القدس المحتلة-خاص قدس الإخبارية: عندما قال درويش "إنها كانت تسمى فلسطين"، لعله لم يمر بحواجز الاحتلال وقتها، وعندما صارت تسمى فلسطين وقتها فقط على ما يبدو طلبت منه مجندة إسرائيلية تأشيرة دخوله لفلسطين لتفحصها.. لو أنها بقيت بدون حواجز لما اضطر سمير للانتظار 20 عاما دونما أن ترى عيناه شقيقته المتزوجة في قطاع غزة.
سمير أبو شعبان فلسطيني من قطاع غزة حرم من شقيقته ووالديه بفعل خطوط أخطها احتلال غاصب واتفاقيات فرقت الارواح عن بعضها لأكثر من 20 عاما، إلا أن سمير تمكن أخيرا من معانقة شقيقته، عانق قدسية المكان وروحانيته، فقد كانت ساعة واحدة من أثمن ساعات العمر التي انتظرها سمير وشقيقته رائدة.
[caption id="attachment_71053" align="alignleft" width="400"] حواجز الاحتلال المنتشرة بمحيط القدس المحتلة[/caption]بداية الحكاية..
يروي سمير لـ"شبكة قدس" حكايته بيقول "تغير عنوان هويتي يحرمني زيارتي لأهلي ورؤيتي لهم، في العام 1994 اضطرت وزوجتي للانتقال الى رام الله وذلك بعد معاناتها من أزمة صحية في الرئة بعدما كانت لا تفارق مشفى غزة بسبب الأزمة الدائمة التي أصابتها.
يتابع سمير" طبيعة غزة الجوية رطبة بسبب البحر وتعاني من رطوبة عالية اضطرت زوجتي للانتقال الى رام الله للتأقلم مع الحياة الجبلية هناك فذهبت زوجتي الى رام الله برفقة أبنائي، ثم تقدمت بطلب عدم ممانعة من أجل الذهاب لزوجتي وأبنائي خوفا من تشتت العائلة".
ويكمل سمير" في نفس العام ذهبت الى الاردن من أجل إجراء عملية في الكلية لي عن طريق مطار العريش وبعدها كانت العودة عن طريق مطار بن غوريون الاحتلالي ومن ثم الذهاب الى رام الله".
رحلة الفراق..
[caption id="attachment_71054" align="alignleft" width="400"] الشقيقان أبو شعبان هي انطلقت من غزة وهو انطلق من رام الله ليلتقيان في أكناف القدس والأقصى[/caption]كانت تلك اللحظات هي الفاصلة التي حرمت سمير من رؤية أهله وشقيقته لعشرين عاما؛ كل من يكون فلسطيني يدون في هويته مكان سكنه ؛ وسمير كان من الناس الذي حرمته تلك الخانة في الهوية رؤية أهله؛ يعيش في رام الله وفي الهوية مدونة غزة.
يقول سمير "منعت من التنقل وسجنت وكأني بإقامة جبرية، سجين في حدود الوطن، حرمت من حرية التنقل وظلمني المحتل وظلمتني المدينة التي اقطن بها من ناحية أخرى".
يتابع سمير "حاولت كثيرا أن أذهب لغزة لكن كان هناك خوفا ينتابني من مفارقة أبنائي السبع فخضعت للأمر الواقع، حاولت كثيرا أن أغير مكان سكني لرام الله لأتمكن من الحركة حيث كنت أخشى التنقل بين المدن خوفا من اعتقالي من قبل الاحتلال، الذي كان سيعمل على ترحيلي لغزة ويحرمني أبنالي وزوجتي، فذهبت لكافة المسؤولين وطيلة العشرين عاما لم أترك بابا الا وطرقته لاغير سكني لأتمتع بحريتي لكن دون جدوى".
بعد عشرين عاما، تمكنا بمساعدة أحد أصدقاء ابني ويعمل في الشؤون المدنية فغيرت مكان سكني وكانت زيارتي الأولى لمنطقة أخرى هي يوم حفل تخرج ابنتي من جامعة أبو ديس وكانت بداية لحريتي العام الماضي.
اللقاء المنتظر..
[caption id="attachment_71055" align="alignleft" width="400"] دموع الالم ودموع الوداع تمتزجان، عشرون عاما من الحرمان تلخصت في ساعة واحدة[/caption]جاء شهر رمضان وبدأت التسهيلات بإصدار التصاريح، سمير كان من أولئك المحظوظين الذي حصل على تلك الورقة ليزور المسجد الأقصى للمرة الأولى.
هاتف شقيقته في غزة وكان الهاتف النقال يحمل بشرة سارة وهي أن شقيقته ستحل زائرة على الأقصى يوم الجمعة.
امتلأت الفرحة بقلبه وامتزجت المشاعر وبدأت الاستعدادات؛ كانت الطريقة الوحيدة لتخطيط اللقاء هي الهاتف ومواقع التواصل الاجتماعي التي جعلت البعيد قريبا.
اقترب يوم الجمعة واستعد سمير وانطلق من رام الله واستعدت رائدة بقلب يخفق فرحا لم يخفقه منذ عشرين عاما انطلقا ذلك اليوم نحو حاجز قلنديا وهي في حافلتها انطلقت من غزة.
خفق قلبهما فتلك ساعة واحدة للقاء؛ لقاء سيتوج بفراق مؤلم لم يعلم متى سيكون اللقاء الاخر؛ هو لم ينم في تلك الليلة، فكانت مشاعره متخبطة سيلتقي بروح فارقها منذ عشرين عاما.
عن لحظة اللقاء يتحدث سمير: "عجز لساني عن التعبير فأنا أعانق شقيقتي التي حرمت من عناقها وحنيتها عشرين عاما، حرارة الشوق كانت سائدة في المكان، امتزجت دموع الالم ودموع الوداع، عشرون عاما من الحرمان تلخصت في ساعة واحدة ؛ ساعة حددها المحتل لتلحق رائدة بحافلاتها لتذهب الى غزة مرة أخرى.
يقول سمير عانقتها أمام أجمل وأطهر الأماكن شهدت قبة الصخرة على عناقنا وكانت روحنا تتعانق بروح قدسية المكان.