شبكة قدس الإخبارية

انتفاضة القدس.. كيف بدأت وأين وصلت؟!

بهاء بركات

القدس المحتلة- خاص قُدس الإخبارية: قبل عام، انطلقت شرارة الثورة الفلسطينية بروحٍ شبابية جديدة، معلنة بدء الانتفاضة الفلسطينية الثالثة "انتفاضة القدس"، والتي سُميت أيضاً انتفاضة السكاكين، جاءت ردًا على انتهاكات الاحتلال ومستوطنيه للمسجد الأقصى وجرائمه بالضفة المحتلة.

وشهدت فلسطين المحتلة موجة احتجاجات بالضفة الغربية وقطاع غزة منذ بداية أكتوبر 2015، واندلاع مواجهات مع قوات الاحتلال بنقاط التماس وقرب حواجز الاحتلال.

كما تميزت الانتفاضة بسمة خاصة عن سابقاتها من الانتفاضات الفلسطينية، بعمليات طعن متكررة ضد جنود الاحتلال والمستوطنين، إضافة إلى عملياتٍ نوعية بالضفة والقدس المحتلتين، بينما كان أشدها عمليات في الخاصرة داخل الأراضي المحتلة عام 48.

ما قبل الانتفاضة

دفعت الأحداث المأساوية التي جرت قبيل الانتفاضة إلى التأثير على حماس الشبان الفلسطينيين للرد على جرائم الاحتلال ومستوطنيه ضد الفلسطينيين، ولعل الشرارة تركزت في جريمة حرق المستوطنين لمنزل عائلة الدوابشة في 31 يوليو 2015، التي أسفرت عن استشهاد عائلة دوابشة المكونة من الأب سعد دوابشة، والأم المعلمة رهام دوابشة، وعلي الرضيع، وإصابة أحمد الذي نجا من الموت، بعد أن خلفت النيران حروق وتشوهات في٨٠٪ من جسمه، وخلقت له ذكريات مؤلمة ترافقه مدى الحياة ليكون الشاهد الوحيد على جريمة المستوطنين.

كما أن الأجواء كانت مشحونة، بمجريات عام 2014، والذي شهد أيضًا عددًا من أبرز أعمال المقاومة ضد الاحتلال، من بينها إضراب الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات، ومواجهة المقاومة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وخطف الجندي شاؤول آرون، وهذه الأحداث التي عقبت حرق الفتى محمد أبو خضير حياً.

وجاءت خطوات الاحتلال التصعيدية تجاه المسجد الأقصى في شهر سبتمبر 2015؛ ففي 9 سبتمبر، حيث أصدر وزير جيش الاحتلال آنذاك قرارًا بحظر مصاطب العلم والرباط في الأقصى، وفي 14 سبتمبر اقتحم وزير الزراعة الإسرائيلي أوري آرئيل، المسجد الأقصى بصحبة أربعين إسرائيليًا، واقتحمت وحدات خاصة وعناصر من المستعربين باحات المسجد، وفي 17 سبتمبر، قام عشرات من شبيبة حزب الليكود (الحزب الحاكم) باقتحام المسجد الأقصى، واستمرت الاقتحامات ومحاولات إقامة الطقوس الدينية في المسجد حتى اليوم.

باكورة عمليات الإنتفاضة

عملية إطلاق نار استهدفت سيارة مستوطنين قرب مستوطنة "إيتمار" المقامة على أراضي نابلس، وأسفرت عن مقتل مستوطنين إسرائيليين (رجل وزوجته)، وتبين فيما بعد  أن المنفذين ينتمون لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)،واعتقلهم الاحتلال لاحقًا.

كانت عملية "إيتمار" هي الرصاصة الأولى من فوهة "إنتفاضة القدس"، التي تسارعت فيما بعد، وتشعبت بعدة اتجاهات، وأستخدم خلالها عدد من وسائل مقاومة الاحتلال.

