شبكة قدس الإخبارية

ازرع ثورة تحصد وطن

فادي قدري أبو بكر

شهدت الأشهر القليلة المنصرمة تصاعد هجمة الاحتلال على المسجد الأقصى، فتعرض المسجد لاقتحامات متكررة من قبل المستوطنين وتحت حماية قوات الاحتلال، تخللها جولات استفزازية داخل باحات المسجد، وكل هذا على مرأى ومسمع من العالم، دون أن يحرك أي كائن حي ساكناً.

راهن قادة الاحتلال الصهيوني على سُبات الفلسطينيين، وأنهم يستطيعون إنفاذ مخططاتهم التوسعية في الضفة والقدس دون أن يواجهوا أي مشاكل. إلا أن شهر تشرين الأول من العام 2015، سيبقى محفورا في ذاكرة الاحتلال الحزينة، لأنه الشهر الذي خرج فيه جيل الغضب ليسقوا بذور الثورة التي تعاني الجفاف منذ زمن.

سئم أبناء الجيل الجديد من مصطلحات مثل "مفاوضات" "أوسلو" اتفاقيات" "تنسيق أمني " فخرجوا بعد 20 عاماً بنظرية واحدة مفادها  "ازرع ثورة تحصد وطن"، هذه هي السياسة الوحيدة التي يريدون تعميمها، وهذا هو المبدأ الوحيد البسيط الذي هم بحاجة للتمسك به  بعيداً عن أي أيديولوجيات أو أي توجهات معينة.

لقد أثبت شهر تشرين الأول أن الفصائل الوطنية جميعها فشلت فشلاً ذريعاً، لأن هذه أول هبة جماهيرية تخرج من منطلقات فلسطينية خالصة لا علاقة لها بأي أجندة حزبية، وعلى الرغم من محاولات تبني واحتضان هذه الهبة من قبل الفصائل، إلا أنهم فشلوا لأن طيور هذا الجيل يؤمنون بأن الحرية أهم من الخبز!!

جيل غاضب خرج بحجر وسكين وصرخ بأعلى صوته: "كفى للاحتلال.. كفى لزمن القراصنة"، هذا كل ما احتاجته فلسطين حتى يرتعد الصهاينة خوفاً ويعيدون حساباتهم. فلماذا لا تعيد أيضاً الفصائل الوطنية حساباتها وتصغي إلى نداء طيور الحرية؟!

"إسرائيل" تعيش حالة من الخوف والرعب لم نشهد لها مثيلا حتى في عهد الانتفاضات المسلحة، كل هذا بفضل الجيل المفاجأة الذي لا يعرف الانحناء، والذي دفع الاحتلال نحو حالة من الخوف والرعب والتخبط لدى حكومة الاحتلال لا يمكن وصفها، فجنودها يقتلون ويعتدون وينتهكون ويحرقون الأخضر واليابس، لدرجة أنهم يقتلون أبناء شعبهم اعتقاداً بأنهم فلسطينيون، وبالرغم من كل هذه الممارسات الإرهابية والهمجية، يخرج الشبل الفلسطيني الذي يمثل صوت الحرية  ليقول لهم "لا رام الله ولا جنين ولا غزة ولا نابلس ولا الخليل ستركع يا بني إسرائيل".

يخافون من هذا الجيل لأن لا حاضنة له، ففلسطين كلها هي أمه وحاضنته الوحيدة، يخافون من هذا الجيل لأن هبته ذات وتيرة متسارعة، وكأنهم يعملون في خلية نحل لا ملكة لها، يقودها أشباح أو أرواح، لا أحد يدري.

يخافون من عيونهم الغاضبة، من صدورهم العارية، من صراخهم، من وجع أمهاتهم، يخافون حتى من جثث الشهداء، لأن كل شهيد يرتقي يرسل بطاقات دعوة للأحياء منا ليكملوا المشوار، مشوار الحرية.. مشوار تحرير فلسطين!

لطالما آمنت يا أبا عمار بأنه سيخرج جيل يقلب الطاولة على رؤوسهم، وها قد خرج ليعاهدك على مواصلة النضال، ويقول لك بصوت قوي غاضب "ع القدس رايحين شهداء بالملايين" ..

هان نحن نستذكر ما قال محمود درويش في قصيدته  أحمد الزعتر "و أنا الذهاب المستمر إلى البلاد" .. كم يليق بأبناء هذا الجيل هذا الوصف، فعلاً إنهم الذهاب المستمر إلى البلاد.

مع كل صرخة شبل، مع كل نقطة دم فلسطينية تنزف، مع كل جيل متفائل بفجر الحرية، فلسطين تكون أقرب فأقرب إلى الحرية.