جنين – قُدس الإخبارية: كشف تحقيق حقوقي عن ملابسات الواقعة التي ذهب ضحيتها الشاب عادل نصر جرادات (21 عاما) في بلدة السيلة الحارثية شمال غرب جنين، فجر الثلاثاء الماضي، متحدثا عن تجاوزات قانونية ومؤشرات خطيرة وأخفاق لأجهزة الأمن في العملية التي نفذتها تلك الليلة في البلدة.
وجاءت هذه الأحداث في ظل حالة من التوتر تشهدها البلدة منذ أشهر، في اعقاب مقتل أسير محرر على يد عائلة أخرى، ومقتل شاب آخر من العائلة ذاتها، وسط تقديرات وترجيحات بأن القاتل في الحالة الثانية لم يكن من السيلة الحارثية.
مراسلة شبكة قدس الإخبارية تواصلت مع رئيس بلدية السيلة الحارثية محمد جبارة أمس، ومع الناطق الإعلامي باسم جهاز الشرطة لؤي رزيقات، بهدف الحصول على تفاصيل أوفى حول ما حدث، ليأتي الرد متشابها من الجانبين بطلب انتظار نتائج التشريح التي يفترض أن تصدر اليوم.
لكن ومع معاودة الاتصال بجبارة ورزيقات اليوم طلبا لنتائج التشريح، لم تجد مراسلتنا أي تجاوب من الرجلين. غير أن تحقيقا نشره المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان اليوم كشف تفاصيل ما حدث نقلا عن شهود عيان، حيث تبين أنه في حوالي الساعة 4:30 من فجر يوم الثلاثاء؛ طوقت قوة مشتركة كبيرة من الأجهزة الأمنية حارة الجرادات جنوبي بلدة السيلة الحارثية وفتشت منزل يحيى يوسف جرادات (41 عاما) في منطقة كوع البلاط بالحارة ذاتها.
وخلال ذلك، وقع اشتباك ما بين عدد قليل من فتيان الحارة الذين رشقوا الحجارة على دوريات الأجهزة الأمنية، وما بين أفراد تلك الأجهزة الذين ردوا بإطلاق النار، ثم خرج الشاب عادل من منزله متوجها لعمله في سهل مرج ابن عامر حيث يعمل مزارعا هناك، ونادى على أفراد الأمن من مسافة تقدر بحوالي 30 متراً مبلغا بأنه يريد الخروج لعمله.
وأضاف التحقيق، أن أحد أفراد الأمن ويعمل في الشرطة الخاصة بتصويب سلاحه نحو الضحية، وأطلق أربع رصاصات باتجاهه، أصابته إحداها في فخذه فسقط أرضا، ثم أطلق أفراد الأمن النار في الهواء بكثافة، قبل أن يتدخل عدد من رفاق الضحية لحمله والهروب فيه، إلا أن عناصر الأمن طاردوهم وأطلقوا عليهم قنابل الغاز، وصرخوا عليهم طالبين تركه ومهددين بإطلاق الرصاص عليهم.
إثر ذلك ترك الشبان الضحية على الأرض، ثم مسكه اثنان من أفراد الشرطة الخاصة كل منهم من إحدى يديه، وجروه لمسافة 300 متر ثم نقلوه بسيارة خاصة إلى مستشفى خليل سليمان الحكومي، وبمرافقة اثنين من أفراد الشرطة الخاصة، وهناك أعلن عن وفاته جراء النزيف الحاد في وقت لاحق.
وحسب شهود عيان، فإن الأجهزة الأمنية ولليلة الثانية على التوالي تقتحم حارة الجرادات في بلدة السيلة الحارثية، بذريعة البحث عن مطلوبين لها على خلفية الأحداث الدامية التي شهدتها البلدة في الآونة الأخيرة، بدءاً بمقتل العميد في قوات الأمن الوطني أيمن جرادات، على يد مسلح من عائلة أخرى، وما تبعها بمقتل الشاب أحمد جرادات في عناتا الشهر الماضي، وإحراق 16 منزلا لعائلة المشتبه به بمقتله في الليلة نفسها.
ووفقا للمعلومات التي حصل عليها المركز، فقد شكل محافظ جنين، لجنة تقصي حقائق خاصة من أجل الوقوف على ملابسات مقتل المواطن الجرادات فجر أول أمس، فيما نقل جثمانه إلى مشرحة جامعة النجاح الوطنية.
وعبر المركز الفلسطيني عن استنكاره الشديد للاستخدام المفرط للقوة ضد المواطنين، فإنه يؤكد على ضرورة التزام قوات الأمن بمعايير إطلاق النار، والتي تلزم رجال الأمن باستخدام السلاح الناري فقط في حال الدفاع عن النفس أو الآخرين من خطر محدق، ووفق قواعد التناسب وفق ما أقرته المعايير الدولية.
وأكد المركز أن عدم وجود سيارات إسعاف في مكان العملية الأمنية وفق ما يستنتج من شهود العيان، مؤشر خطير على إهمال واضح في توفير تدابير السلامة من قبل قوات الأمن، ويمثل إخفاقاً واضحاً للجهات المسؤولة عن العملية، يستوجب المساءلة، داعيا النيابة العامة لفتح تحقيق في الحادث وإعلان النتائج على الملأ.