شبكة قدس الإخبارية

يوم الأسير الفلسطيني.. معطيات وراءها آلاف الحكايات

علا التميمي

قبل تسعة وثلاثين عاماً، وبالتحديد يوم 1741974 أطلق سراح الأسير الفلسطيني محمود بكر حجازي في أول عملية تبادل أسرى بين الفلسطينيين والإحتلال الإسرائيلي. منذ ذلك اليوم أصبح السابع عشر من نيسان يوم الأسير الفلسطيني، وقد تكلل هذا التاريخ العام الماضي بجعله موعداً للإعلان عن خوض الأسرى الفلسطينيين الإضراب المفتوح عن الطعام، والذي استمر 22 يوماً.

تختلف الإحصائيات حول عدد الأسرى داخل معتقلات الاحتلال، خاصة أن قوات الاحتلال تعتقل بشكل يومي، البعض يدخل والآخر يخرج، والحفاظ على رقم دقيق في هذا المجال يبدو أمراً صعباً. ونعرض هنا بعض الأرقام التي نشرها مركز "عدالة" – المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في "إسرائيل"، بعد أن طالب مؤخراً مصلحة السجون الإسرائيلية بكشف تفاصيل وأعداد الأسرى الفلسطينيين في تاريخ 10 نيسان 2013.

بحسب المعطيات التي وفرتها مصلحة السجون الإسرائيلية فقد وصل عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال إلى 4804 أسير، من بينهم 14 امرأة و235 قاصرًا تحت سن الـ18. ومن بين مجمل الأسرى 170 أسيرًا من فلسطينيي الداخل، و177 أسيرًا من سكّان القدس الشرقيّة وأسيران من هضبة الجولان، إلى جانب 536 أسيرًا من قطاع غزّة و4099 من الضفّة الغربيّة.

وبحسب تلك المعطيات، فإن من بين الـ4804 أسيراً، هناك 1224 أسيرًا موقوفًا حتى استكمال الإجراءات القانونيّة ضده، و159 معتقلاً إداريًا و546 أسيرًا محكومًا بالسجنِ المؤبد (من بينهم 18 من فلسطينيين الداخل، 27 من القدس، و455 من الضفة)، و3173 أسيرًا محكومين لفترات زمنية متفاوتة.

تاريخ الاعتقالات

بالعودة إلى تاريخ الإعتقالات، نجد أن أكثر من 20% من الفلسطينيين القاطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة قد جرب الأسر والمعتقلات، حيث يقدر عدد حالات الإعتقال منذ العام 1967 بـ 800 ألف حالة، بينما لا توجد أرقام مؤكدة عن أعداد الاعتقالات منذ العام 1948. إلا أنه يمكننا اعتبار هذا الرقم مؤشراً على واحدة من أكبر عمليات الإعتقال المستمرة في التاريخ الحديث. يقدر عدد حالات الإعتقال اليومي منذ أيام والإنتفاضة الأولى، ومروراً بالانتفاضة الثانية وحتى يومنا هذا ب 10-30 حالة اعتقال يومية، وهي نسبة عالية مقارنة بالأيام والسنوات التي سبقت الإنتفاضة الأولى.

الحكاية المنسية واتفاقية أوسلو

عند الحديث عن يوم الأسير وتجارب الإعتقال الفلسطينية لا بد من التذكير والعمل على إنهاء قضية ومعاناة ما يعرف باسم الأسرى القدامى، حيث أن مصطلح الأسرى القدامى يطلق على الأسرى الفلسطينيين والعرب المحتجزين في السجون الإسرائيلية منذ ما قبل توقيع اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية عام 1993.

وقد قال عبد الناصر فراونة، مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين، في بيان أصدره عشية يوم الأسير إن هناك 105 أسير من قدامى الأسرى، وأن عمداء الأسرى منهم وهو مصطلح يُطلق على من مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عامًا قد بلغ عددهم 77 أسيراً، فيما يطلق مصطلح جنرالات الصبر على من مضى على اعتقالهم ربع قرن وما يزيد قد وصل عددهم 25 أسيراً حتى مطلع نيسان الجاري. وهؤلاء الأسرى القدامى ترفض "إسرائيل" الإفراج عنهم بحجة أن أياديهم ملطخة بالدماء، وهم من لم تشملهم أي اتفاقية وقعت مع "إسرائيل" منذ توقيع اتفاق أوسلو.

