رام الله – قُدس الإخبارية: عقد نادي زدني الثقافي الملتقى الشبابي الفلسطيني الثاني، في مدينة رام الله الموافق 30_3172015، بمشاركة شبابية واسعة من مختلف المناطق الفلسطينية وبحضور العديد من الأكادميين والمثقفين الفلسطينيين.
ويأتي هذا الملتقى امتداداً للملتقى الأول الذي عقد في عام 2012، حيث تقوم فكرة الملتقى المعرفي على خلق مساحة فاعلة من التواصل المعرفي بين شرائح المجتمع الفلسطيني من خلال طرح أهم القضايا المعرفية في الساحة الفلسطينية في بيئة ثقافية مكثفة.
ويهدف الملتقى المعرفي إلى تكثيف تيار الوعي المعرفي والثقافي في الشارع الفلسطيني، وتفعيل التواصل بين المثقف والشاب الفلسطيني، وعرض العديد من المشاريع والمبادرات الشبابية.
يذكر أن الملتقيات التي يعقدها زدني هي بدعم من الشعب الفلسطيني، تضم في فعالياتها الشباب الفلسطيني من النقب وغزة ومدن الضفة والقدس والداخل الفلسطيني؛ ليتجسد التواصل الحقيقي بين الشباب الفلسطيني متجاوزين تقسيم الإحتلال وحدوده للحفاظ على خصوصية الهوية الفلسطينية التي تمثلهم وإغناؤها باجتماعهم وحوارهم الفكري والثقافي والاجتماعي لإذابة الغربة التي يعيشها الوطن بين أجزائه.
ونظم الملتقى لهذا العام على يومين متتالين، اليوم الأول بعنوان: السياسي والاجتماعي فلسطينياً، واليوم الثاني بعنوان: فلسطين في سياق متحول، بالإضافة لعدة موضوعات وعناوين فرعية تم طرحها ونقاشها في جدول أعمال الملتقى. علماً أن الملتقى برعاية إعلامية من شبكة قدس الإخبارية.
وتضمن الملتقى في اليوم الأول عدة محاور مهمة بدأت بمحاضرة مكونة من جزأين يقدمها الباحث في التاريخ الاسلامي والدراسات العربية علي حبيب الله وكان الجزء الأول من المحاضرة بعنوان (منهاج الكتابة التاريخية واسقاطها على التاريخ الفلسطيني).
وركز حبيب الله على ضرورة وجود أدوات تاريخية نستطيع من خلالها تحليل التاريخ الفلسطيني وعلى ضرورة وجود مشروع وطني يتنبى هذا التحليل، كما تطرق الى أهمية وجود معرفة عربية مستقلة بعيداً عن هيمنة الأكاديمية الغربية في تحليل التاريخ الفلسطيني.
وفي الجزء الثاني تحدث حبيب الله عن (التشكيل الاجتماعي والسياسي من أواخر العهد العثماني الى ثورة 1936)، حيث حاول حبيب الله أن يحلل حالة المقاومة لدى الشعب الفلسطيني في هذه الحقبة التاريخية .
ثم تحدث استاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت سميح حمودة في محاضرة (الاسلاميون والاسلام السياسي) حيث انتقد مصطلح الاسلام السياسي على اعتبار انه مصطلح غربي يفصل الدين عن السياسة اما في الاسلام فالسياسة مرتبطة بالدين والاخلاق والاقتصاد وكل شيء ومن هذا المنطلق فانه يجب الحديث عن حركات اسلامية وليس عن اسلام سياسي .
وناقش في ورقتة موقع الحركات الإسلامية ضمن حركة التحرر الوطني الفلسطيني، وتتناول مسألة الهوية الوطنية وعلاقتها بالدين، وتبحث في المرجعية الأيديولوجية لهذه الحركات، والعلاقات التي أقامتها مع المحاور والقوى الإقليمية. كما تدرس الورقة مواقف هذه الحركات من المشروع الوطني الفلسطيني ما قبل اتفاقيات أوسلو، ومواقفها من اتفاق أوسلو؛ وكذلك مواقفها من آفاق حل القضية الفلسطينية، ومن أشكال النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي.
ثم تحدث الاستاذ وسام رفيدي المحاضر في جامعة بيت لحم بمحاضرة عن اليسار الفلسطيني ، حيث تحدث عن نشأة الاحزاب اليسارية في فلسطين، وتحدث عن الازمة التي يتعرض لها الحزب والتي لا يعترف بها البعض حيث تؤثر الاعتقالات على الحزب اضافة الى عدم وجود بنية تنظيمية للحزب وحسب قوله أنه لا يوجد آلية للخروج من الأزمة إلا بإعادة تشكيل حزب يساري موحّد.
وتم اختتام اليوم الاول بحوار بين الاستاذ وسام رفيدي وعلي حبيب الله حول الوضع العربي والاقليمي ليكون مقدمة لورشة العمل حول هذا العنوان .
وأكمل الملتقى أعماله في اليوم الثاني حيث تناول في بدايته محاضرة بعنوان "سنن وقوانين ثورية فلسطينيّة" قدمها باسل الأعرج، حيث ذكر أسباب عدم استمرارية الثورات وفشلها في أرض فلسطين قبل النكبة و الإشارة إلى أن العامل الداخلي هو العامل الحاسم في الثورات يليه العامل الخارجي. منوّهاً أن الإنسان هو أهم عنصر في العامل الداخلي وضرورة الاستقلالية، بالإضافة إلى خلق أكبر جبهة وطنيّة ممكنة وبناء أكبر وأشمل تحالف، فلا نجاح لثورة حقيقية دون بناء تحالفات وطنية قويّة واسعة.
