فخري أبو دياب-قدس الإخبارية: أهل القدس يصبحون ويمسون كل يوم على معاناة وألم جديد, اقتحامات متتالية من قبل غلاة المتطرفين اليهود وتحرسهم قوات الاحتلال, ولوحظ بالآونة الأخيرة سماح شرطة الاحتلال المتواجدة في باحات المسجد الأقصى لحماية المقتحمين بأداء طقوسهم التلمودية والتغاضي عن استفزازاتهم لمشاعر المسلمين, وحتى التنكيل والإبعاد والسجن لمن يحاول الاعتراض على هذه الممارسات وحتى الاحتجاج اصبحت عقوبته الإبعاد عن المسجد الاقصى لفترات طويلة والسجن والغرامات الباهظة في بعض الاحيان.
وبغية إتاحة الفرصة أمام هؤلاء المقتحمين ليعيثوا به فسادا ولكي لا تضايقهم تكبيرات المرابطات والمرابطين منع الدخول بداية لكل النساء وبعض الرجال, وحجزت بطاقات الهوية لمن سمح له بالدخول, ويتم التنكيل بالمرابطات على الأبواب, ووصل الأمر بسلطات الاحتلال لتهديد المرابطات بهدم منازلهن وملاحقتهن حتى بيوتنهن واستدعاء بعضهن لمراجعة شرطة الاحتلال والتحقيق معهن وفي نفس الوقت نرى سلطات الاحتلال تزيد من مشاريعها ومخططاتها التهويدية في محيط البلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك.
فأشتدت الهجمة على الإنسان والجغرافيا في المدينة المقدسة, بهدف تفريغها وتغيير خارطتها لصالح مشاريعهم ومخططاتهم التهويدية, فالانتهاكات والتعديات والطمس أصاب كل الشواهد والمعالم العربية والإسلامية بشكل كبير فبعد الإجهاز على مقبرة مأمن الله جاء دور مقبرة باب الرحمة وتسارعت الحفريات بالأنفاق وهدم المنازل والاستيلاء على الاراضي والبيوت, وعبرنة أسماء الشوارع وحتى الثقافة والمناهج التعليمية لم تسلم من عبثهم, وتنغيص الحياة على المقدسيين, وبدأ الاحتلال بترسيخ وفرض وجوده وسيطرته على كل شيء بالقدس.
وتعمل سلطات الاحتلال وأذرعها التهويدية الآن على تهيئة محيط المسجد الاقصى للخطوة القادمة بتجهيز المنطقة المحيطة بالمسجد الأقصى وما يسمى بمرافق الهيكل من كنس وأدوات وخدم المعبد وكهنة الهيكل وملابسهم وقرابينهم ليكون جاهزا عند إعطاء الإشارة بالبدء بتنفيذ هدفهم بهدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل الخرافي المزعوم.
ورغم إدراك الساسة والحاخامات في الدولة العبرية بأن الوقت غير مناسب لهذه العملية والخطوة الخطيرة والكبيرة مع أنهم يعلمون أن العمق العربي والاسلامي قد غابت عنه قضية القدس والاقصى وانشغل بأمور انسته وصرفته عن قضية القدس والاقصى رغم أن بعض الحاخامات والسياسيين اليهود يرون أن هذه الفترة قد تكون فرصة لا تعوض للانقضاض على المسجد الآقصى وتغيير طابعة وتهويده بشكل كامل أو تقسيمة على غرار ما حصل في المسجد الابراهيمي في الخليل, ولكن بعض الساسة والحاخامات الرسمية تقول بقي هناك من يزعجنا ويعرقل مشاريعنا وقد يثير علينا بعض العرب والمسلمين ويعيد قضية القدس والاقصى الى عقول وقلوب العرب والمسلمين وعندها قد ندخل في نفق لا ندري كيف الخروج منه وماهي النتائج المترتبة على ذلك.
