دعا مؤتمر هرتسليا الثالث عشر، والذى يعد أحد أهم المؤتمرات التى تضع استراتيجية "إسرائيل"، فيما يتعلق برسم السياسات العسكرية والاستراتيجية للصراع العربي الإسرائيلي، إلى ضرورة تأجيج الصراع السنى - الشيعى من خلال السعى فى تشكيل محور سنى من دول المنطقة أساسه دول الخليج، ومصر وتركيا والأردن، ليكون حليفاً لإسرائيل والولايات المتحدة، فى مقابل «محور الشر» الذى تقوده إيران، الذى سيكون بحسب التقسيم الإسرائيلى، محوراً للشيعة.
وأصدر المؤتمر فى نهاية فعالياته، نهاية مارس الماضى، تقريراً يتضمن خلاصة ما توصل إليه من خلال المناقشات الطويلة، التى ترسم الخطوط العريضة للحكومة الإسرائيلية.
ويمثل مؤتمر هرتزيليا ما يمكن أن نسميه بـ«عقل إسرائيل»، حيث تشارك فيه جميع النخب الإسرائيلية، سواء فى الحكم أو فى المعارضة، مدنية أو عسكرية، علمانية أو دينية، للنقاش حول أهم القضايا التى تواجه إسرائيل، وطرح رؤى لكيفية التعامل معها ومواجهتها، وترتيب أولويات إسرائيل لمدة عام كامل.
ورأى المؤتمر أن «نهاية» الأزمة الاقتصادية الكبيرة التى تشهدها مصر غير واضحة، خاصة بعد أن «فقدت مصر معظم مصادر دخلها»، وأشار المؤتمر إلى أن تأجيل الاتفاق على القرض الدولى، بسبب عدم قدرة مصر على الامتثال لشروط القرض القاسية، يضع مصر «على حافة الإفلاس أمام احتياجاتها المتزايدة مقابل الاستهلاك المتزايد بسبب زيادة المواليد»، وتوقع المؤتمر أن تجد «مصر نفسها على حافة المجاعة»، إذا استمرت الأوضاع كذلك، كما أن استمرار الأزمة الاقتصادية ستبعد أكثر احتمالات الوصول لاستقرار اقتصادى واجتماعى.
وفى الشأن السورى، خلص المؤتمر إلى أن «سوريا هى المحور الاستراتيجى الأهم فى هذه الأيام»، وأن «الحرب الأهلية المتصاعدة فيها تفرض تحدياً أمنياً، وسياسياً وإنسانياً لمواطنيها، ولكل جيرانها بمن فيهم إسرائيل، مؤكدا على أن "انهيار سوريا البادى للعيان، والانقسام الطائفى والجغرافى الواضح فيها، سيؤثر على السلامة الإقليمية للبنان والعراق إن لم يكن أكثر من ذلك".
وانتقد المؤتمر ما أسماه سياسة "الاختفاء من أمام العاصفة"، التى اتبعتها "إسرائيل" منذ بداية الاضطرابات فى المنطقة قبل عامين، مشيرا إلى أن "استمرار السلبية الإسرائيلية من شأنه أن يعرض مستقبل إسرائيل للخطر، فى شرق أوسط يتشكل"، وأن "إسرائيل قادرة على إحداث تغيير ويجب أن يكون هذا هو المهمة الأولى للحكومة الجديدة".
ورأى المؤتمر أن هناك بديلاً أمام "إسرائيل" للخروج من البيئة الاستراتيجية المضطربة التى تحيط بها، من خلال العمل مع شركاء إقليميين، وأكد فى تقريره الختامى أن "تدخلات إسرائيل فى التنسيق الدولى والإقليمى فى الشأن السورى، أيضاً الميكانيزم الذى أدى للتفاهم الذى تم التوصل إليه فى أعقاب العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، أوضح أنه من الممكن أن تكون قناة بديلة، حيث يوجد إشارات واضحة لذلك، فى الأزمة السورية، عملت إسرائيل بشكل خلاق مع شركاء دوليين وإقليميين".
وجاء في التقرير النهائي للمؤتمر أن إسرائيل" عملت ولا تزال تعمل مع شركاء إقليميين فى المنطقة، وقد ظهر ذلك فى الحرب الأخيرة على غزة، والتى انتهت باتفاق هدنة طويل الأمد، بوساطة وضمانة مصرية، كما ظهر أيضاً فى الأزمة السورية، بهدف ضمان عدم سقوط الأسلحة غير التقليدية السورية فى يد عناصر "متطرفة".
وأضف التقرير "ليس مطلوب من "إسرائيل" التعامل مع البيئة الاستراتيجية المضطربة فقط، وإنما يتعدى ذلك إلى العمل بصورة بناءة لتشكيل البيئة الإقليمية، حيث أكد المؤتمر أن "إسرائيل" قادرة على استغلال قدراتها فى ذلك.
وتشكيل البيئة الإقليمية من المنظور الإسرائيلى يعنى تقسيم المنطقة لمحورين، «محور سلام»، و«محور شر»، كان قد تم تعريفه سلفاً من قبل الولايات المتحدة بأنه يضم "إيران وسوريا وحزب الله"، إلا أن التوجه الإسرائيلى يبدو فى هذا الأمر أكثر وضوحاً، حيث الحديث عن محور سنى، متحالف مع "إسرائيل" والغرب، ومحور شيعى تتزعمه إيران.