وذكر أن الثورات تتأثر بسابقاتها دائمًا - ثورة البراق التي تأثرت بالثورة الكبرى فتحديد نقاط القوة والضعف وبناء استراتجيات وطرق عمل هي من أهم الدروس. فمثلاً إبان النكبة استطاعت الطبقات الدنيا من الفلاحين والفقراء التنبّه للمشروع الصهيوني قبل القيادات.
تلتها المحاضرة الثانية عن بعد تحت عنوان "الأسطورة كتشكيل للهوية الجمعية" للأستاذ إسماعيل أبو شميس من غزة حيث عرّج على سؤال: لماذا تشكّل الأسطورة الهويّة الجمعيّة لأي شعب؟ وضرب نموذج المسيح المخلّص ونموذج الشخص العبقري هما لبّ الأساطير الشعبيّة وهي نماذج تعيد إظهار نفسها بأشكال جديدة، غير أن النماذج القديمة أشدّ قوّة بمميّزاتها الغريزيّة ومشاهد التضحية الجماعيّة فيها كصلاح الدين والصحابة والخ..
علماً ان أي مجتمع لا يمكنه العيش بلا أساطير (كتجربة أدولف هتلر ومسرحيات فلنر).
وأشار إلى أن نقطة انتقاد المقاومة الفلسطينية يؤدي إلى تفكيك الأسطورة الجمعيّة وعلى الفلسطينيين تعبئة الأساطير بما يناسب الحاجة وخلق أبطال أسطوريين.
وفي الجانب الاقتصادي؛ تحدث عبد الجواد حمايل بمحاضرة (الاقتصاد الفلسطيني وإعادة تشكيل الفرد)، حيث عقد مقارنة بسيطة ما قبل أوسلو وبعدها، حيث اعتمد الدخل الفلسطيني قبل أوسلو على العمالة في إسرائيل (فلسطين التاريخية)، وبعد اتفاق أوسلو الذي تلاه اتفاقية باريس تم ربط الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي بهدف عدم استقلاليته وتشكيل منافسة مع الاقتصاد الإسرائيلي، وتحوّل دخل الفلسطيني من العمالة إلى دخل ثابت لشريحة واسعة في القطاع العالم (السلطة الفلسطينية) والقطاع الخاص الممثل بالمؤسسات الأوروبية.
ونوّه لمقاطعة الإتكاليّة على اقتصاد المحتلّ والمؤسسات الأوروبية حيث يجب على الفلسطيني خلق البديل الأيديولوجي أولًا ومن ثم تطبيقه على أرض الواقع على شكل تعاونيّات فأهمية الاستقلال الاقتصادي وخلق البديل والتحريض على خلق قدرة اقتصادية تؤدي إلى توزيع الثروة الفلسطينية بشكل عادل.
وكان للمبادرات الشبابية نصيب حيث تحدثت المخرجة الفلسطينية روان الضامن عن موقع (ريمكس فلسطين) والتي شاركتنا مبادرتها مباشرة عن بعد وتحدّثت عنها.
تقول روان: قمتُ بإطلاق موقع الكتروني يُسمّى "ريمكس فلسطين"، هذا الموقع متوفر بأربع لغات تتوفّر فيه مواد عن القضية الفلسطينية وخاصة أفلام وثائقية، وما يميّز الموقع وسبب تسميته ريمكس هي القدرة التفاعليّة للمتصفّح حيث باستطاعتنا خلق أفلام جديدة طويلة أو قصيرة من خلال دمج مقاطع من الأفلام الموجودة بالموقع وبالتالي مشاركتها وعرضها لأي شخص على شكل قصة وثائقية جديدة وصحيحة.
واختتم الملتقى مع الأستاذ عمار يوزباشي وحديثه عن أماكن التواجد الفلسطيني في المخيمات والشتات، ومداخلة أخرى للأستاذ أمير أبو قويدر من النقب المحتلّ تحدّث فيها عن تاريخ النقب الفلسطيني وأحداث برافر التي كسرت أصنام الأفكار المسبقة التي نجح المشروع الصهيوني بأدبياته بغرسها في جذور معتقداتنا. مؤكداً أن سكان النقب كانوا دومًا فلسطينيين مهما اختلفت هويّتهم البدويّة، حيث تواجدوا في النقب قبل النكبة بأعداد كبيرة وزرعوا الأرض وأغنوها وبنوا مجتمعات منتجة.
يُشار أن الملتقى كان برعاية إعلامية من شبكة قدس الإخبارية، بالإضافة إلى أن ملتقيات زدني تشكل حلقة وصل لعلاقات شبابية ثقافية، يأمل النادي بتوسيع دائرة الاهتمام الجاد بالقضايا المعرفية لدى الشباب الفلسطيني، وبإيصال الرسالة للشباب بأن بإمكانهم فعل الكثير بتمويل ذاتي وبسيط كذلك؛ ليستطيع الكثير من الشباب الجاد الإلتقاء كل فترة زمنية متى ما أرادوا وبالمواضيع التي هم يريدونها ويرون لها أولوية الطرح والنقاش في مجتمعهم دون الحاجة لوساطة أجنبية وخبراء أجانب كذلك.