شبكة قدس الإخبارية

معاريف: ماذا يقف خلف العلاقات الودية الجديدة بين مصر و"إسرائيل"؟

هيئة التحرير

ترجمات عبرية-قدس الإخبارية: كتب المحلل السياسي المهتم بالشؤون المصرية الإسرائيلية "جاكي خوجي" مقالة تناول فيها العلاقات الودية المعلنة بين القيادتين المصرية والإسرائيلية والتي بدأت رياحها تهب في الآونة الأخيرة منذ تولي رئيس حكومة الاحتلال منصبه منذ حوالي شهرين.

وقال "خوجي" في مطلع مقالته "إن من يتابع العلاقات بين اسرائيل ومصر سيلاحظ الرياح الجديدة التي تهب من هناك في الاسابيع الاخيرة حيث يتم التخطيط لشيء فيما يتعلق بالملف الفلسطيني، خصوصا في ظل مستقبل السلطة الفلسطينية الغامض، حيث قرر المصريون وضع الطعام في فم القدس مع ابتسامة، فالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يريد استعادة مكانة الوسيط في محادثات السلام".

وأضاف "أمام هذه المعطيات، يفرض السؤال القائل ما الذي يقف حقا خلف هذه الريح الودية؟ نفسه، وتلمع الإجابة من بعيد، أن وراء الجهود المصرية يختبيء نداء للخارطة السياسية، فتجد القاهرة في هذه الاثناء نافذة الفرص وهي تخاف من تفويتها، وعهد عباس قد ينتهي خلال سنة أو سنتين بشكل طبيعي".

ويتابع "عباس تجاوز سن الثمانين عاما، وهو لم يعين وريثا له، وبعد ذهابه، سواء بشكل مفاجيء أو بشكل مرتب، ستبدأ صراعات الوراثة، يمكن الآن مشاهدة الاشارات على ذلك، اثنان من الورثة، جبريل الرجوب وخصمه الغزي محمد دحلان، يبذلان جهدا كبيرا لتعزيز سيطرتهما عند الجمهور". دحلان، بتأييد راعيته دولة الامارات، اختار مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، وجند ملايين الدولارات وأقام الجمعيات الخيرية التي تعمل فيها، وهو يحاول ايضا العمل بشكل مشابه في القطاع. الرجوب في المقابل هو رئيس اللجنة الاولمبية في السلطة الفلسطينية. هذه الوظيفة تمنحه الظهور بشكل كبير في اوساط الجمهور الفلسطيني. ومحاولة اخراج اسرائيل من “الفيفا” كانت جزءً من الحملة الانتخابية التي لم تبدأ بشكل رسمي بعد، يقول "خوجي".

ويتابع "هذان الاثنان ليسا المرشحين الوحيدين. يوجد آخرون معروفون أقل لدى الجمهور ومنهم مثلا رئيس المخابرات العامة في السلطة الفلسطينية، ماجد فرج، وهو أحد المقربين من أبو مازن. المسؤول عن محادثات السلام، صائب عريقات، يتم الحديث عنه مؤخرا كمرشح. عريقات يقول “ليست لدي نية كهذه ولا أبذل أي جهد في هذا الاتجاه”، لكنه لا ينفي هذه الامكانية.

ويوضح "المستقبل الغامض للسلطة الفلسطينية ليس هو السبب الوحيد الذي يحرك المصريين، حيث تسلمت القاهرة مؤخرا الرئاسة المؤقتة للجامعة العربية التي مركزها في القاهرة، وهي تمثل بالنسبة للسلطة الفلسطينية المكان الدافيء والغطاء لكل خطواتها الدبلوماسية. كل مبادرة لمحمود عباس – التوجه الى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، التوجه الى الامم المتحدة للاعلان عن انهاء الاحتلال لمناطق عام 1967 – حظيت بدعم وتأييد الجامعة العربية التي تمثل رسميا الحكومات العربية، وهكذا فان اقتراح أبو مازن يتحول الى مبادرة عربية.

وتابع "كانت مصر دائما هي الدولة الاكثر فاعلية في الجامعة العربية، لكن احيانا، ولا سيما قبل الربيع العربي، كان عليها مواجهة المعارضة الداخلية. سوريا كانت متطرفة في كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وصعبت اتخاذ القرارات. ليبيا بقيادة القذافي كانت تتحدث دائما عن ضعف الجامعة العربية، وقبل سقوطه ثلاث سنوات أعلن القذافي تركه الجامعة العربية واتهمها بالعجز، وصب جهوده على افريقيا السوداء.