وتبع ذلك، عملية بطولية نفذها الشاب مهند حلبي، من بلدة سردا، فطعن مستوطنًا في القدس القديمة، واستولى على سلاحه وأطلق النار على مستوطنين في المنطقة، ما أدى لإصابة أربعة آخرين، قبل أن تستقر الحصيلة على قتيلين إسرائيليين وثلاثة مصابين بجروح متفاوتة.

وما هي إلا أيام وقام عناصر من وحدات المستعربين باختطاف ثلاثة فلسطينيين أثناء المواجهات الدائرة على المدخل الشمالي لمدينة البيرة، بعد إطلاق النار عليهم من مسافة قريبة، وأتت عملية الشهيد بهاء عليان، وزميله الأسير بلال غانم، لتهز مدينة القدس المحتلة، عملية ثنائية، أوجعت الاحتلال، وأسفرت عن قتلى في صفوفه، وبعدها جاءت عمليات نوعية تباعًا، من إطلاق نار وسط مدينة "تل أبيب" المحتلة، على نسق ما قام به الشهيد نشأت ملحم، وعادت العبوات الناسفة لحافلات المستوطنين مجددًا، كما فعل الشهيد عبد الحميد أبو سرور، وحتى يوم كتابة هذه المادة الصحافية بقية الإنتفاضة مستمرة.

المستوى الشعبي

 أظهر استطلاع أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والبحثية، شمل 1270 شخصًا، تأييدًا بنسبة 67% ممن شملهم الاستفتاء لعمليات الطعن وموجة عمليات المقاومة التي شنها الشبان ضد الاحتلال خلال "إنتفاضة القدس".

وتبين حجم التفاعل الشعبي مع الإنتفاضة، عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وتبادل الفلسطينيون عبر هذه المواقع نصائح للمنضلعين بالانتفاضة، حول كيفية التعامل مع المستعربين، العملاء، وتفادي تعقب قوات الاحتلال، وذلك تحت وسم #احمي_ظهرك.

بالإضافة للتفاعل المستمرة على عبر وسم #الانتفاضة_مستمرة، وتداول صور الشهداء، ومنفذي العمليات، والأغاني الوطنية التي أنتجت خلال الإنتفاضة.

 

كيف تعامل الاحتلال مع الانتفاضة

حاول الاحتلال اقتلاع الثورة من جذورها في بدايتها حيث استدعى 13 كتيبة من قوات الاحتياط للوقوف في وجه الإنتفاضة.

وصادق "كنيست" الاحتلال، على مشروع قانون يفرض غرامات مالية على أولياء أمور الذين يلقون حجارة أو زجاجات حارقة، كما أقر في قراءة أولى نص القانون المقدم من حكومة بنيامين نتنياهو، لفرض عقوبة بالسجن لمدة 3 سنوات، لملقي الحجارة والزجاجات الحارقة.

كما ذكرت في حينها إذاعة الجيش الاحتلال أن جهاز الأمن العام الشاباك وشعبة المخابرات العسكرية، ستتعاونان لرصد صفحات التواصل الاجتماعي وما ينشره الفلسطينيون فيها لرصد المحرضين والحصول على دلائل تمكن من تقديم لوائح اتهام ضدهم.

 وقررت الحكومة الإسرائيلية الموافقة على اقتراح قدمه وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان باحتجاز جثامين الشهداء منفذي العمليات بحجة منع التحريض، إذ قالت المتحدثة باسم الشرطة الإسرائيلية "إن عائلة الإرهابي تجعل من جنازته تظاهرة لدعم الإرهاب والتحريض على القتل".

وسلم الجيش الاحتلال قرارات لهدم منازل الشهداء منفذي العمليات وكذلك تقرر الاستيلاء على الأراضي المقامة عليها هذه المنازل، ونفذت أعمال الهدم فعلًا، لكن ذلك لم يوقف الإنتفاضة..

وأعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أنه وجه أوامره بتكثيف العمليات العسكرية في الخليل بحجة أنها مصدر أغلب العمليات.

عام مضى على الإنتفاضة المستمرة، مخلفًا قرابة 40 قتيلٍ إسرائيلي، و248 شهيدًا فلسطينيًا، فيما ازدحمت سجون الاحتلال بالمعتقلين.