رام الله – خاص قُدس الإخبارية: بابتسامة لا تغيب وكلام متقطع وأسلوب حديث خجول لكن يشوبه الإصرار والحماسة، استقبلنا الفتى الجريح قيس شجاعية (16عامًا) من بلدة دير جرير شرق رام الله، ليحدثنا عن رحلته مع الاصابة والاعتقال والمعاناة.
يعود قيس إلى يوم اصابته واعتقاله، مستذكرا خروجه من المنزل قاصدًا مدخل مدينة البيرة الشمالي حيث "مستوطنة بيت إيل" التي تحولت منذ انطلاقة الانتفاضة الشهر الماضي إلى نقطة تماس ساخنة.
[caption id="attachment_78725" align="aligncenter" width="600"] لحظة إصابة قيس بالمواجهات قرب مستوطنة "بيت إيل"[/caption]يقول لـ قُدس الإخبارية، "كنت متقدمًا في الشارع أمام المستوطنة عندما أصبت برصاصة من نوع "روجر" في قدمي، مشيت خطوتين وشعرت بانفجارها فوقعت على الأرض، حينها أتى المسعفون بسرعة ليحاولوا انقاذي، لكن جنود الاحتلال كانوا أسرع منهم، فاختطفوني من على الأرض ومنعوهم من الاقتراب، وسط صراخ شديد وشتائم وضرب".
وعلى وجع إصابته؛ انهال جنود الاحتلال على قيس بالضرب بشدة طوال الطريق باتجاه النقطة العسكرية، وهناك أغلق جندي الباب بقوة على قدمه المصابة متسببا بآلام شديدة.
مرت ثلاث ساعات فيما قيس ملقى عند "حاوية" للقمامة على الحاجز، يتلقى الشتائم والضربات والاهانات، ورغم ما فيه من الم لكنه يقول عن إحساسه لحظتها، "مش فارقة معاي".
وأوضح قيس لـ قُدس الإخبارية، أن سيارة إسعاف وصلت بعد ذلك ونقلته إلى مستشفى هداسا في العيساوية بالقدس المحتلة، ليتبين بعد الفحص صعوبة وضعه الصحي، وينقل إلى مستشفى هداسا عين كارم.
ويضيف، "في الطريق إلى المستشفى أخرج أحد الجنود هاتفه الخليوي وعرض علي تقريرا لمراسل تلفزيون فلسطين علي دار علي، تظهر فيه صورتي وأنا مصاب على الأرض، وقال لي "خذ شوف كيف كنت!، لقد أراد تحطيم معنوياتي".
قضى قيس في مشفى "هداسا عين كارم" 15 يومًا، أجريت لها خلالها عملية لزرع بلاتين في قدمه اليمنى، وهو مكبل اليدين والقدمين وبحراسة مشددة من شرطة الاحتلال.
وتعرض خلال ذلك للتحقيق لساعات طويلة، لكنه واجه المحققين بالصمت ورفض التعاطي مع التهم الموجهة له، قبل أن ينقل إلى السجن، حيث دفعه عناصر وحدة "النحشون" المختصة بحراسة السجون عن كرسيه المتحرك أثناء نقله بسيارة نقل الأسرى "البوسطة" فسقط أرضا، ما تسبب بمشادات عنيفة بين الأسرى والوحدة القمعية.
ولم تكن فترة اعتقال قيس قبل الإفراج عنه مقابل كفالة مالية لتنقضي قبل مروره بعيادة سجن الرملة، وهي العيادة التي تعتبرها إدارة سجون الاحتلال مستشفى، غير أنها في الواقع ليست سوى زنازين تعذيب تشهد كل زاوية فيها على آلام الأسرى واختطاف أعمارهم بشكل بطيء.
شاهد قيس هذه الآلام بعينيه وأحسها بكل شعرة فيه خلال ليلتين قضاهما داخل العيادة، فيقول، "المشاهد هناك تتنوع بين أسرى مقطعي الأطراف، أو على كراسي متحركة، واخرين ينهش أجسادهم المرض منذ سنوات".
وأشار إلى حالة الأسير جلال الشراونة الذي قطعت قدمه قبل نحو أسبوعين بعد إصابته برصاص الاحتلال، مبينا، أنه يعاني من الام شديدة نتيجة بتر قدمه وإهمال حالته الصحية المتردية.
ورغم فصول المعاناة المتنوعة بين ساحة المواجهات لحظة إصابته وحتى المعتقل وعيادته المظلمة، إلا أن قيس شجاعية يختم كلامه بالثقة التي بدأ بها كلامه، "مهما صار عادي كرمال الأقصى والحرائر كله بهون"، ويؤكد، "مش فارقه معي".