فلسطين المحتلة - قدس الإخبارية: “نزعوا عني حجابي قسرا، وضعت منشفة بسرعة على رأسي ثم غالبني البكاء”، بصوت محشرج يملؤه القهر تحدثت هنادي حلواني ”أم محمود” عن ذكرياتها في سجن الرملة الذي باتت فيه ليلتها الأولى بعد اعتقالها في الثالث والعشرين من الشهر الماضي. حيث نُزع عنها حجابها بالقوة في إحدى غرف السجن.
سجل اعتقال الحلواني الأخير "يوبيلا نحاسياً"؛ فهو الخامس عشر ضمن اعتقالات عديدة من داخل المسجد الأقصى وعلى أبوابه، وحتى من شوارع القدس، ولكن هذه المرة اقتحمت عناصر من جيش الاحتلال ومخابراته بيتها صباحا في وادي الجوز، ثم شرعوا بالضرب على أبواب بيوت جيرانها باحثين عن بيتها، ومهددين بكسر الأبواب. الحلواني لحسن حظها لم تكن في بيتها ولكن تلك العناصر توجهت فورا إلى مكان عمل زوجها وسلمته قرارا باستدعاء زوجته وتهديده بإعادة اقتحام بيته في حال عدم مثولها أمام التحقيق.
ساعات طويلة في التحقيق
جلست هنادي الحلواني على كرسي لحوالي سبع ساعات متواصلة. -ولك أن تتخيل قارئنا- مدى التعب والضغط النفسي الذي تعرضت له إمرأة يتناوب على التحقيق معها عدة محققين لفترة متواصلة. حدث هذا بعد أن توجهت الحلواني إلى مركز المسكوبية امتثالا لقرار الاستدعاء، حيث تعرضت قبل دخولها ما يسمى بغرف رقم”4″ إلى تفتيش عارٍ ومذل. دار التحقيق معها حول تقديمها خدمات لتنظيم محظور.
تقول هنادي عن تلك المرحلة: ”تم التحقيق معي بموافقة من مستشار دولة الاحتلال، كانت صوري على هواتف المحققين الشخصية، وتركز تحقيقهم على نشاطاتي داخل المسجد الأقصى وحوله".
لم يتورع أحد المحققين من مصارحة الحلواني بحقيقة اعتقالها هذا قائلا: ”كلمتك مسموعة وشعبيتك عالمية ونشاطك لا يتوقف بإبعادك عن المسجد لكننا سنعمل على إسكاتك بطرقنا الخاصة”.
يومان ونصف بدون ماء!
لبثت أم محمود أيامها الستة في سجن الرملة داخل قسم للأسيرات الجنائيات-اللواتي اعتقلن على خلفية جنح قتل أو مخدرات وسرقة-. الغرفة هناك كانت قذرة ونتنة –على حد تعبيرها- تملؤها الحشرات وتفتقر للنظافة، كانت تسمع على مدار اليوم شتائم نابية وسبا متواصلا لله عز وجل والدين الإسلامي من السجينات وحارسات القسم، حتى انها كانت تحاول إغلاق أذنيها كي لا تسمع هذا الكم الهائل من الشتائم المتعمدة. “كانوا يدخلون الشاي والقهوة إلى السجينات ويمنعونها عني، وحين طلبت منهم إعطائي ردوا بأني ”ممنوعة”، تقول هنادي الحلواني، وتضيف أيضا: ”ليومين ونصف لم أشرب الماء أبدا، منعوا عني الماء وكنت أشعر بالغثيان المتواصل”.
العزل الانفرادي
منعت الحلواني في ليلتها الثانية بالسجن من ارتداء جلبابها، وحين رفضت خلعه؛ عوقبت بتحويلها إلى العزل الانفرادي، إلى غرفة صغيرة جدا وحمام أرضي بدون ماء. تقول إن حارسات الغرفة كن يرفضن الاستجابة لندائها إلا حين تتحدث اللغة العبرية فقط، "قضيت فترة سجني بقراءة القرآن والصيام، شعرت أنني أقرب إلى الله عز وجل"، بهذه الكلمات عبرت الحلواني عن معاناتها وعن قضائها فترة سجنها صائمة، فالطعام أصلا كان رديئا والماء بدا شحيحا جدا.
لم تنته معاناة الحلواني إلى هذا الحد فقط، فـ”البوسطة”- سيارة نقل السجناء- معاناة أخرى بحد ذاتها، فقد حوّلت ثلاث مرات خلال فترة سجنها إلى المحكمة وكانت تنقل بواسطة “بوسطة” وهي عبارة عن سيارة مظلمة وضيقة يعلوها شباك صغير مقفل على الدوام، تتواجد بها من الساعة الخامسة فجرا حتى حين انعقاد المحكمة ظهرا، وتقيد معصميها وقدميها سلاسل من حديد، تصف ألمهم فتقول: ”بقيت مقيدة لأكثر من 13 ساعة متواصلة، وحتى حين أصل غرفة السجن ويفك قيدي يلازمني الألم وأشعر أن عظامي تحترق”.
“بعدك بدك تضحي؟”
أفرج عن هنادي الحلواني في التاسع والعشرين من الشهر الماضي، بعد تسليمها قرارا بالحبس المنزلي لمدة عشرة أيام، مع دفع غرامة بقيمة 1000 شيكل وكفالة بقيمة 8000 شيكل، مع منعها من السفر لمدة شهر كامل، وتحويل ملفها إلى النيابة العامة الإسرائيلية تمهيدا لتقيم لائحة اتهام ضدها، ليس هذا فحسب بل إنها مثلت أمام التحقيق أيضا هي وزوجها الثلاثاء الماضي. يذكر أن الحلواني ممنوعة من دخول المسجد الأقصى حتى أيلول المقبل.
يسألها أحد المحققين أثناء اعتقالها قائلا: ”بعدك بدك تضحي؟ بعد ما اعتقلناك وأبعدناك وقطعنا عنك التأمين الصحي؟”، فترد عليه:” سأضحي لأنكم تستطيعون حرماني من كل شيء إلا رحمة ربي!”.
جمان أبوعرفة-كيوبرس