شبكة قدس الإخبارية

هكذا يستقبل الأسرى أخبار وفاة أحبتهم

هيئة التحرير

الأسير طارق سلمان - سجن رامون

ماذا تعرفون عن الفراق ووداع الأحبة وهم خلف القضبان؟ وماذا تعرفون عن الأسرى وحياتهم؟ تضحياتهم، عذاباتهم، آلامهم، قهرهم، قصصهم؟ لاشيء .. هل تعرفون كيف يصل الأسير خبر وفاة والده أو والدته أو أحد إخوانه؟ هل سألتم أنفسكم  كيف يكون وقع الخبر على الأسير؟ لا أعلم؛ ولكن ربما يقول قائل منكم يعصر الموت عيوننا حزنًا على من فقدنا بأحدى يديه ثم يمد يده الأخرى بمنديل النسيان لنمسح تلك الدموع، ونتابع لهاثنا خلف الحياة متعللين بمن لم نفقده بعد ولا بد للحياة ان تستمر .

تختلف الطرق والأساليب التي يصل بها خبر وفاة ذوي الأسير، منها عن طريق شريط الأخبار على محطة فضائية فلسطين التي كانت مسموحة لنا، حيث يفاجؤ الاسير خلال مشاهدته للتلفاز بخبر يحمل مأساة الوفاة لأحد ذويه كما حصل مع الأسيرين المقدسيين موسى وكايد فطافطة، حيث تفاجأ بأن وزارة الاسرى تتقدم منهما بأحر التعازي والمواساة بوفاة والدهما.

وقد يصل الخبر عن طريق اتصال أحد الأقارب على أحد برامج الأسرى التي تبث على المذياع، ويرسل لك الخبر المفجع بينما كنت تنتظر على أحر من الجمر الأخبار السارة وسماع صوت ذويك، أو أن يصلك الخبر بعد أيام عن طريق زيارة الاهل حيث تصدم بعدم حضور أحدهم والسبب هو انتقاله إلى الرفيق الأعلى، أو أن تبلغك به ما تسمى إدارة مصلحة السجون وبكل بساطة كأنها جملة عادية.

وقد يصلك أيضًا من أهل بلدك خلال زيارتهم لابنهم الأسير مثلك، كما حصل مع الأسير موسى لدادوة من رام الله، حيث تلقى خبر وفاة والده خلال منعه من الزيارة.

وأصعب المواقف، وصول خبر بوفاة أحد أقارب أسير ما، ثم يرسل الأسرى أحد المقربين من رفيقهم، ويكون قليل الخبرة في هذه المواقف، كما حصل مع الأسير طارق العزة عندما توفي والده، حيث ذهب احد الاسرى لكي يخبره وقال له متى آخر مرة رأيت فيها والدك، فقال له منذ يومين، فرد بأنها ستكون الأخيرة لأنه مات، فسط الأسير العزة فاقدًا للوعي!

ويحصل أن يكون الخبر غير صحيح كما حصل مع الأسير جعفر أبو حنانة، حيث وصل الأسرى خبرًا مفاده وفاة والده، وبعد إخباره وتقديم واجب العزاء له تبين عدم صدق الخبر!

ومن أنبل المواقف التي حصلت في جانب الموت، موقف الأسير نصر داود الذي علم بوفاة والده قبل أحد الأعياد بيوم، فامتنع عن أخبار الأسرى حتى لا يفسد بهجة العيد عليهم.

وتتماثل طقوس تقديم واجب العزاء بين السجن وخارجه من اللحظات الأولى، حيث يقف الأسير وبجانبه أصدقاؤه في الساحة، ويبدأ الأسرى واحداً تلو آخر بعناقه وترتيل بعض الكلمات على مسمعه لعلها تصبره في مصابه الجلل، ثم تقدم القهوة والتمر وتقرأ الفاتحة على روح الميت، وتصلى عليه صلاة الجنازة، بعدها يعد بعض الأسرى الغذاء الأخير ويبقون معه طيلة ذلك اليوم لعلهم يساعدونه بتخطي المحنة.

الأسير رامي زهران من رام الله، تلقى خبر وفاة شقيقته الصغرى عند السابعة صباحًا من خاله الذي كان معتقلاً معه، بقي متماسكًا حتى خروج آخر أسير إلى الفوة الصباحية، ثم بدأ بالبكاء حتى خلد للنوم.

بعد عامين اجتمع مع شقيقه محمد في سجن رامون، بعد سنوات من اعتقالهما ورفض إدارة السجون جمعهما معًا، ولأول مرة زارتهما والدتهما معًا وفي لقاء واحد، كانت دعاؤها الوحيد أن تجتمع بهم على مائدة واحدة، وفي الزيارة التالية تعطر الأسيران واستعدا لعانقها والتقاط صورة معها بعد حصولهما على إذن التصوير، لكن كل شيء انتهى عندما أبلغا بإلغاء الزيارة. سأل الأسرى أهل قريتهما بسبب إلغائها فكان الرد بأن والدتهما فارقت الحياة.

بعد ثمانية أشهر توفيت أختهما الكبرى ومعها مولود، بينما كانا ينتظران وصول خبر بخروجها من غرفة العمليات ليتدبرا اتصالاً بها بعد ذلك ويباركا بالمولود الجديد.