بعيدة عن الأهل والبيت والولد، قضت الأسيرة الفلسطينية المحررة فداء الشيباني (أم حسن) تسعة أشهر عجاف في سجون الاحتلال الإسرائيلي، رأت فيها من ألوان العذاب والنكال الشيء الكثير.
واستمر العذاب وانتهاك الحقوق من لحظة اعتقالها والتحقيق معها وحتى الإفراج المشروط عنها قبل أيام قليلة وإجبارها على دفع غرامة مالية اعتبرت الأعلى بين الأسرى.
وتجرعت الأسيرة الشيباني وهي زوجة الأسير أحمد الشيباني المحكوم بالسجن المؤبد 3 مرات و10 سنوات إضافية، تجرعت مرارة الاعتقال والإبعاد القسري عن طفليها حسن (16 عاما) ومصطفى (14 عاما) الذين عاشا أياما عصيبة في ظل غياب الأم والأب معا.
[caption id="attachment_61367" align="alignnone" width="600"]
الأسيرة الفلسطينية المحررة فداء الشيباني وابناها حسن ومصطفى[/caption]
إرهاب ممنهج
وعاشت فداء (37 عاما) -وهي من بلدة عرابة قضاء مدينة جنين شمالي الضفة الغربية- منذ اللحظات الأولى للاعتقال كما روت للجزيرة نت إرهابا إسرائيليا ممنهجا، إذ تعرضت للتحقيق الميداني في المنزل لساعات، تخللته عملية تفتيش وعبث بمحتوياته.
ثم اقتيدت إلى حاجز عسكري شمالي مدينة جنين لتقضي أكثر من 4 ساعات في ساحة مكشوفة في ظروف طقس بارد وفي العراء، قبل أن يتم نقلها إلى مركز تحقيق الجلمة بمدينة حيفا داخل فلسطين المحتلة عام 1948 والتحقيق معها لمدة 22 يوما.
وتقول فداء إن الاحتلال أراد عبر التحقيق معها كيل الاتهامات لها أكثر من الاستفسار والحصول على معلومات يبحث عنها، حيث اتهمها بالانتماء إلى حركة الجهاد الإسلامي وإمداد أسراها داخل السجون بالأموال.
تحقيق وانتهاكات
وتضيف الأسيرة المحررة إن اعتقالها رافقه انتهاكات عديدة أبرزها تكبيل اليدين والرجلين بالحديد، وعصب العينين منذ اللحظة الأولى وخلال جلسات التحقيق وأثناء النقل المتكرر للمحكمة عبر ما يعرف بالبوسطة (حافلة نقل الأسرى).
وتؤكد الشيباني أنه لم يصدر أي حكم ضدها طيلة مدة اعتقالها، إلا قبل يوم واحد فقط من الإفراج عنها عبر صفقة تقضي بسجنها 9 أشهر ودفع غرامة قدرها 80 ألف شيكل (الشيكل يعادل 3.8 دولار)، ما يؤكد سعي الاحتلال لابتزازها والضغط عليها وعلى زوجها وعائلتها.
وفي عام 2003 اعتقلت إسرائيل أحمد الشيباني زوج فداء (44 عاما)، ووجهت له تهمة تدبير عملية فدائية في مدينة العفولة داخل فلسطين المحتلة عام 1948 التي قتل وجرح فيها العشرات من الإسرائيليين.
[caption id="attachment_61368" align="alignnone" width="600"]
فداء ووالدتها عقب الافراج عنها من سجون الاحتلال[/caption]
معاناة الأسيرات
وفي المعتقل لم تكن ظروف فداء وزميلاتها الأسيرات أفضل حالا، فالاحتلال يتعمد في معظم الأحيان إرسال سجانين ذكور للعد الصباحي والتفتيش، علاوة على الطعام السيء المقدم وانتشار الجرذان في الكنتين (دكان السجن) والمطبخ.
وحذرت الشيباني من تفاقم معاناة الأسيرات المريضات في ظل عدم توفير الاحتلال أطباء مختصين لهن.
وحذرت كذلك من تصعيد الاحتلال انتهاكاته بحق الأسيرات القاصرات ومحاولة نقلهن إلى جانب السجينات المتهمات والمحكومات بقضايا جنائية.
حنان الأم
ورغم الاعتقال ومرارته، إلا أن فداء حصلت على ما لم تكن تتوقعه وهي خارج المعتقل، إذ تمكنت من زيارة زوجها بعد 4 سنوات من حرمانها من رؤيته، بحجة الرفض الأمني لها ولأبنائها ولعائلتها أيضا.
وعاد للفتى مصطفى الشيباني نجل فداء نصفه الآخر وبعض حنان الأم بعد تحررها، لكنه لم يزل ينتظر والده لتكتمل الأسرة والفرحة.
ويقول مصطفى للجزيرة نت إنه حين اعتقل والده كان في سنته الثالثة وهو لا يعرف ملامحه سوى عن طريق الصور، لكن اعتقال والدته كان له الأثر الكبير عليه وعلى شقيقه حسن، حيث كان غياب الأم والأب معا في غاية القسوة والصعوبة.
[caption id="attachment_61369" align="alignnone" width="600"]
مصطفى نجل فداء كان يبلغ 3 سنوات حينما اعتقل والده[/caption]
والدة فداء
وتابع، أن أمه فداء كانت تخشى عليه تحديدا من قيامه بأي عمل مقاوم ضد الاحتلال الإسرائيلي، خاصة بعد أن شاهد الإرهاب الإسرائيلي الذي رافق عملية اعتقال والدته.
أما الحاجة نداء الشيباني -والدة فداء- فقد واجهت المعاناة ذاتها، بل تضاعفت معاناتها باحتضانها لنجلي ابنتها ورعايتهما طيلة فترة أسرها، حيث تحملت أمراضا ألمت بها وأدت إلى تدهور وضعها الصحي.
وبالإفراج عن الأسيرة فداء الشيباني تبقى 20 أسيرة بينهن 3 قاصرات يواجهن الموت في سجن (هشارون) الإسرائيلي.
المصدر: الجزيرة نت/ عاطف دغلس