لطالما افتخر الأمريكيون بأن بلدهم هي منبر الحرية للشعوب، و لطالما تحدث رؤسائهم عن حق الشعوب بالحرية، و لطالما أُرسلت أساطيل السفن و الطائرات للدفاع عن حرية تلك الشعوب المضطهدة. و الجميع يعلم أن ذلك غير صحيح و لكننا لا نصدق ذلك، و كلما تحدث مسؤولٌ أمريكيٌ عن الحرية و العدالة كلما تسابقت صحفنا و فضائياتنا لتضع هذه الكلمات البرّاقة على عناوينها الرئيسية.
الفاجعة الكبرى التي لن يصدقها معظم الناس مهما بدت منطقية أنه لا أحد سواء كان أوباما أو الحكومات الأمريكية يكترث لما تريده الشعوب، و تحديداً الشعب الفلسطيني. و لطالما كانت تلك التسوية التي تسعى الإدارة الأمريكية أحياناً إنجاحها بدعوى تحقيق السلام مجرد محاولاتٍ لتوفير الحماية للحليف الإستراتيجي إسرائيل بطرق دبلوماسية.
لننظر إلى أبسط الأمور التي رغم بساطتها فهي أدلّة، و أولها دوار "خيخون" و المعروف بدوار "نيسان" في مدينة بيت لحم، و الذي حاولت البلدية إزالة خارطة فلسطين و شجرة الزيتون و استبدالها بتمثالٍ لحمامة السلام، و بغض النظر عن كل تلك الحجج من البلدية و التي لم أقتنع بأيٍ منها، فإن لهذا الحدث رمزيةً عالية، نعم أيها السادة! إنها معركة، تماماً كمعركة الكرامة قبل 45 عاماً، إنها معركة الرموز، العودة و الصمود أم التسوية الأمريكية المسماة "السلام".
لو أراد الأمريكيون حقاً الإستماع لما يريده الشعب الفلسطيني، فليذهب أوباما ليرى الجدار قرب مخيم عايدة، و ليعدد كم قرية فلسطينية هدمت بالكامل و شرّد أهلها خلال السنوات القليلة الماضية جنوب الخليل و في الأغوار الشمالية، و ليتحدث مع أمهات الأسرى المضربين عن الطعام، و ليحاول إحصاء عدد الثقوب التي أحدثتها القذائف الإسرائيلية في جدران بيوتنا، أو على الأقل، كان يجب أن لا نزيل الحفر من الشوارع التي سيمر منها، على الأقل كي يعلم أن لدينا أزمةً ماليةً و أننا لا نستطيع إصلاح حفرةٍ في شارع.
كم نحن مثيرون للشفقة! ليس بفقرنا ولا شقائنا و معاناتنا، بل في تصديقنا لمن لا يجب أن نصدقه.