فلسطين المحتلة - خاص قدس الإخبارية: على مدى 12 سنة متواصلة، زارت أم محمد أبو عكر جميع السجون الإسرائيلية ابتداءً بالنقب ونفحة وريمون وعسقلان والدامون وهشارون وانتهاءً بعوفر، لرؤية أبنائها الأربعة محمد وحسن ومنجد وأمجد، الذين شتت جمعهم الاحتلال الإسرائيلي وحرمهم من الاجتماع مع عائلتهم مدة 12 عاماً.
هؤلاء الأبناء الأربعة لصالح ووجدان أبو عكر، سكان مخيم عايدة شمالي مدينة بيت لحم، الملاصق لجدار الضم والتوسع، تشتتوا داخل السجون الإسرائيلية، ولربما كانت تجمعهم بعض السجون خلال التنقلات المختلفة فيها، تقول أم محمد إنها زارت محمد وحسين وأمجد في نفس الزيارة إلى سجن النقب.
فجر يوم الأربعاء الماضي كانت وجدان أبو عكر (46 عاماً) تحضر نفسها لزيارة ابنها حسين (28 عاماً) في سجن النقب، وعند الساعة 4:30 فجراً طلبت من ابنها أمجد أن يقلها بالسيارة إلى المنطقة التي تتواجد فيها باصات الصليب الأحمر المتوجهة إلى سجن النقب، وبالفعل وصلت أم محمد إلى الباصات وطلبت من أمجد أن يطمئنها عند رجوعه للبيت، خوفاً عليه من جنود الاحتلال الذين ينتشرون في محيط مخيم عايدة. كما قالت أم محمد.
وفي ساعات ظهر ذلك اليوم المشؤوم توجه أمجد إلى عمله في مطعم ببلدة بيت جالا غرب مدينة بيت لحم، وأثناء العمل دخل مجموعة من المستعربين المتخفيين بلباس مدني إلى المطعم وطلبوا قائمة الطعام، وعند وصول أمجد إليهم رفعوا الأسلحة وصوبوها إلى رأسه، ثم قيّدوه واقتادوه إلى الخارج، حيث سيارة المستعربين في الانتظار، ثم نقلوه إلى معسكر عتصيون للتحقيق حسب ما أفاد المحامي.
وصلت أم محمد إلى سجن النقب الصحراوي بعد معاناة طويلة، حتى تتمكن من رؤية حسين الذي أمضى 10 سنوات متفرقة من عمره داخل السجون، يعتقل ويفرج عنه، حتى اعتقل بعد خروجه من سجون الأجهزة الأمنية، ليمضي سنتين إدارياً، ويفرج عنه بتاريخ 28/2/2015، ويعاد اعتقاله بتاريخ 30/3/2015 ليحكم إداريا مدة 6 شهور، ويجدد له الاعتقال الإداري ثانيا.
انتهت الزيارة، وعادت أم محمد عبر حاجز الظاهرية جنوب الضفة الغربية مساءً، وعند مفترق مستوطنة عتصيون هاتفها زوجها أبو محمد للاطمئنان عليها، فقالت له إنها بالقرب من مستوطنة عتصيون، فرد عليها قائلا: "سلمي على عتصيون، في النا أحباب هناك" .. ردّت باستغراب: "مين النا هناك، ما في حدا غير المستوطنين والجيش"؟! .. ليستدرك ويقول: "خلص .. بمزح معك يا أم محمد".
وعند وصول أم محمد إلى بيت لحم وإعلامها باعتقال المستعربين لأمجد صارت تبكيه بحرقة، لأنه اعتقل مدة سنتين، ولم يمضِ على خروجه من السجن إلا 11 شهراً.
تقول أم محمد التي لم تستطع حبس دموعها: "إن أمجد اليد اليمنى لي ولوالده، فكثيراً ما كان يساعدنا، ويجلب الدواء وعبوات الأكسجين لوالده المريض"، وتردد: "أمجد نور عيني اللي بشوف فيهن .. حرموني منه".
أما منجد (22 عاماً) فتضيف والدته أنه اعتقل قبل سنتين، ليفرج عنها لمدة 10 شهور فقط، لتعيد سلطات الاحتلال اعتقاله والحكم عليه بالسجن 3 سنوات وكفالة مالية بقيمة 2000 شيكل.
ومحمد الذي نقص من وزنه 25 كيلو أثناء إضرابه عن الطعام مدة 25 يوماً تضامناً مع الأسير بلال كايد، فيقبع داخل سجن عوفر غرب رام الله.
تقول نداء ملش زوجة محمد إنه اعتقل مدة سنتين ونصف عندما كان في 15 من عمره، وأعاد الاحتلال اعتقاله قبل عام، أي بعد زواجهما بـ 3 سنوات، وهو حتى الآن بدون محاكمة.
وتضيف أنه من المقرر أن تزوره يوم الأحد، إلا أن الصليب أخبرهم بأن محمد ممنوع من الزيارات بسبب إضرابه تضامنا مع الأسير بلال كايد.
وتستطرد أم محمد وتقول: "احنا من 12 سنة ما عشنا العيد مبسوطين، دائما في واحد أو أكثر من أولادي ناقص ومعتقل بسجون الاحتلال .. وتتابع بأن أحد أبنائها الصغار طلب منها تحضير الكعك لهذا العيد فأجابته بأسى: "كيف بدنا نعمل كعك العيد وأخوتك الأربعة بالسجون محرومين منه، العيد مش النا يما .. العيد لأصحابه".