رام الله – خاص قُدس الإخبارية: إلى التصعيد وليس الهدوء، تتجه الأمور في الضفة والقدس المحتلتين منذ أيام، وسط ترقب من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني للخطوات القادمة، وتساؤلات حول ما إذا كان التصعيد الذي يعتبر الأعنف منذ سنوات يعني أن فلسطين قد دخلت انتفاضة جديدة بالفعل، أم أن الأمر مجرد هبة شعبية لا أكثر.
حراك، انتفاضة، موجة ثورية
"لسنا أمام انتفاضة" يقول المحلل السياسي عبد المجيد سويلم، معتبرا، أن ما يجري حراك وتفاعل نشط في وجه الهجمة اﻹسرائيلية على القدس المحتلة، وردة فعل طبيعية في ظل انسداد أفق العملية السياسية.
ويضيف سويلم لـ قُدس الإخبارية، بأنه "يجب أن يتصرف الشعب الفلسطيني بعقلانية وبعد نظر، حيث يحاول الاحتلال جر الأوضاع إلى دوائر العنف بدلا من الحراك السلمي".
ويختلف كليا رأي رئيس الحركة الإسلامية في الداخل المحتل رائد صلاح، الذي يؤكد في تصريح صحافي، أن الانتفاضة قد بدأت فعلا، دون أن يسبقها إعلان من أحد ولا يستطيع أحد أن يتوقع مالاتها.
وجاء موقف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف وسطيا بين هذا وذاك، فقد اعتبر أن المواجهات التي تشهدها الضفة والقدس لم تصل لأن تكون انتفاضة، لكنها قد تتطور لتكون انتفاضة جديدة، مضيفا، "انفلات المستوطنين يتطلب ردعا فلسطينيا، خاصة مع تهرب نتنياهو من مسؤولياته وعرقلته للعملية السياسية".
"الحالة الراهنة يمكن تسميتها بالموجة الثورية، قد تشتعل في فترة وتضعف في فترة أخرى، ولكنها تؤسس لتحولات عميقة في البنية الاجتماعية، لتعالج الضعف التنظيمي والروحية في المجتمع الفلسطيني خلال السنوات الماضية"، يقول علاء الريماوي المختص في الشأن الإسرائيلي لـ قُدس الإخبارية.
ويتوقع الريماوي، أن يستمر الحراك الثوري على الصعيد التنظيمي كما حدث في عملية نابلس التي اكد الاحتلال أن خلية منظمة تقف وراءها، بالإضافة لإطلاق النار على مستوطنتي "بيت إيل" و"بساجوت"، وكذلك على صعيد العمليات الفردية كما حدث في عملية القدس التي نفذها الشهيد مهند الحلبي.
من جانبه، يرى الكاتب خالد عودة الله، أنه من غير المنطق ان نظل طوال الوقت أسرى المقارنات عند كل هبة مع الهبات والانتفاضات السابقة، معتبرا، أن الحركة الحالية إذا ما أحسن تنظيمها فستتحول إلى حالة دائم من اﻹشتباك مع الاحتلال.
ويبين عودة الله لـ قُدس الإخبارية، أن الواقعية تشير إلى عدم وجود أمل بحصد نتائج كبيرة بدون إحداث تغيير في القيادة، واستبدالها بقيادة عضوية من المجتمع تتمثل باللجان الشعبية المشكلة حديثا في القرى، ورسم استراتيجية توسع دائرة الاشتباك من نقاط التماس الضيقة إلى مناطق أوسع، مؤكدا، أنه بدون تغيير في القيادة فإن نتائج الهبة سيتم استثمارها لصالح مشروع التصالح مع الاحتلال، وفق قوله.
السلطة تراقب
ورغم كل هذا التصعيد وعلى نطاق واسع، إلا أن السلطة الفلسطينية ماتزال ملتزمة الصمت ولم تصدر أي موقف رسمي حيال ما يجري، باستثناء دعوة الرئيس محمود عباس للامين العام للامم المتحدة بان كي مون خلال اتصال هاتفي اليوم إلى الإسراع في توفير الحماية للشعب الفلسطيني، قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة.
ودفع هذا الصمت رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى انتقاد الرئيس محمود عباس واتهامه بدعم أعمال المقاومة ضد الاحتلال، كما حمل سياسيون من مختلف الأحزاب السياسية الرئيس المسؤولية الكاملة عن التصعيد الذي يحدث.
ويوضح واصل أبو يوسف لـ قُدس الإخبارية، أن أولوية القيادة الفلسطينية بعد خطاب الرئيس في الأمم المتحدة، تتمثل في تفعيل المطالب المشروعة لشعبنا عل المستوى الدولي، واستعادة الوحدة الوطنية، وتعزيز المقاومة الشعبية لصد التغول الاستيطاني.
فيما يرى عبدالمجيد سويلم أن السلطة لن يكون لها موقف معارض للحراك في حال اتسم بالشكل السلمي والديمقراطي، مضيفا، "خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة، يحرك المشاعر ولكن ليس له علاقة مباشرة بما يجري على الأرض، فالاستيطان والتهويد والعدوان قبل وبعد الخطاب".
من جابنه، يقول علاء الريماوي، إن السلطة الفلسطينية محرجة وتعطي للحراك الشعبي امتدادا بشرط ضمان عدم عودة حماس إلى واجهة المشهد، مضيفا، "كلما زادت الحالة الثورية تجاوزت الجماهير النخبة الحاكمة".
وعلى مستوى حركة فتح، يقول الريماوي إن هناك قرارا في حركة فتح بضرورة الالتحام بالحالة الشعبية، تداركا لسعي بعض الفصائل لإعادة بناء نفسها، وتراجع شعبية الحركة في أوساط المجتمع.
تجدر الإشارة إلى أن الاحتلال قرر اليوم اتخاذ خطوات جديدة لمحاولة قمع الانتفاضة، تمثلت في توسيع الاعتقالات وتسريع تنفيذ قرارات هدم منازل منفذي العمليات الفدائية، وعزل البلدة القديمة في القدس عن بقية الأحياء المقدسية.