أذكر قديما في بلدتي سلواد أن المصلين كانوا يستعملون أباريق المياه الموجودة خارج متوضأ مسجد "الراس" للوازم الإستنجاء والوضوء، كان مشهد هذه الأباريق جميلا، فكانت مصفوفة على حائط ذاك المتوضأ بالترتيب بألوان مختلفة، فمنها الأحمر والأزرق، والأخضر والأصفر، ومن هنا انطلق مثل شعبي يقول :"مصفطين مثل أباريق الوضو"، وفي استعمال الوضوء هنا هو لتخفيف حدة الوصف، حيث أن هذه الأباريق كانت تستخدم بشكل رئيسي في عملية الإستنجاء.
ما استحضر هذا المشهد في رأسي مؤخرا هو خروج غالبية أعضاء القيادة الفلسطينية للحديث عن المشروع الذي تقدم به الرئيس أبو مازن لمجلس الأمن لتحديد سقف زمني لرفع الاحتلال عن فلسطين، وكانت تصريحات هذه القيادات تقول في مختصرها بأنها لم تعرف ماهية المشروع، ولم يُعرض عليها، ولم تُستشر به، لا بل حذرت من خطورة ثغرات هامة فيه أهمها أن القدس هي عاصمة مشتركة للدولتين الفلسطينية والإسرائيلية.
وهنا بدر إلى ذهني المثل الشعبي "مصفطين مثل أباريق الوضو" مع تعديل فيه ليصبح "مصفطين مثل أباريق الحمامات"، فإذا لم تكونوا على اضطلاع بهذا المشروع المقدم لمجلس الأمن، ماذا كنتم تفعلون باجتماعات القيادة؟ هل فعلا يتم مشاورتكم بها؟ أم انتم مجرد أباريق حمامات!
أسئلة كثيرة تدور في ذهني مثل لماذا لم يقم أعضاء "القيادة" المستنكرين لهذا المشروع على الاستقالة من هذه الاجتماعات وعدم العودة لها مجددا، أليس الأمر جِدَّ خطير؟ هل ما يمنعكم من حضور هذه الاجتماعات مثلا هو قطع رواتب تنظيماتكم!!
اجتماعات "القيادة" الفلسطينية لمن لا يعرفها_إضافة لفتح_ هي عبارة عن خليط من فصائل اليسار الفلسطيني، وبعض الأحزاب المنقرضة شعبيا ولم يبق منها سوى الأمين العام وعامل القهوة الخاص به، وبعض الشخصيات المستقلة التي لم نسمع عنها في حياتنا.
لن أتحدث عن كيفية انتقاء الشخوص التي تجتمع باسم القيادة، ومن خولها بذلك، وما هي المعايير المطلوبة بالشخص لكي يصبح "عضو"، ولكن هؤلاء جميعا مشاركون بهذه المهزلة التي قدمت لمجلس الأمن "كمشروع قرار" فلا يكفي استنكار المشروع والتحجج بعدم دراسته ورؤيته أو الموافقة عليه، استقيلوا أثابتكم القضية.