فلسطين المحتلة-قدس الإخبارية: رزق الأسير صلاح حسين من بلدة بيت دقو بالقدس المحتلة والمحكوم بالسجن لدى الاحتلال الإسرائيلي (15 عاما) بمولوده البكر والذي اصطلحت العائلة على تسميته "علي"، والذي تخلَق في رحم أمه شيرين عبر نطفة مهربة من أبيه الذي يقبع في سجون الاحتلال منذ العام 2004، ليكون رسالة صريحة للاحتلال الإسرائيلي بأن مسيرة الحياة لن تتوقف عند قضبان سجونه وأدوات غطرسته.
حسين، والذي كان يخطط هو وخطيبته للزواج عام 2001 انكفأت عليه ظروف الحياة ونداء واجب الوطن خلال الانتفاضة الفلسطينية الثالثة ما حال دون زواجهما الذي كان سيتكلل برؤية ابنهما علي، حيث كانت آلة المحتل أسرع مما كانا يخططان له، فوقع في قبضة جنود الاحتلال بعد 3 سنوات من العمل المقاوم.
قصة زواج من خلف القضبان
تعرف حسين على زوجته شيرين من خلال علاقة صداقة وأخوة كانت تربطه بشقيقها رائد نزال من قلقيلية، فكان لهما ما قرراه بخطبتهما لبعضهما، وبعد اعتقاله بعام فكرت العائلة في إجراء مراسم زواج لهما ليعلن عنهما زوجين في حكم الشرع والوطن، لم يجمعهما بيت الزوجية، بل جمعهما ما هو أقدس وأعظم، هو بيت الوطن.
أجرت العائلة لهما مراسم زواج فلسطيني، غاب عنه العريس، غير أن العروس لم تطلب اكثر من ذلك، يحدوها الأمل نحو حياة يبزغ نورها من خلف قضبان المحتل، فسارت حياتهما بين زيارة وأخرى كان الاحتلال ينغص عليهما في معظمها، حتى قررا أن يصنعا من هذه المعاناة حياة جديدة، فكان لهما "علي" مولودهما البكر عبر نطف مهربة من خلف ظهر العدو الإسرائيلي.
يقول موسى حسين شقيق الأسير صلاح "إن الشعور الذي يلف العائلة لا يعرف أحد منها وصفه، رؤية نجل لشقيقنا صلاح كان حلم يراودنا جميعا، الحمد لله الذي تكلل هذا الزواج بهذا الطفل الذي سيظل فينا ما بقي المحتل".
حياة من خلف القضبان
وأضاف "كنا نراقب نموه في بطن أمه، العائلتان كانتا تعدان لهذا اليوم بفارغ الصبر، واليوم كان في استقباله أكثر من 100 شخص من كلا العائلتين، وكنا نتمنى لو كان أبو علي بيننا، ليشاركنا هذه الفرحة العائلة التي لا تحدها حدود، ولكن نعده أن ننقل هذه الفرحة إلى داخل غرفته".
وأوضح شقيق الأسير أنه "على الرغم من علم العائلة بالعقوبات التي يمكن أن تطال الأسير علي وحتى والدته، إلا أنها تصر على إبلاغ العالم كله، ان علي خرج إلى الدنيا وبنفس الطريقة التي خرج فيها العشرات من أطفال الأسرى، وهي سمة فلسطينية خالصة لم ولن تكون من قبل ومن بعد".
وقال "رسالتنا للاحتلال، أنه برغم قيودك وقضبانك، فإن مسيرة الحياة تسير رغم أنفك، ونقول لآلاف الأسرى القابعين خلف قضبان الاحتلال انه رغم عتمة الزنزانة ورغم سياسة الاحتلال في حرمان عشرات الأسرى من رؤية أبنائهم، وحتى في رؤية بصيص أمل لرؤية طفل لهم، إلا أن الأمل باق فينا ولن يزول".
آلاف النطف بانتظار التلقيح
وخلال الأعوام الأربعة الأخيرة، أنجبت 23 زوجة من زوجات الأسرى من ذوي الأحكام العالية 30 طفلاً عن طريق نطف هربها أزواجهن من داخل سجون الاحتلال باستخدام أدوات طبية خاصة، بعد تمريرها خارج السجون مع أهالي الأسرى في أثناء الزيارة، ثم تؤخذ النطف بأسرع وقت ممكن إلى مراكز طبية خاصة متفق معها مسبقا لاستقبالها والحفاظ عليها بأوضاع مناسبة، لتلقح لاحقا بشكل صناعي.
وكانت أولى العمليات الناجحة في العام 2012، لزوجة الأسير عمار الزبن المحكوم 27 مؤبداً و25 عاماً، دلال الزبن، وبعد أن شهدت هذه العملية نجاحا كبيرا أقبلت زوجات الأسرى على الإنجاب بهذه الطريقة، إلى أن بلغ عدد زوجات الأسرى اللواتي أنجبن بهذه الطريقة 23 امرأة.
وما زالت عشرات النطف المهربة التي هربها الأسرى تنتظر التلقيح الصناعي والإخصاب، وهذه الطريقة استطاعت كسر قيد السجان، وبعثت الأمل والتفاؤل لحياة الأسرى وعائلاتهم المحرومين منها منذ سنوات طويلة.
وفي المقابل، تضع سلطات الاحتلال عقبات أمام هذا الابتكار الذي خلق حياة من داخل زنازين الموت، فتحرم سلطات الاحتلال أطفال الأسرى الذين ولدوا من النطف المهربة من إصدار شهادات ميلاد رسمية لهم، لتقضي على أية نية لدى الأسرى الفلسطينيين في تهريب نطفهم.