وهنا وضع الاحتلال خطة لقهر المقدسيين من مرابطين ومرابطات وكل من يساندهم من داخل المدينة المقدسة وخارجها فهو لا يريد لهم أن يلتقطوا أنفاسهم وهذا الاحتلال الذي وضع خططه لادخال اليأس والاحباط وفقدان الثقة وتثبيط قدرات المقدسيين وطاقاتهم ليسلموا بالامر الواقع ويحاول كسر ارادتهم وشوكتهم ويحطم معنوياتهم ليلحق بهم الهزيمة من الداخل, ولكن بفضل الله أن في القدس أهل رباط وعقيدة وهم يعلمون أن الصراع مع الاحتلال الصهيوني هو صراع وجود, فكلما ازداد الاحتلال همجية وشراسة, ازداد أهل القدس يقينا وثباتا وصمودا وإصرارا, لأنهم يعلمون من الله مالا يعلم الاحتلال وأعوانه, وأن العاقبة للمتقين.
ولكن هذه الإجراءات التهويدية والهموم المتراكمة على مدار سنين الاحتلال الطويلة والثقيلة أصبحت تشكل خطرا محدقا على هوية القدس وإرثها الحضاري وواقعها وموروثها العربي والاسلامي, فهم يهودون ويعبرنون كل شيء في المدينة المقدسة ويحفرون تحت الاقصى وهو مهدد بالسقوط وكذلك المنازل والمقابر والأحياء وكل المعالم التي تشهد على عروبة واسلامية القدس, نعم إنهم يهودون تحت الارض وعلى الارض ووصل بهم الامر لتهويد هواء القدس بمشاريعهم التي تزور التاريخ والماضي العربي الاسلامي للمدينة, ويريدون أن يضفوا عليها طابعا مهودا ويصبغوها بتاريخ وحضارة مزورة مهودة لترويج أباطيلهم ورواياتهم التلمودية ويريدون ان يلبسوا المسجد الاقصى المبارك كساءا يهوديا باطلا ومزيفا ويقيموا على انقاضه هيكلهم المزعوم.
إن المتبع لما يحاك من مؤامرات لبيت المقدس وأكناف بيت المقدس يدرك أن االيهود يحاولون تغيير طابع هذه الارض المباركة الطاهرة التي جبلت بدماء الشهداء والعظماء من الامة الاسلامية وكذلك يحاولون نزع اعتراف الامة بدولة الاحتلال عن طريق المساومات والاتفاقيات والمفاوضات وتبادل الاراضي ومعاهدات الاستسلام وهم يتربصون بالقدس ويدبرون ويخططون لضياع البلاد والعباد.
وحيث أن دولة الاحتلال تسير وفق خطط مدروسة ومبرمجة لتغيير واقع المدينة المقدسة لتهويدها وهي تسخر كل امكانياتها الضخمة في سبيل انجاح واتمام مشروعها لجعل القدس مهودة وعاصمة اليهود في العالم, وفي المقابل لا نرى خططا واستراتيجيات مبرمجة لدحض أكاذيبهم ولوقف مشاريعهم ولحماية تراث القدس والحفاظ على ارثها وحضارتها العربية والاسلامية الامن مجموعات وأفراد ومؤسسات نذرت نفسها للدفاع عن القدس والمقدسات نيابة عن الامة جمعاء, وهذا لايكفي أمام آلة البطش والتهويد الضخمة الاسرائيلية , وحيث أن الامر جد خطير في القدس والاحتلال يدبر لها المكائد وينتظر الوقت المناسب للانقضاض على أهم رموزها وسبب أهميتها الدينية والتاريخية, والامة الان في غفلة من أمرها, والاحتلال يراقب ويفحص كل لحظة لاتمام مشروعة.
ولذلك فالأمة دورها كبير ومسؤوليتها عظيمة, فالعمل لنصرة وتحرير مسرى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم واجب شرعي واخلاقي على كل الامة,ومطلوب من الامة موقف جاد وموحد ومسؤول يرتقي الى مستوى وقيمة القدس الدينية والتاريخية, فضياع القدس مسؤولية الامة جمعاء وسيحاسب الله المقصرين يوم لاينفع مال ولابنون.