نقف، نتأمل، ونعلق، وقد نبكي على صورهم تأثراً. لكن هي تبكي حرقة وألماً فقد رأت في لحظة من اللحظات فلذة كبدها ينال الشهادة كمن سبقه من الأسرى، كميسرة أبو حمدية، وأبو ذريع وعرفات وكثيرين.
"أتخيله ليلاً ونهاراً وهو عائدٌ إلى البيت في تابوت!"، قالت والدة الأسير محمد رفيق التاج. محمد وُلد في السابع عشر من اكتوبر عام 1972، وعاش طفولته في السعودية، وحصل على شهادته الثانوية من الأردن حيث كان هناك مع أهله، ثم عاد لأرض الوطن وسكن في طوباس شمالي الضفة الغربية المحتلة. انخرط بالعمل النضالي مبكراً، وعاش ثلاث سنوات مطارداً قبل أن يتم اعتقاله والحكم عليه بالسجن 15 عاماً، أمضى منها 10 أعوام.
رفض ارتداء ملابس السجن وخاض اضراباً عن الطعام لـ 77 يوماً عام 2012 منها ثلاثة ايام عن الماء، لمطالبة إدارة سجون الاحتلال بتقديم العلاج له واعتباره أسيراً عسكرياً. تعرض أثناء الاضراب لإعتداء وحشي على أيدي قوات مصلحة السجون الإسرائيلية، وضرب ضرباً مبرحاً بالهراوات والأيدي، إلى أن فقد وعيه، وأخرج عارياً أمام الأسرى المدنيين.
الوضع الصحي للأسير التاج لا يُبشر بخير أبداً، حسب تعبير والدته. فقد عاني الأسير محمد منذ أكثر من 9 سنوات من مشاكل في الرئة، وقد امتلأت رئتاه بالماء في إحدى المرات بشكل كامل. تقول والدته: "إنه يموت مائة مرة في اليوم ولا أحد يجيبه، فيما نقل آخر مرة إلى مستشفى سجن الرملة الإسرائيلي، وأخبره الطبيب أن حالته ميؤوس منها، ولا علاج له، وأنه سيعيش للأبد ومرافقته الوحيدة "أنبوبة الاكسجين" -نافذته على الحياة".
أم محمد تزور ابنها مرة كل شهر، ولكنها لا تستطيع سماع صوته. تزوره فقط لتراه، ولتلاحظ تلاعب الزمن بتفاصيل وجهه.
وبحسب محامي وزارة الاسرى فادي عبيدات فإن الاسير التاج يعيش مع أنبوبة أكسجين بشكل دائم بعد تعرضه لإهمال صحي منذ عام 2005. حينها كان الأسير محمد قد أصيب بأعراض خطيرة في الرئتين وضيق في التنفس واختناق بسبب انخفاض نسبة الأكسجين في الدم، فيما أشارت والدته إلى أن كلّ ما يحدث له هو نتيجة للتعذيب في التحقيق مدةً تزيد عن الثلاثة شهور في بدايات اعتقاله.
وسبق أن قدمت وزارة الأسرى في رام الله عبر المحامي سليمان شاهين التماساً للمحكمة الإسرائيلية للمطالبة بالإفراج المبكر عنه نظراً لحالته الصحية. ولكن تأجلت جلسة المحكمة إلى موعدٍ غير محدد في البداية، ومن ثم بتت المحكمة في القضية بالسلب، الأمر الذي اعتبرته والدة محمد "قمة في العنصرية".
ودعت والدة الاسير التاج، القيادة الفلسطينية الى التحرك لانقاذ حياة ولدها وحياة الاسرى المرضى الآخرين، "أطالب الرئيس أبو مازن أن يرفع قضيتهم إلى المحكمة الجنائية الدولية".