فلسطين المحتلة - خاص قدس الإخبارية: أنشأت سلطات الاحتلال الاسرائيلي مؤخرا وحدة جديدة تهدف لمتابعة الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي أسمتها "وحدة الإعلام الجديد" عقب انتفاضة القدس، بهدف التعرف على دوافع منفذي العمليات الفدائية ضد الاحتلال، والحصول على معلومات استخبارية مسبقة عن أي شخص قد يفكر في تنفيذ عملية فدائية ضد اهداف إسرائيلية.
"مركز عمليات الوعي" قسم مختص في شعبة الاستخبارات العسكرية التابعة لجيش الاحتلال (أمان)، وهو مركز متخصص في إدارة الحرب النفسية ضد الفلسطينيين، ومعظم نشاطاته سرية، تعتمد على مراقبة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وذلك من أجل مخاطبة الفلسطينيين بطرق حديثة، وتستغل الانقسام الفلسطيني الخلافات السياسية لبث سمومها في المجتمع الفلسطيني.
انطلقت صفحة "المنسق" عبر الفيس بوك في آذار 2015، وتعرف نفسها بأنها "وحدة تنسيق أعمال الحكومة الاسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة"، هي الهيئة المكلفة بتطبيق سياسة الحكومة في الضفة وغزة، وتضع رقم هاتف وبريد إلكتروني للتواصل معها، بالاضافة لخاصية الرسائل الخاصة على الصفحة فإنها متاحة للجميع، وفاق عدد المعجبين فيها عن 57 الف متابع يتفاعلون مع منشوراتها ويعلقون على صورها واخبارها.
شواهد حية
يروي الشاب محمد (30 عاما) من الخليل لمراسلنا حول تواصله مع صفحة المنسق فيقول "بعثت برسالة استفسار لصفحة المنسق حول تصريح عمل لأخي، طلبوا اسمه ورقم هويته، وبعد يومين ارسلوا لي برسالة انه يتوجب على اخي التوجه لمركز الارتباط الاسرائيلي لاستلام تصريحه".
يضيف "يحاول اخي مند عام استصدار تصريح للعمل داخل الخط الاخضر، وجد صعوبات كثيرة في الحصول عليه من خلال جهات فلسطينية وهناك بعض الشركات طلبت مبالغ مالية وأوراق يكلف استصدارها الكثير من المال، لكن برسالة واحدة تم الحصول على التصريح".
تعمل صفحة "المنسق" في غالبية منشوراتها على إرفاق مقاطع فيديو أو صور أو إحصاءات لزيادة التأكيد على دورها الذي تصوره بأنه إنساني خدماتي لتسهيل حياة الفلسطينيين والتخفيف من معاناتهم، وحرصها على مشاركتهم مناسباتهم وحياتهم اليومية من خلال تهنئتهم بالمناسبات الاجتماعية والدينية والعطل والاجازات.
ضرب المجتمع
يشير أحد الباحثين في الشأن الاحتلالي إلى أن صفحة "المنسق" يتحكم بها طاقم متخصص في التصميم والتصوير والمونتاج والمتابعة وتقديم الردود للفلسطينيين، ويجيدون استخدام اللغة العربية بطلاقة، وعلى علم ودراية بكافة المناسبات الاجتماعية الفلسطينية والإسلامية، ومعظم العاملين فيها من الطائفة الدرزية التي توالي جيش الاحتلال وتخدم في صفوفه".
يوضح الباحث أن صفحة "المنسق" وصفحة "إسرائيل تتكلم بالعربية" وغيرهما تقوم ببث أنباء وصور لضرب النسيج المجتمعي الفلسطيني، من خلال عرض أنشطتها وخدماتها، وتضخيم قدراتها، وتجميل وتغيير صورتها امام العالم، وفي كثير من الأحيان تتصل مباشرة ببعض الشبان الدين يكيلون الشتائم والتهديدات لها ويتم اعتقال آخرين.
انقسام الإعلام
من جانبه يرى الاكاديمي في كلية العروب عبد مصلحان العديد من الصفحات الفلسطينينة عبر الفيس بوك تنقل الرواية والأخبار عن المواقع العبرية دون التحقق والتثبت منها، وقبلت بعض الصفحات صفة بوق للاعلام العبري، كونها تنقل الاخبار والمعلومات من وجهة نظر إسرائيلية".
ويتابع، "الخطاب الإعلامي الفلسطيني غير الموحد والمتجانس واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي المحلية بطريقة سلبية واستخدامها لمهاجمة البعض، هو من يدفع العديد من الشباب لمتابعة الصفحات الإسرائيلية بالإضافة لنقص الوعي لديهم بخطرها، فيتوجب على الجهات المعنية إنهاء تقسيم الإعلام ووقف كل الصفحات المشبوهة التي تنقل الأخبار من مواقع عبرية".
من جهته، يقول الكاتب الدكتور غازي حمد في مقال له نشرته وسائل الإعلام مؤخرا: "فيما المنطقة تشتعل وتتفاقم الصراعات وتوضع المخططات لتقسيم دول وتحويلها إلى كانتونات, وفيما المشروع الإسرائيلي يتسارع في التوسع والتعمق, لدرجة استسلام شركة (فيسبوك) العملاقة لشروط "إسرائيل" في مراقبة بيانات كل من يتعرض لها بسوء, يغرق هؤلاء (السجناء) في قضايا هامشية واستعراضات كرتونية التي لا تعني للمشروع الوطني شيئا".
يهدف الاحتلال من وراء صفحاته لتبرير أعماله العدوانية وتصوير مقاومة الشعب الفلسطيني بالإرهاب، وهو هدف يتحقق من خلال التفاعل معها، سواء كان إيجابيا أو سلبيا فإنه يزيد من قوة صفحاتها، كون "الفيسبوك" لا يميّز بين التفاعل الإيجابي والسلبي، وبالتالي فإن توجيه الشتائم يعتبر نوعا من التفاعل بالصفحة ويزيد من إظهار محتواها لمزيد من الناس.