القدس المحتلة – قُدس الإخبارية: أسبوعان مرا على الانتفاضة الشعبية التي بدأت من القدس وتدحرجت حتى عمت فلسطين بأكملها، وسط تصاعد معاكس في جرائم جيش الاحتلال والمستوطنين، وصمت دولي كامل حتى عن الإدانة أو حتى الإعراب عن القلق من هذا الطرف أو ذاك، ما يشير لتجاهل دولي وعربي غير مسبوق للقضية الفلسطينية.
وفي ظل هذا التجاهل، ومع صعوبة الأوضاع عربيا، واستمرار الانقسام محليا، وفي ظل غياب قيادة وطنية موحدة قادرة على قيادة الانتفاضة وتوجيهها ثم جني ثمارها، تبرز التساؤلات عن سيناريوهات المرحلة المقبلة، وما يمكن أن تمضي الأمور نحوه في قادم الأيام.
الاحتلال عاجز
"لا شيء يمكن أن يمنع هذه الهبة" يقول الخبير في الشؤون اﻹسرائيلية أنطوان شلحت، مضيفا، "العمليات بطابعها الفردي غير الموجه تنظيميا يفقد إسرائيل القدرة على جمع المعلومات الاستخبارية".
وحول اﻹجراءات التي هددت حكومة الاحتلال باتخاذها لإعادة الأمن لجمهورها بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي إحساس 80% منه بفقدان الأمن، بين شلحت، أن السناريوهات المطروحة سيناريوهات أمنية قمعية فقط، ولا مكان للحلول السياسية في تفكير الحكومة، وذلك بدعم من الرأي العام اﻹسرائيلي الذي لا يؤمن بأغلبه بالحلول السياسية.
ويرى شلحت، أن فرض حصار على اﻷحياء العربية في القدس وعزلها، خيار مطروح بقوة على طاولة الحكومة اﻹسرائيلية، لكنه مرة أخرى لن ينجح.
ويضيف، لـ قُدس الإخبارية، أن تزايد العمليات الفردية وتطورها لأشكال جديدة، وانتقالها إلى العمق اﻹسرائيلي يخلق حالة متزايدة من الرعب والهوس في المجتمع، فيما تتطلع "إسرائيل" لإدخال حالة من الرعب إلى المجتمع المقدسي للردع.
ويؤكد وجهة النظر هذه يؤكد الأكاديمي عدنان أبو عامر قائلا، إن نتنياهو "فقد القدرة على المفاجأة"، وسيكرر ذات اﻹجراءات وهي إغلاق القدس، ونشر قوات جديدة من الجيش والشرطة، وزيادة القمع والضرائب وهذا الواقع يعيشه الفلسطيني منذ زمن.
ويرى أبوعامر في حديثه لـ قُدس الإخبارية، أن عمليات اﻹعدام الميداني التي شاهدناها في شوارع القدس، ستفتح الباب واسعا لتصاعد العمليات والمواجهات على كافة نقاط التماس.
من جانبه، يقول الأكاديمي والكاتب أحمد رفيق عوض، إن قوات الاحتلال تحاول فرض "توازن رعب" في القدس، حيث تستهر بالدم الفلسطيني بفرض معادلة قوامها، الأمن الشخصي الفلسطيني، مقابل الأمن الشخصي للمستوطن، مضيفا، "الاشتباه بمحاولة تنفيذ عمليات طعن أو دهس، حجة إسرائيل الجديدة لقتل الفلسطيني".
وكان زعيم تحالف "المعسكر الصهيوني" المعارض الأكبر يتسحاق هرتسوغ دعا إلى إجراءات مشددة لمواجهة الهبة الشعبية، قائلا "يجب شن حرب شعواء على المواقع اﻹسلامية اﻹلكترونية، والتصدي للتحريض على شبكات اﻹنترنت، والغاء الزيارات إلى المسجد الأقصى".
آفاق مغلقة
ويتزامن تصاعد الأحداث مع زيارة للجنة الرباعية كان قد تم الحديث عنها منذ خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة، بهدف تفعيل نشاط هذه اللجنة مجددًا وتحريك العملية السلمية، لكن التصعيد الذي حدث قلل من قيمة هذه الزيارة وفقا لمراقبين.
ويعلق عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير قيس عبد الكريم بالقول، إن جولة الرباعية الدولية التي رفض نتنياهو التعاطي معها، كانت فقط لاستطلاع الرأي والدعوة للتهدئة، ولا أفق لها ولا تحمل أي جديد، مضيفا، أن أي مبادرة سياسية لحل الأزمة يحب أن تضمن كف يد الاحتلال عن الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته.
وتعقيبا على الانتقادات الموجهة لموقف قيادة المنظمة من العدوان اﻹسرائيلي قال أبوليلى، "القيادة جزء من الشعب ويفترض أن تقف معه في وجه الاحتلال، وإنهاء اﻹنقسام من أجل تأمين مقومات الصمود للمقاومة الشعبية".
وأوضح في حديثه لـ قُدس الإخبارية، أن قيادة المنظمة ستعمل في الأيام القادمة على تعجيل الذهاب إلى المحكمة الدولية لمحاكمة الاحتلال على جرائمه، والمسارعة في تنفيذ قرارات المجلس المركزي بمقاطعة "إسرائيل".
من جانبه رأى الكاتب عوض، أن "السلطة تقف على "مفرق طرق، فهي لا تريد التصعيد الذي قد يجر لمواجهة عسكرية مفتوحة، ولا تريد أن تصطدم بالشعب الفلسطيني"، مضيفا لـ قُدس الإخبارية، أن الحكومة اﻹسرائيلية لا تطرح أي نوع من التسوية، وقيادة السلطة تريد توظيف "الهبة الشعبية" للضغط على نتنياهو لتقديم تنازلات.
بدوره يرى أبو عامر، أن السلطة لا تملك اي حلول لمواجهة الشارع الفلسطيني خاصة في القدس المحتلة التي هي خارج سيطرتها، مضيفا، "قيادة السلطة تشعر بالخطر من الهبة الحالية، وتخشى من تأثيرها على علاقتها مع الولايات المتحدة و"إسرائيل"، ولسوء حظها قرار وقف التصعيد ليس بيدها"، وفق تعبيره.