شبكة قدس الإخبارية

جراح الجسد تروي حكاية أحد الناجين من مجرزة المسجد الإبراهيمي

ديالا الريماوي

الخليل - خاص قدس الإخبارية: على نافذة منزله يجلس وينظر صوب مستوطنة "كريات أربع" التي لا تبعد سوى عشرة أمتار عنه، ويشيح بنظره صوب المسجد الإبراهيمي ليعود بذاكرته واحدا وعشرون عاما، عندما بدأت معاناته وتضاعفت.

في 25-2-1994 يستذكر محمد أبو الحلاوة (56 عاما) ذلك اليوم الذي توجه فيه فجرا إلى الحرم الإبراهيمي لأداء صلاة الفجر، متمنيا في كل يوم أن يتغير ذلك المشهد الراسخ بذاكرته في أن تنتهي صلاتهم دون أن تحدث تلك الفاجعة، لكن جراحه التي أصيب بها وأدت إلى إصابته بشلل رباعي تجبر ذاكرته على استرجاع تلك المجزرة كل يوم.

سجين في منزله!

من هنا بدأت الحكاية، إذ لم يقتصر الأمر على بقائه رهين الكرسي المتحرك وإنما أيضا حبيس في منزله، فبعد ارتكاب المستوطن المتطرف باروخ جولدتشاين من مستوطنة "كريات أربع" مجزرة المسجد الإبراهيمي، أغلق الاحتلال الشارع الرئيسي القريب من المستوطنة وتم وضع بوابة على مدخل المنطقة.

يقول أبو الحلاوة لـ"شبكة قدس": "بعد مجزرة المسجد أغلقت إسرائيل شارع "كريات أربع" وهو ما زال مغلقا حتى اليوم، لم يكن يسمح لأي شخص من سكان المنطقة أن يتجاوز البوابة وكان علينا أن نسلك طرقا أخرى من أجل مواصلة حياتنا اليومية".

ونظرا لوضعه الصحي، كان على أبو الحلاوة أن يتوجه يوميا إلى مستشفى الأهلي لتلقي العلاج وإغلاق الطريق شكل صعوبة كبيرة، ما اضطره في كثير من الأحيان التواصل مع أطباء العلاج الطبيعي من أجل قدومهم إلى منزله، وهو ما لم يكن سهلا عليهم.

وأشار إلى أن الاحتلال قام بوضع "الشيد" على مدخل منزله، وهو ما زاد من معاناته إذ كان عليه أن يخرج من منزله إلى أقرب منزل يمكن الوصول إليه من أجل تلقي العلاج الطبيعي، ومن أجل تسهيل تنقله قام أحد جيرانه بهدم جزء من الجدار الفاصل بين منزله ومنزل أبو الحلاوة.

وأضاف أبو الحلاوة أن بوابة المستوطنة تقع إلى جهة اليمين من منزله، وعندما كان يسلك الطريق الذي يمر من منازل المستوطنين كانوا يرجمونه بالحجارة.

تصريح شهري لدخول المنزل

كان على أبو الحلاوة البحث عن حل يمكنه من الذهاب والإياب بحرية أكبر، فتوجه إلى الارتباط العسكري قدم طلب لإصدار تصريح شهري يمكّنه من المرور عبر البوابة المقامة على مدخل الشارع الرئيسي القريب من المستوطنة، ولم يتم الموافقة على طلبه حتى قام بشراء سيارة.

وفي الوقت الحالي سمح الاحتلال أيضا لسكان المنطقة من يملك سيارة أن يجتاز البوابة الرئيسية، إذ يملك كل شخص رقما خاصا به يستطيع من خلاله الوصول إلى منطقة سكناه، لكن من لا يملك سيارة ورقما لا يستطيع أن المرور.

لكن رغم ذلك وضع الاحتلال بعض القيود على السكان، إذ لا يسمح لأي شخص كان سواء من يملك سيارة ورقما أن يدخل إلى المنطقة مساء يوم الجمعة، كما لا يستطيع السكان الدخول أو الخروج من المنطقة يوم السبت وأيام العطل اليهودية.

يتمنى أبو الحلاوة أن يصلي كل يوم في المسجد الإبراهيمي، لكن إصابته تحول دون قدرته على الوصول إلى المسجد أو السماح له بتجاوز البوابات الحديدة الالكترونية، لأن عليه أن يجتازها دون الكرسي المتحرك، وإذا أراد أن يحمله أحد أبنائه سيكون من الصعب على الاثنين أن يجتازا البوابة الحديدة.