غزة – خاص قُدس الإخبارية: يمر 27 / كانون أول بذات الخطى الثقيلة والبطيئة المؤلمة التي مر بها في الأعوام الخمس الماضية، ليسقط على ذاكرة غزة كما سقط في ذاك اليوم حاصدًا (200 شهيدًا).
فبين 27/كانون أول/2008 و 18/كانون ثاني/2009، شن الاحتلال عدوان "الرصاص المصبوب" على قطاع غزة مستخدما أنواع جديدةً من الأسلحة المحرمة دولياً من ضمنها الأسلحة الفسفورية المحرمة دولية والتي تصيب الإنسان بحروق مؤلمة وقاتلة.
وشن الاحتلال عدوانه بعد انتهاء تهدئة دامت ستة أشهر تم التوصل إليها برعاية مصرية في يونيو 2008، حيث خرقت "اسرائيل" التهدئة ولم تلتزم باستحقاقاتها وأهمها رفع الحصار عن قطاع غزة.
واستشهد خلال العدوان الذي كان الأعنف منذ حرب 1967، أكثر من( 1440) فلسطينيا، فيما أصيب ما يقارب (5500) آخر، وألحق جيش الاحتلال دمارا كبيرا بالمساجد والمؤسسات والمرافق العامة.
وسعى الاحتلال من خلال العدوان للقضاء على المقاومة في قطاع غزة ووقف إطلاق صواريخها تجاه المستوطنات، هذا وواصلت المقاومة خلال العدوان الذي أطلقت عليه "حرب الفرقان" وبعده إطلاق الصواريخ، فيما أقر مسؤولون إسرائيليين أن "عملية الرصاص المصبوب" لم تحقق النجاح الذي كانت تسعى إليه سلطات الاحتلال.
وعلق العميد في الاحتياط الإسرائيلي "تسفيكا فوغيل" قائد المنطقة الجنوبية سابقا، قبل شهرين "إن الأحداث الأخيرة أثبتت أننا أخطأنا حين اعتقدنا أن عملية الرصاص المصبوب على غزة حققت نجاحا مبهرا"، مشيرا إلى أن أكثر من 150 صاروخا و150 قذيفة هاون بمعدل 13 صاروخ يتم إطلاقه كل شهر.
المحامي والحقوقي في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان صلاح عبد العاطي بين لـ قدس الإخبارية، أن المؤسسات الحقوقية والإنسانية توثق انتهاكات واعتداءات الاحتلال خلال عدوان "الرصاص المصبوب" وما سبقه من انتهاكات مستمرة، وتعد التقارير وترفعها للجهات المختصة لملاحقة الاحتلال في المحاكم الدولية.
وأضاف عبد العاطي أن المؤسسات الحقوقية تضغط كما يضغط المجتمع الفلسطيني على القيادة السياسية الفلسطينية من أجل التوقيع على مزيد من الاتفاقيات الدولية والانضمام للمزيد من الأجسام الدولية على رأسها اتفاقية روما مؤسسة محكمة الجنايات الدولية.
وأضاف، "يجب أن يتم ذلك حتى نستطيع سنوات طويلة استطاعت خلال سلطات الاحتلال الفلات من العقاب، ومحاكمة قادتها على الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب الفلسطيني وخاصة العدوان الذي كرره ثلاث مرات على غزة".
وأكد أن المنظمات الحقوقية فضحت انتهاكات الاحتلال ورصدتها وزودته لجان التحقيق الدولية بكل الوثائق والأدلة التي تثبت ارتكاب الجيش الإسرائيلي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لافتا إلى أن ذلك لعب دورًا رئيسًا بنجاح حملة مقاطعة الاحتلال اقتصاديا وأكاديميا والثقافي ورياضيا وسياسا كما قاد لاعتراف عدد من الدول بفلسطين.
وأوضح انه يوجد توثيق شامل وكامل عن كل الانتهاكات التي ارتكبها الاحتلال، مشيرا إلى أن الملف الفلسطيني يعد من أكبر الملفات توثيقا حيث يوجد ملفات جادة وشائكة وحالات قصص محددة، وتوثيق لكافة أنماط الانتهاكات من الاغتيال والحصار واستهداف الأطفال والمؤسسات المدنية والعامة والمناطق الدينية والتاريخية، واستخداف الطواقم الصحفية والطبية.
وقال، "ما زال الطريق أمامنا طويل في ردع الاحتلال عن ارتكاب جرائمه التي سيواصل تنفيذها ما دام موجود على الأرض الفلسطينية"، مضيفًا، أن أهم ما يجب أن تقوم به السلطة الفلسطينية الآن هو التوقيع على ميثاق روما حتى تتمكن من إنصاف الفلسطينيين التي ارتكبت بحقهم العديد من المجازر والجرائم، بمعاقبة مرتكبيها.
وأكد أنه يوجد استجابات من المؤسسات والمحاكم الدولية والتي أصبحت تشكل ضغوط على سلطات الاحتلال والتي نلمسها بالاعتراف بدولة فلسطين، إضافة لتوسع حملات المقاطعة في عدد كبير من الدول.
وأشار إلى أن ملاحقة مجرمي الحرب في دولة الاحتلال ما زالت مسيسة وتعاني من إزدواجية الدول في التعامل معها، مضيفا أن المطلوب الآن بناء استراتيجية دولية تقوم على عزل ومقاطعة ومحاسبة الاحتلال من خلال المحاكمات والاتفاقيات الدولية.
وقال إن تأخر السلطة الفلسطينية بالانضمام لميثاق روما التي يتيح لها المجال لملاحقة الاحتلال على جرائمه، هو ما يمارس ضدها من ضغوطات وسياسات أمريكية – إسرائيلية.
وأضاف أنه يوجد بالمقابل ضغوط شعبية وحقوقية وسياسية على القيادة الفلسطينية من أجل الانضمام لميثاق روما ومزيد من الاتفاقيات الدولية، وعلق، "التباطؤ بالانضمام لميثاق روما والأجسام الدولية غير مقبول وغير مفهوم".
يذكر أن مطلب الانضمام لمحكمة العدل الدولية والاتفاقيات الدولية يأتي الآن على رأس المطالب الشعبية والفصائلية الفلسطينية، فيما هدد الرئيس محمود عباس باللجوء لهذه الخطوة في حال رفض أعضاء مجلس الأمن التصويت لصالح قرار إنهاء الاحتلال قبل نهاية عام 2017.