شبكة قدس الإخبارية

محللون: أطراف مختلفة تسعى لإبادة الوجود الفلسطيني بسوريا

هدى عامر

غزة - خاص قدس الإخبارية: "لا تُبقي ولا تذر" هذه العاصفة السياسية التي تستهدف مخيم اليرموك في العاصمة السورية دمشق، حيث تتفق الهجمات والضربات في توحيد طريق اتجاهها فوق رؤوس اللاجئين الفلسطينيين هناك، بدءًا من الحصار المفروض عليه منذ سنوات ووصولًا إلى القصف بالبراميل والقتل والترحيل.

الأهالي في غزة خرجوا بالآلاف تضامنًا مع لاجئي مخيم اليرموك منددين بالهجمات على الفلسطيني أينما حل، وللدعوة إلى تحييد المخيم والعمل الجاد على ضرورة تقديم الإغاثة الإنسانية العاجلة والتحرك الدبلوماسي والفصائلي واتصالات رئاسية للعمل على إيجاد حل فعلي لتجنيب الفلسطيني لعنة الصراعات الدائرة في سوريا كونه ليس طرفًا فيها.

كما تعالت الدعوات من فصائل فلسطينية وبيانات عن قيادات وطنية تطالب المؤسسات الحقوقية والسلطة الفلسطينية بالتدخل لحل الأوضاع في المخيم، فالاتحاد العالمي للعلماء المسلمين طالب بحملة إعلامية اغاثية كبيرة لليرموك.

وطالب القيادي في حركة فتح زكريا الأغا في بيان له اليوم، الدول الداعمة للجماعات المسلحة داخل المخيم والدول ذات التأثير عليهم بالضغط عليهم لوقف القتال والخروج من مخيم اليرموك، وإعادة الهدوء للمخيم، مؤكدًا أن الفلسطينيين لا يتدخلون في الصراع الدائر في سوريا، والجماعات المسلحة هي التي تسعى إلى زج المخيمات في الصراع، لتحقيق أهداف الدول التي تدعمها في ضرب المخيمات، وحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم.

حركة حماس أكدت في بيان لها، أن تحركات يجريها رئيس المكتب السياسي خالد مشعل مع شخصيات سورية وفلسطينية ودولية لإخراج المخيم من دائرة الصراع ووقف نزيف الدم الفلسطيني من عدة أطراف.

الفلسطينيون متضامنون روحًا ووجدانًا، فالمئات أكدوا أنهم على استعداد لاستقبال اللاجئين في بيوتهم لتجنبهم ويلات الصراع ، مؤكدين أنه لا يشعر بوجع الفلسطيني إلا من ذاق وجعه المماثل من دمه الواحد ووطنه الواحد.

الشابة الناشطة فاطمة دياب قالت "إن مخيم اليرموك في دعواتنا وصلواتنا وهذا أقل ما يمكننا أمام العجز عن التحرك بشكل رسمي" مضيفة، "أن الوقوف والتضامن ورفع أصواتنا تجاه الظلم والوضع الكارثي باليرموك"، فيما اعتبر الناشط عبد الله عبيد أن سقوط اليرموك يعني سقوط ما تبقى من قضية اللاجئين الفلسطينيين في سوريا وبالتالي هو سقوط لنا جميعا ولكرامتنا الإنسانية، مضيفًا أننا بتنا نحتار على أي وجع للفلسطيني نذكر الألم.

الستيني عبدو الريس قال "عندما سمعت باعتداء تنظيم الدولة على مخيم اليرموك أيقنت أن الفلسطيني لا بواكي له وأن العالم ما زال يسترخص دمنا المستباح وأن داعش هو مرض العصر وذرائع الدول في تنفيذ مخططاتها"، مطالبًا منظمة التحرير بالتدخل العاجل لحل أزمة المخيم.

مؤامرة للقضاء

وأكد محللان سياسيان أن الأوضاع في مخيم اليرموك ناتجة عن صراع أطراف متصارعة على في سوريا تلتقي مصالحهم المختلفة في هدفٍ واحد يتمثل في القضاء على الوجود الفلسطيني في سوريا وبالتالي اسقاط أي استحقاقات للاجئين الفلسطينيين هناك والتلاعب في حق العودة.

المحلل السياسي طلال عوكل اعتبر إن الأوضاع في اليرموك خطرة للغاية، حيث أصبح الأمر قضية وجود أو عدمه، وبقاء أقل من 18 ألف لاجئ من أصل 600 لاجئ فلسطيني في كافة مخيمات اللجوء في سوريا، مؤكدًا، أن أزمة اليرموك الحالية ستنتقل إلى المخيمات الأخرى.

وقال، إن العملية الحالية ترفع شعار تدمير مخيم اليرموك وهو ما يتم الآن، من قتل وتجويع وترحيل ما يتبقى منه، مضيفًا أنه إذا استمر الوضع الحالي – وهو المرجح- فإنه لن يبقى أحدًا ناطقًا من اليرموك.

وأشار عوكل، إلى أن القوى الكبرى المتداخلة برغم اختلاف طبيعتها وصراعها على نظام السلطة والمعارضة وتنظيم الدولة، تشترك جميعها في العداء للوجود الفلسطيني، مضيفًا، أن العملية ليست وليدة الأيام الأخيرة الخمس إنما كانت منذ بداية حصار المخيم من قبل النظام وما تلاه من تدخلات للجبهات المختلفة.

أما المحلل السياسي ناصر الصوير فأكد أنها مؤامرة من قبل كافة الأطراف المتصارعة في سوريا لتحقيق ذات الهدف واستهداف مخيم اليرموك بما فيه من لاجئين فلسطينيين بطريقة وحشية ومجرمة بداية من سياسة التجويع وحتى القتل والاختطاف والترحيل.

واعتبر الصوير، أن تواطؤ الأطراف برغم اختلافها يؤكد الاتفاق على تحقيق مصلحة لكل منهما، مبينًا، أن النية مبيتة للقضاء على آخر الآلاف الذين يشكلون وجودا فلسطينيا في سوريا والعمل على اقحامهم في أزمة ليست لهم فيها باع كذريعة للقضاء عليهم.

وبين، أن تنظيم الدولة لم يكن معنيًا بالسيطرة على مخيم اليرموك خاصة في وضعه الحالي وبعد أحداث العراق مؤخرًا إلا بعد التأكد من وجود مساندين له، مضيفًا، أن النظام السوري يتذرع بوجود تنظيم الدولة للقضاء على مخيم اليرموك وقصفه بالبراميل المتفجرة.

لا أفق

ويرى المحلل الصوير، أن هذه الأزمة ستطول لإنجاح المخطط التآمري على حد وصفه، خاصة في ظل انهماك الدول العربية في عاصفة الحزم، إضافة إلى انشغال الفلسطينيين بالانقسام الداخلي الفلسطيني وقضاياه الداخلية المعيشية.

وتوقع المحللان السياسيان عدم نجاح الجهود الدبلوماسية السياسية التي تقوم بها الفصائل والرئاسة الفلسطينية حاليًا، وأننا لن تتدعى عن كونها دعوات للتحييد بشكل فضفاض، مع الاستمرار الفعلي للتدمير على الأرض.

الصورة قاتمة السواد هي التي تظهر في الأفق، إذا ما استمر الحال كما هو عليه واحتمالية القضاء على مخيم اليرموك وسقوطه تماماً، تبقى الأكبر في ظل المعطيات الحالية والظروف الخطيرة التي يحياها اللاجئون في مخيم اليرموك.