غزة - خاص قُدس الإخبارية: ما أن تبدأ الإجازة الصيفية حتى تمتلئ الشوارع في الحارات والمفترقات بـ "القلول" (بلورات زجاجية دائرية)، يجتمع حولها أطفال وفتية مخترعين فيها لعبة "المور والمثلث والتبادل بالقرعة".
أطفال خلف الجدار في لعبة "الغميضة" أو "أم التخباية"، وآخرون قد اجتمعوا ليعرض كل منهم مهاراته في لعبة "السبع حجار"، تنادي الأم على صغيرها بينما هو غارق في اللحاق بالعجلة الدوارة راكضًا خلفه صبية آخرون، مشهدُ تغيب عن أنظارنا منذ سنوات بفعل دوران عجلة الزمن.
عنان منصور(18عامًا) من مدينة نابلس، يقول "أشعر بالحنين إلى الزمن الماضي وأشتاق لتلك الألعاب التي كنا نمارسها بشكل جماعي خاصة "الحرجة" أو "الحجلة" (تمارس بالقفز عبر مكعبات رقمية مرسومة على الأرض دون الضغط على الحدود) والغمّاية (يختبئ فيها الجميع فيما يبقى شخص مكلف بالبحث عنهم والتقاطهم جميعًا، لكنها اختفت الآن وأوشكت على الانقراض رغم جماليتها"
وأضاف لـ قدس الإخبارية، "أنه من الجميل لو استعدنا هذه الألعاب، وإلفات الجيل الجديد إليها باعتبارها من التراث الفلسطيني، عن طريق المخيمات الصيفية والنشاطات المقدمة للأطفال".
منى الشوا من غزة تقول، "اشتقنا لممارسة الألعاب الجماعية ودومًا ما أرغب في أن يلعب أبنائي ألعابنا القديمة، لكن للأسف الوقت لا يسعفنا ولسنا كالسابق"، مضيفة "الروح تغيرت".
ويستذكر الأهالي والشبان بعض الألعاب التي لم تعد متواجدة في الشارع الفلسطيني حاليًا، منها ما كان يستحضر ببالنا بعض أمجادنا العربية كلعبة " طاق طاقية "، والتي كان يردد فيها الأطفال اللاعبون " طاق طاق طاقية، تعيش الوحدة العربية، رن رِن يا جرس محمد راكب ع الفرس".
كما تميزن الفتيات قديمًا بألعاب خاصة كلعبتي" فتحت الوردة" وشبرة أمرة"، إضافة إلى لعبتي "شد الحبل" والتي تكون ضمن فريقين، و" نط الحبل" التي تمارس بلاعب واحد أو 3 لاعبين"
فيما يختص بالرياضة، لم يكن أطفالنا قديما لاعبو كرة قدم ماهرون، لكنهم كانوا يصنعون من الطابة ألعابًا جماعية نادرة، كانت تسمى بـ " الطابة " ويلعبون بها لعبة "الصياد" وهي التي يصيد بها ممسك الحركة البقية برمي الكرة عليهم، أو لعبة "عالي وطوط" وهي الصعود لأعلى لتجنب ضربات الكرة".
قيم اختفت
أخصائية علم الاجتماع عروب جملة قالت، إن الألعاب الشعبية القديمة كانت تحمل العديد من القيم، والتي نخاف أن يفتقدها أطفال الجيل الحالي، نظرًا لانشغالهم بالألعاب الالكترونية على الأجهزة كالحواسيب والآيباد.
وأضافت جملة لـ قدس الإخبارية، أن سيكولوجية الطفل تتأثر بالبيئة المحيطة، فالطفل قبل سنوات لم يعد ذاته الآن، نظرًا لاختلاف الوسط المحيط والأدوات التي يتعامل معها، فالطفل منذ ولادته يشاهد الصخب ويلاحظ التعلق بالتكنولوجيا من بيئته".
وأوضحت أن الألعاب الالكترونية تحتوي على العديد من المغريات التي تشد انتباه الجيل الحالي، وتستحوذ على تركيزهم كما أنهم تمنحهم المتعة والتفرد بعدم المعارضة وتضعهم في وسط لعب مشوق وهو ما يفسر منطقيًا ابتعادهم عن الألعاب التقليدية القديمة.
وتحذر عروب من أن تسبب الألعاب الالكترونية الانعزال والانسلاخ الاجتماعي، كما أنها قد تصبح خطرة خاصة إذا تواجدت بوادر للتوحد فأنها تؤثر عليه وتطوره، وقد تتسبب بالانطواء على إثر تفرد الشخص بالجهاز الالكتروني وتطبيقاته التي تفصله عن المحيط الاجتماعي.
وبالحديث عما تتميز به الألعاب الشعبية فهي تشجع روح المبادرة وتعمق الود والحب، كما أنها تعزز التواجد ضمن فريق وتمنح القدرة على حل المشكلات والاعتماد على الذات، مضيفة أنها وسيلة لتفريغ الطاقة الجسدية الكبيرة عند الأطفال في مسارها الصحيح.