شبكة قدس الإخبارية

جاء للأقصى مقاتلاً واستشهد فيه بعد عقود من حراسته

حلا خلايلة

القدس المحتلة – خاص قُدس الإخبارية: لأجل الأقصى جاء قاطعًا مئات الكيلومترات، وفيه عمل وعاش حياته، ثم غادره شهيدًا كما أراد منذ جاء، بعدما مزقت 36 رصاصة جسده لكنها وصلته بالسماء.

الحاج صالح اليماني يمني الأصل، جاء لفلسطين مع جماعة من المقاتلين بهدف الجهاد والاستشهاد في فلسطين إبان احتلال العصابات الصهيونية المنظمة لفلسطين، فوصلها لاجئًا بلا مأوى حتى بلغ القدس، واحتضنته أزقة المسجد الأقصى ليتخذ منها ملجأ للنوم، إلى أن أصبح حارسًا للمسجد وموظفًا فيه.

تزوج اليماني في تلك الفترة من امرأة فلسطينية وأنجب سبعة أبناء وثلاث فتيات، عاش معهم في وقف يعود للخالدي في باب السلسة بالقدس القديمة، إلا أن حياة حارس الأقصى لم يكن لها أن تنتهي بشكل طبيعي في ظل احتلال القدس كاملة، ففي مثل هذا اليوم من عام 1982 كانت خاتمة رحلة اليماني في الأقصى مميزة مثل كل تنتهي رحلات الجنود المخلصين.

ويروي ابنه إياد قائلاً، "كان والدي رجل متدين وكانت رسالته الوحيدة هي حماية الأقصى وتحريره علمنا وربانا على هذا النهج، وقد عمل 33 عاما في حراسة المسجد الأقصى ورغم كبر سنه الا أنه استمر حتى عامه الثالث والستين الذي كان يومه الأخير في المكان الذي عمل من أجله".

ويوضح لـ قُدس الإخبارية، أن مستوطنًا يدعى جوتمان تسلل بتاريخ 11/نيسان/1982 إلى الأقصى عبر أسوار القدس، حتى وصل إلى مغارة داخل قبة الصخرة حاملاً متفجرات يريد وضعها داخل المغارة لتفجير القبة، إلا أن الحاج صالح اكتشف أمره وتدخل مانعًا إياه من ارتكاب جريمته، ثم جره إلى خارج القبة وهو يتلو القرآن الكريم.

ويضيف إياد، أن والده أخرج المستوطن إلى صحن قبة الصخرة وأغلق وقد هم بقتله مستخدمًا سلاح المستوطن، إلا أن رفيقه أبو خليل الأنصاري تدخل محذرًا حتى لا يتم تخليده بهيكل أو تذكار، فرمى اليماني بالسلاح أرضًا، دون أن يعلم أن هذا التصرف سيؤدي لنهايته.

ويبين إياد، "ما إن ألقى والدي السلاح أرضًا حتى حمله المستوطن وأطلق 36 رصاصة اخترقت جسده ودخلت الأبواب لتبقى علامة وذكرى حتى هذه اللحظة".

ترك اليماني خلفه عشرة أبناء أكبرهم سبعة عشر عاما وأصغرهم عامين، كانو يقطنون في وقف الخالدي في باب السلسلة ولم يدفعو أجرة المنزل بعد استشهاد والدهم، وبعد مرور ثمان سنوات على استشهاد اليماني جاءهم أمر من بإخلاء المنزل، رغم وجود اتفاق بعدم طردهم من المنزل بسبب واقعة استشهاد اليماني.

أخلت سلطات الاحتلال المنزل وألقت الأثاث خارجًا، فبدأت العائلة محاولة تعويض خسارتها، ويقول إياد، "كنا قد كبرنا ووعينا، فبدأ شقيقي الأكبر بالعمل لمساعدة والدتي لندفع أجور المنزل الذي استأجرناه"، مضيفا، "عملت والدتي ببيع الملابس لمدة عام التي كانت تحضرها من الأردن للمساعدة في دخل العائلة".

وكان راتب الشهيد الذي كان يبلغ ما يقارب 40 دينار قد توقف منذ استشهاده، ما زاد من سوء أحوال العائلة ماديًا، ومنع أغلب أفراد العائلة من إتمام دراستهم بعد المرحلة الثانوية.