الأسيرات الفلسطينيات

في أي وطن محتل، لا تأبه قوات الإحتلال بعمر ودين وجنس وانتماء الأسير، وقد اعتقل ما يزيد عن  15.000 امرأة وشابة فلسطينية. وقد حدثت أكبر عملية اعتقالات بحق النساء الفلسطينيات خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، إذ وصل عدد حالات الاعتقال في صفوفهن إلى 3000 أسيرة فلسطينية. أما خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي اندلعت عام 2000، فقد وصل عدد حالات الاعتقال بحق النساء الفلسطينيات إلى ما يقارب 900 امرأة. ومنذ منتصف عام 2009 م تراجع عدد الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال؛ إذ بلغ عددهن 36 أسيرة فلسطينية؛ بعد أن تم الإفراج عن 21 أسيرة فلسطينية، مقابل شريط فيديو سلمته حركة حماس لإسرائيل عن الجندي الإسرائيلي الأسير "جلعاد شاليط" يوم 1/10/2009م.

واستقر هذا العدد خلال عام 2010م، ليعود من جديد إلى التراجع في أعقاب عملية تبادل الأسرى المبرمة بين المجموعات الآسرة للجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" من جهة، والحكومة الإسرائيلية من جهة أخرى، والتي تمت في 18 تشرين الأول عام 2011م؛ حيث أسفرت عن أطلاق سراح 27 أسيرة فلسطينية، وبذلك تقلص عدد الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال الإسرائيلي إلى تسع أسيرات، لم تشملهن صفقة التبادل في المرحلة الأولى، سرعان ما ارتفع هذا العدد باعتقال خمس أسيرات أفرج عن ثلاث أسيرات منهن خلال فترة وجيزة، ليرتفع عدد الأسيرات إلى 11 أسيرة حتى تاريخ 23 كانون الأول 2011. وفي مطلع عام 2012 اعتقلت سلطات الاحتلال 22 امرأة فلسطينية، أفرج عن غالبيتهن بعد أيام من اعتقالهن، كما أفرج عن بعض الأسيرات بعد إنهاء فترة الحكم، ليستقر العدد بتاريخ 17 نيسان 2012 على خمس أسيرات.

ase

الاعتقال الإداري

هو اعتقال يتم بموجبه احتجاز الأسير دون محاكمة ودون إعطاء الأسير أو محاميه أي مجال للدفاع بسبب عدم وجود أدلة إدانة واستناد قرارات الاعتقال الإداري إلى ما يسمى "الملف السري" الذي تقدمه أجهزة المخابرات الإسرائيلية. وتتراوح أحكام الاعتقال الإداري ما بين شهر حتى 6 شهور يصدرها القادة العسكريون في المناطق الفلسطينية المحتلة بشكل تعسفي مستندين إلى العديد من الأوامر العسكرية المتعلقة بالخصوص، وهي أحكام قابلة للتجديد.

حسب مؤسسة بيتسليم الإسرائيلية فقد اعتقلت "إسرائيل" في شهر آذار/ مارس 2012، 320 فلسطينيًا اعتقالا إدارياً. فيما اعتقلت إداريًا، وعلى مرّ السنين، آلاف الفلسطينيين لفترات تراوحت بين عدة شهور وعدة سنوات. وقد سُجّل أعلى عدد من المعتقلين الإداريين في أثناء الانتفاضة الأولى. ففي الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر 1989، كان 1,794 فلسطينيًا معتقلين اعتقالا إداريًا.

وفي ذات السياق، أشار فراونة إلى أن سلطات الاحتلال أصدرت منذ العام 1967 أكثر من خمسين ألف قرار بالاعتقال الإدارى (ما بين قرار جديد أو تجديد الاعتقال الإداري) منهم 23 ألف قرار منذ بدء انتفاضة الأقصى عام 2000.

الأسرى المرضى

وكشف فروانة بأن عدد الأسرى الفلسطينيين المرضى فى السجون والمعتقلات الإسرائيلية بلغ نحو 1200 أسير يعانون من أمراض مختلفة، بينهم 170 أسيراً بحاجة إلى عمليات عاجلة وضرورية، و 85 أسيراً يعانون من إعاقات مختلفة (جسدية وذهنية ونفسية وحسية)، و16 أسيراً مقيمين بشكل دائم في مستشفى سجن الرملة، و 24 أسيرًا مصابين بمرض السرطان.

باستشهاد كل من عرفات جرادات وميسرة أبو حمدية عام 2013 يدرك الجميع أن تجربة الإعتقال والأسر والمكوث في مراكز التحقيق هي من أكثر من مجرد قصة تروى للتاريخ وللتقارير الصحفية والأبحاث الأكاديمية...كما يقول خالد أحد أبطال رواية شرق المتوسط " يا من تسمعون " نحن الآن في منازل البلوى وقبور الأحياء وتجربة الصديق وشماتة الأعداء, فاصبروا لأن الحق معنا والشعب معنا والله معنا".