ويقول "خوجي" إنه "مع دخولهم الى الرئاسة المؤقتة، أقدم المصريون على خطوة حادة في الموضوع الفلسطيني حيث عملوا على حل لجنة المتابعة التي تتكون من 13 عضوا، والتي كان أبو مازن يتوجه إليها من اجل الحصول على الغطاء القانوني لمبادراته في مواجهة حكومة نتنياهو. وبهذا فقد نجحوا في التخلص من قطر، وهي العضو الفعال في اللجنة، التي عملت كراعية لحماس، وضغطت من اجل اتخاذ قرارات متطرفة أكثر. وبدلا من لجنة المتابعة انشأ المصريون مطبخا ضعيفا ومعتدلا يشمل السعودية والمغرب والاردن ومصر والجامعة العربية. وكلها دول مستقرة نسبيا ولها تاريخ في التدخل في الموضوع الفلسطيني ومقبولة على اسرائيل. لجنة الخمسة ستكون المرساة الدافئة لأبو مازن حينما يأتي للحصول على ختم الصلاحية من أشقائه العرب".

اضافة الى ذلك بادر المصريون الى خطوتين دبلوماسيتين تكتيكيتين. في البداية قاموا بتعيين سفير لهم في اسرائيل وهو حازم خيرت، مستشار وزير الخارجية المصري للشؤون القنصلية والطاقم الدبلوماسي. خيرت الذي هو السفير المصري السادس هنا حصل على تجربة كبيرة في الدبلوماسية الاقليمية. فقد كان في السابق وزير بلاده في دمشق، وفي سانت ياغو، عاصمة تشيلي، كمبعوث للجامعة العربية. ويتوقع أن يصل الى مكتبه في تل ابيب في الاسابيع القريبة وبذلك ينهي ثلاث سنوات أديرت فيها السفارة بواسطة الوكلاء فقط، منذ أعادت القاهرة سفيرها من اسرائيل خلال عملية عمود السحاب في غزة.

بعد الاعلان عن السفير الجديد استدعى المصريون المدير العام الجديد لوزارة الخارجية، د. دوري غولد. غولد ذهب في زيارة لبضع ساعات والتقى مع رؤساء وزارة الخارجية المصرية، وبعد عودته الى البلاد مساء 28 حزيران بادر المصريون الى الاعلان في وسائل الاعلام عن الزيارة. فالمصريون يعرفون جيدا الاشكالية الاسرائيلية وقد تعاملوا معها بلباقة. اسرائيل تحب أن تكون محبوبة، وكل تعبير عن العلاقات الطبيعية يتم استقباله بارتياح في القدس.

من خلال استدعاء د. غولد فقد صادت القاهرة ثلاثة عصافير بضربة واحدة. فاضافة الى الرسالة الحميمية التي أوصلتها الى "إسرائيل" مع الأمل بفتح قلب حكومة اسرائيل حول الموضوع الفلسطيني، فقد استغل المصريون مكانة الضيف. فغولد مقرب جدا من رئيس الحكومة نتنياهو الامر الذي يضمن أن كل ما قيل في اللقاء المغلق سيصل مباشرة الى آذان رئيس الحكومة، هذه الميزة قد يستغلها المصريون في المستقبل في اطار جهودهم المتواصلة لتقليص المسافة التي وجدت مع الادارة الامريكية منذ عزل محمد مرسي والاخوان المسلمين.

وزارة الخارجية المصرية تبدي مؤخرا انفتاحا نسبيا على طاقم السفارة الاسرائيلية في القاهرة. وبخلاف فترات مختلفة في الماضي لم يحصلوا فيها على العناوين، فان التوجه الآن الى السفير حاييم كورن وطاقمه في الشؤون الاقتصادية والاعلامية، أفضل. ويمكننا رؤية ثمار هذا اللقاء في نهاية الاسبوع عندما بارك كورن الشعب المصري في شريط فيديو قصير صور بالعربية بمناسبة عيد الفطر.

ويختم "خوجي" بالقول: "ستكون مفاجأة كبرى اذا ما نضجت الخطوة المصرية الى اختراق. في وزارة الخارجية في القدس يرفضون الحديث عن جملة الرسائل التي تصل من القاهرة. وهناك يعرفون بانه في غياب ضوء اخضر من مكتب رئيس الوزراء، فان شيئا لن يتحرك في المسيرة السياسية. حكومة نتنياهو، من جهتها، بعيدة عن تحريك أي مسيرة مع الفلسطينيين. والفصل بين السلطة وغزة، كما يقول مقربو نتنياهو، يضمن اتفاقا جزئيا فقط، او مصاعب عديدة في كل اتفاق مستقبلي".