُصبت في أراضيهم، إلى أن يسمح لهم الجنود بالدخول إلى الأراضي، آخذين منهم بطاقاتهم الشخصية إلى أن يعيدوها لهم ظهراً ويخرجوهم من الأرض قبل أن يقطفو منها الكثير، دقائق انتظار طويلة تمر كالساعات عليهم، كيف لهم أن يروا "مستوطنة كبيرة" داخل أراضيهم، يقفون هم أمام البوابات طالبين الإذن بالدخول وكثيرا ما عادو خائبين!.

وبعد دخولهم لا تنفك قوات الاحتلال تلازمهم، فتراقب كل زيتونةٍ قُطفت وكل ورقةٍ سقطت، يجلسون بالقرب منهم باحثين عن اللهو في حضرة من يبحث عن الأمل والحياة والمستقبل الحر.

444444444444

تصاريح دخول

"بدنا تصريح مشان نروح على أرضنا، لازم ننسق مشان نقدر نلقط زيتوننا"، هذا ما قاله المزارع "اسماعيل سمحان" خلال حديثه مع "قدس الإخبارية"، مضيفا، "التنسيق العسكري يحدد أيام معينة لقطف الزيتون وخاصة في نقاط التماس، بنلقطها خوف في خوف، مش خوف من الجيش خوف من المستوطنين الي بهاجمونا وبحتكو فينا وبسرقوا زيتونا، وطبعا الجيش بوقف معهم لإنهم ما بعرفوا حق، عند هاي الدولة الحق ضايع لأن القوة فوق الحق".

الأراضي داخل نقاط التماس، هي أراضي فلسطينية داخل مناطق إستيطانية أو داخل جدار الفصل العنصري، وهي أراضي يحتاج صاحبها إلى إذن من محتله ليتمكن من دخولها وقطف ثمارها.

ويروي اسماعيل، "بعد الانتفاضة الثانية ما وصلناها إلا من 4 سنين، في مشاكل واحتكاكات مع المزارعين، الناس همهم يلقطوا ويخلصوا، بس أبناء المستوطنين بعد المدارس بيجو  وبصيروا يقولوا هاي الأرض إلنا وانتو بتسرقوها واطلعو منها، وبعض السفهاء من الإسرائيليين معتقدين إنو الحق الهم في هذه الأرض..".

هذه الأرض التي يحاول المستوطنون طرد أهلها منها ليوهموا أنفسهم أنها لهم، ما هي إلا دليلا صارخا على همجيتهم ومدى عجزهم أمام صمود الفلسطيني وانتمائه لأرضه.

هنا لا يستطيع المزارع الفلسطيني أن يزور أرضه، أو أن يطورها ولا أن يقدم لها العناية البسيطة، جُل ما يحلم به هو أن يستطيع جمع ثمار أرضه المحملة بكل التعب والألم والحسرة وينقلها على ظهره إلى خارج نقاط التماس، ليتنفس الصعداء احتفالا بنجاته من أرضه!!.

ينفث دخان سيجارته الحاج "سمحان" وينظر للسماء برهة ثم يكمل قوله متنهدا: "الشغل تحت الرقابة، الجيش حل وسط على أساس ما نحتك مع المستوطنين، هم ما بخافوا إلا من الشرطة وحرس الحدود، أما الجيش بعتبرو محايد وما بطبق عليهم أي قانون، رفعنا قضية عليهم قبل 8 سنين، على أساس انو الاستيطان فيها غير شرعي، وحكمت المحكمة انو بناء غير شرعي،كانت في الأول كرافانات للجيش وبعدين تحولت لمستوطنين من كريات أربع.. لناس عليهم قضايا وبهذا الشكل صارت بؤرة استيطانية".

تقول السيدة "فاطمة" والتي لا تتوانى عن قطف ثمار الزيتون بكل حب واهتمام: "فش غير بهويات وتصاريح ما بخلونا ندخل، عند البوابة ممنوع الدخول إلا بالهوية، وبكون منسقينلنا وبخلو الهويات معهم للساعة 2 وبروحونا، بظلو واقفين معنا، إحنا تحت زيتونة وهم تحت زيتونة.. المستوطنين برمو علينا حجار وبنفسو عجال السيارات .. وإحنا شو بدنا نساوي ما بنقدر نحكي معهم .. يا بنروح يا بحكو عليهم اليهود".

وتضيف، "لما بدنا نروح بنجمع بعض وبنروح في السيارات أحسن وأضمن، بعطونا 3 و4 ايام ، وأحيانا ما بنخلص ومرات ما بعطونا أبدا بضل الزيتون بدون ما يتلقط .. السنة الماضية ما لقطنا إشي ،، كان في خوف، الناس بتروح وبيطردوهم ،، وما حدا برضى يروح يلقطهم ..بنلقط بخوف ، عنا البوابة جوا الزيتونات.. بنلقط وهم واقفين فوق روسنا,, بتغدو وبضلو واقفين فوق رووسنا" قالت السيدة "فاطمة" وهي تنظر إلى أرضهم من بعيد وعيناها مليئتان بالخيبة.

222222222222222

برنامج وطني

ومن جانبه أكد الوزير "وليد عساف" رئيس هيئة الجدار والإستيطان" على أن الهيئة تعمل على مدار العام لمساعدة المزارعين للبقاء في أراضيهم، وقال: "لدينا حملة لقطف الزيتون في نقاط التماس وتشمل، أولا تقديم أدوات القطف ل350 مزارع، ثانيا تنظيم أعمال تطوعية لمساندة المزارعين، ثالثا توفير أيدي عاملة لقطف الزيتون وبرنامج الحراثة وتسجيل الطابو".

وأضاف، "الأولوية الأولى للأراضي التي تم الاعتداء عليها وحرقها من قبل المستوطنين، والمناطق المغلقة والواقعة داخل المستوطنات درجة أولى، والمناطق الواقعة داخل الجدار لها أولولية ثانية، والمناطق الواقعة قرب الجدار وتتعرض لتهديد لها أولوية ثالثة.

وعن المخاطر التي يتعرض لها المواطنين أوضح عساف، "الاعتداء على المزارعين من قبل الجيش أو المستوطنين، وعمليات الحرق التي يقوم بها المستوطنون للأراضي، وقطع الأشجار التي تتراوح بين 2000-3000 شجرة معمرة سنويا، وأخيرا سرقة ثمار الزيتون والإعتداء المباشر".

وأكد نهاد صلاحات رئيس شعبة المصادر الطبيعية في وزارة الزراعة على أن الوزارة تقوم بحصر الأضرار ورفعها وتعويض المزارع بقيمة مالية مباشرة أو مشاريع صغيرة أو مواد عينية، وأن الوزارة تقوم بمشروع سنوي "تخضير فلسطين" للحفاظ على فلسطين خضراء.

وأضاف، "النصيحة الوحيدة التي نقدمها للمزارع هي نصيحة وطنية "ما تترك أرضك، التمسك بالأرض شعار وطني" يحاول يوصلها بشتى الوسائل، وبنصح الناس تتحرك في شكل جماعي".