فلسطين المحتلة-خاص قدس الإخبارية: في ظل اشتداد حدة المواجهات بين الاحتلال الإسرائيلي والشباب الفلسطيني وتزايد جرائم الاحتلال والاعتداء على المقدسات وتشديد الأعمال القمعية ضد المنتفضين الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلة، تكثر التحليلات والقراءات والتساؤلات حول الدور المنشود من فلسطينيي الداخل المحتل عام 1948 في الانتفاضة الحالية وآفاق تطوراته... "شبكة قدس الإخبارية" رصدت آراء بعض النشطاء والمختصين من الداخل المحتل لتفسير هذه التحليلات والإجابة عن تلك التساؤلات.
لقرارات الاحتلال دور
الناشط الشبابي رأفت العوايشة من النقب المحتل أكد على وجود محاولات لدى الشباب للخروج بحراك يليق بمكانة الداخل المحتل في الأوضاع التي يتعرض لها الأهالي في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، على الرغم من المعيقات التي تحاول الحيلولة دون ذلك.
وأوضح العوايشة في حديث لـ قُدس الإخبارية، أنه بالإضافة إلى المشاكل التي عنيناها ابتداءا من الشكل الهيكلي للحراك وبعض المثبطات التي كانت تخرج من هنا وهناك، فإن ممارسات الاحتلال ومضايقاته كان لها دور في إيصال هذا الحراك إلى حالة الفتور هذه، بالإضافة إلى الارتباط المباشر مع مؤسسة الاحتلال كون جميع الشباب يعيشون داخل منظومة الاحتلال والاعتداءات المباشرة التي وجهت لهم، كان لها أيضا دور كبير.
ونفى عوايشة أن يكون لأية جهات سواء حزبية أو قيادات محلية دور في تثبيط عزائم الشباب، ودعوتهم نحو التهدئة في هذه المرحلة، مؤكدا على وجود أنشطة سيتم الكشف عنها قريبا، للرقي بهذا الحراك ورفع قوة حركته.
وقال عوايشة "ما حصل في الأيام الأخيرة من ملاحقات واعتداءات، وقرارات الاحتلال الأخيرة، لن تتمكن من ردع الحراك الشبابي، فقد وصلنا بالحراك اليوم إلى مرحلة لا يمكن التراجع عنها، معتبرا أن الجيل الحالي يختلف عن الأجيال السابقة، وهو مكشوف على كل محاولات التدجين التي تحاول انتهاجها المؤسسة الاسرائيلية ولا يخاف تهديدات الشاباك، وذلك بسبب تراكم الوعي السياسي النابع عن التجربة.
ليس وقت الانتفاضة
من جهته يرى الكاتب والمحلل السياسي نظير مجلي أن حالة الجمود التي تعتري الحراك الشعبي في الداخل المحتل عام 48 مبررة، مفسرا حديثه بالقول "إن الوقت والظرف الحالي لدى فلسطينيي الداخل غير مناسبين لإخراج حراك شعبي واسع في مدن الداخل المحتل، والسبب واضح وصريح وهو غياب البرنامج السياسي الموحد والقيادة الموحدة لدى الجميع الفلسطيني.
وقال مجلي في حديث لـ قُدس الإخبارية، "إن الحراك الشعبي الفلسطيني في الضفة والقدس المحتلتين انطلق بالأساس ردا على الممارسات التي تنفذها "إسرائيل" بحق المقدسات، والاعتداءات اليومية على المسجد الأقصى من قبل المستوطنين وبحماية من شرطة الاحتلال التي كان آخرها تقسيم الأقصى زمانيا تمنع فيه قوات الاحتلال المسلمين من دخوله حتى تفسح المجال للمستوطنين باقتحامه وتدنيسه".
وأوضح مجلي "هذه الممارسات ادت إلى تراكم الغضب لدى الفلسطينيين أجمعهم، لكن عندما قررت حكومة الاحتلال التراجع عن قراراتها بشأن الأقصى خبت حدة هذه الهبة خصوصا في مناطق الـ48 وهذا مردوده إلى إلى إدراك فلسطينيي الداخل إلى أن الوقت الراهن ليس وقت انتفاضة، خوفا من الخروج بقرارات غير مدروسة ولا محسوبة العواقب.
وأوضح مجلي "الشباب الفلسطيني وجميع الأطر الشبابية في الداخل المحتل عام 48 مرتبط ارتباطا أخلاقيا بقيادته السياسية التي صوت لها، وهو لا يمكنه الخروج عن قراراتها، والقيادة السياسية لا ترى في الوقت والظرف القائم ملائمة لإطلاق هبة شعبية واسعة وتفجير الأوضاع على الرغم من مساعي الحكومة الإسرائيلية للوصول إلى هذه النقطة، لتحويل الصراع إلى صراع جهوي بين المجتمع الإسرائيلي ككل والفلسطيني وتمرير مخططاتها، وبالتالي ضياع البوصلة وقتل الهدف من أية هبة شعبية متضامنة مع ما يجري من جرائم في الضفة والقدس".
التراخي موجود ومبرر
وأكد مجلي على وجود تراخي لدى فلسطينيي الداخل تجاه ما يجري في الضفة والقدس، لكت السؤال المطروح هو هل هناك حاجة للانفجار؟ وقال "الهبة التلقائية في الداخل غير مؤيدة لدى الجميع، فهناك قيادة سياسية والحراك الشبابي ملتزم بقرارات تلك القيادة، وهم لن يؤيدوها في الوقت ذاته في أية قرارات غير مدروسة، وسيخرجون ليعبروا عن غضبهم إذا ما اوصلتهم قيادتهم إلى مواصيل غير متصلة بواقعهم الفلسطيني وارتباطهم الأصيل بهذه الأرض".
وأضاف "الداخل الفلسطيني المحتل عام 48 سيخرج إذا وجدت القيادة الفلسطينية الموحدة وتم إنهاء الانقسام، واتفق على برنامج سياسي موحد يسير بهم نحو التحرر وإنهاء الاحتلال، عندها تكون كل خطوة يتخذونها ذخرا استراتيجيا يوصلهم إلى ما تهدف أية هبة غضب شعبية الوصول إليه".
وأكد مجلي أن الظروف التي نعيشها اليوم تختلف عن الظروف التي عشناها إبان الانتفاضة الثانية التي خرج فيها الجمهور الفلسطيني في الداخل إلى كل الشوارع للتعبير عن غضبهم وسقط منهم الكثير من الشهداء، فعندما يدفع هؤلاء الأبطار ثمنا تجاه الوطن يجب علينا أن نستمر في نضالنا وحمايته.
وأشار مجلي إلى وجود حسابات سياسية وأخرى اجتماعية واقتصادية لدى الفلسطيني الذي يعيش في حيفا ويافا وعكا والناصرة، فأية أعمال على سبيل المثال يمكن أن يؤدي إلى الأذى والدمار لن ينخرط بها أحد، لكن إذا ما وجدت الهبات المدروسة ستجد الكل يصطف خلفها ويدعمها ويقدم كل ما يملك تجاهها".
وختم مجلي حديثه بالقول "المجتمع الفلسطيني بالداخل لديه ثقافة نضالية متجذرة، وجيل اليوم داخل المجتمع الفلسطيني هو جيل يعتز بهويته الفلسطينية، ولكن في الوقت ذاته نحن بحاجة لأن ننظم مجتمعنا من كل المناحي، وتنظيم جهودنا الجماعية على المستوى السياسي، الاحتجاجي، الإعلامي، النضالي والدولي بصورة منظمة ومتناسقة مما يحقق إنجازات أكبر وكذلك عمل نوعي على الأرض".