شبكة قدس الإخبارية

نعم .. المقاومة خذلتكم!

أحمد الدبش
لعِبت بعض النُخبَ العربيَّةِ في العدوانِ على قطاعِ غزةِ، دورَ "أبو الخيرزان" في روايةِ "رجال في الشمس"؛ هذه الشخصيَّةِ التي تم إخصاؤها مع العامِ 1948 بالتحديدِ؛ والذي يعاني من نقصِ الرجولةِ كونه مخصياً نتاج التعذيبِ الذي تعرَّض له. هذه النخب العربيَّة التي عادت لتنهش في لحمِ الشعبِ الفلسطيني في قطاعِ غزة، من أجل مصالحها الضيِّقة، والتي تعالت أصواتها أثناء العدوان الصهيوني لتصب جام غضبها على المقاومة الفلسطينية بسبب موقف أيديولوجي من فصيل فلسطيني بعينه. وقد انطلقت أصواتٌ صهيونيةٍ بلسانٍ عربيٍّ، في بدايةِ العدوانِ، تنهش في جسد المقاومة، قائلة: "إن المقاومة الفلسطينيَّة أعطت المبرر للعدو الصهيوني لشن عدوانه الغاشم على قطاع غزة!"، وإن الدليل على ذلك أسر وإعدام ثلاثة مستوطنين صهاينة في الخليلِ. هذه الأصوات تناست أو كانت تتناسى أن هناك ما يقارب من 6000 أسير فلسطيني في سجون العدو، ويحق لنا كفلسطينيّين تحرير أسرانا بكافة الطرق والوسائل، بما فيها أسر صهاينة، ومبادلتهم بأسرانا. واستطردت هذه الأصوات بأن اتهمت المقاومة الفلسطينيَّة بـ"خرق تفاهمات التهدئة الموقَّعة في مصر عام 2012"، علماً بأن العدو الصهيوني كرَّر خروقاته لهذه التفاهمات عدَّه مرات ولم يلتزم بأي بند من بنودها، ما دفع حركة الجهاد الإسلامي للرد على هذه الخروقات منذ عدَّة أشهر، في عمليَّته الشهيرة "كسر الصمت"، التي استمرت لمدة يوم واحد (12/03/2014) ، تخلَّلها إطلاق 160 صاروخ على المغتصبات الصهيونية، في غلافِ قطاعِ غزةِ، وتدخَّل في حينه الوسيط المصري لتثبيت التهدئة، مقابل التزام العدو بالتفاهمات التي وقع عليها في العام 2012، إلا أن العدو استمر في خرق تفاهمات التهدئة، من حيث "منع الصيّادين من ممارسة الصيد البحري، وتقليص مساحة الصيد المتَّفق عليها، وإعادة المناطق العازلة على حدود قطاع غزة، ومنع المزارعين من ممارسة نشاطهم، وتشديد الحصار على قطاع غزة، واستهداف المدنيين". ولم يكن من بُد للمقاومة الفلسطينيَّة، إلا حماية أبناءِ شعبِنا في قطاعِ غزة، والردِ على العدوانِ. وعندما سقطت هذه الحجَّة لبعض النخب العربية، بحثت نخب عرب الرِدَّة عن أكذوبة أخرى؛ فسوّقوا إلى وسائلِ الإعلامِ المقروءة والمسموعة والمرئيَّة، أن ما يحدث من عدوان، هو "مسرحيَّة بين قوى المقاومة - وبالتحديد حماس - والعدو الصهيوني؛ وأن ما يتم هو إطلاق صواريخ المقاومة على مناطق خالية، والرد الصهيوني كان بقصف مناطق خالية!". وبالرغم من وهن حجَّتهم، التي تبنَاها البعض ممَّن نهش الغباء جمجمته، إلا أنهم صمَّموا عليها، مع العِلم أن المناطق التي يهاجمها العدو، وقيل عنها أراضي خالية، هي أراضي يبحث العدو فيها عن أنفاق ومرابض إطلاق الصواريخ؛ أما قصف المقاومة على أراضي خالية، فهذه أكذوبة أيضاً فهذه الأراضي المستهدفة أماكن تجمع آليات العدو. وبعد عدَّةِ أيامٍ، خرج بعض نخب عرب الردَّة للحديث عن أن "هناك ما يقارب من 2200 شهيد 11000 جريح، و40% من شعبنا في قطاع غزة قد تم تهجيرهم من بيوتهم، وتدمير ما يقارب من 30% من غزة وتدمير البني التحتية!". هذا كلام حق يُراد به باطل؛ فمنذ متى كان عدد الشهداء من جانبنا، وعدد القتلى من جانب العدو مقياس النصر؟! ألم تقرؤوا تواريخَ الثوراِت، وحروبَ التحريرِ السابقةِ للعدوانِ على قطاعِ غزة، في العام 2014؟! وأتساءل هنا: كم سقط في حرب التحرير الجزائرية من الشهداء؟ فقد سقط ما يقارب 1.5 مليون شهيد ، طيلة الصراع مع العدو الفرنسي، وفي يوم واحد سقط 45 ألف شهيد. فهل قالت الثورة الجزائرية لا طاقة لنا بالعدو؟! وهل أعلنت الثورة الجزائرية الهزيمة بسبب أعداد الشهداء والجرحي؟! لا والله؛ فقد استمر الجزائريون يدفعون بالشهداء حتى التحرير. هل سمع هؤلاء المنبطحون أن أعداد القتلى من الشعبِ الفيتنامي في الحرب الفيتنامية، أضعاف ما سقط من قتلى في صفوفِ العدوانِ الأمريكي؛ وفي النهاية انتصرت فيتنام. هنا أكرِّر مقولة زوجة المناضل خضر عدنان، عندما طالبه البعض بكسرِ إضرابهِ عن الطعام؛ فقالت لهم: "لا يفتي قاعد لمقاوم ومجاهد". علاوة على ذلك، انطلقت سهام النخب المسماة بـ"العربية"، لتحاول أن تصيب المقاومة؛ فخرج علينا جهابذة التحليل العسكري، واصفةً الصواريخ الفلسطينية بـ"العبثيَّة". وهنا أود توضيح عده حقائق يجهلها هؤلاء المحللون؛ ألا وهي:- ــ أن طيلة العدوان، اعترف العدو الصهيوني بأن جميع أراضي فلسطين التي تقع تحت الاحتلال أصبحت في مرمى الصواريخ الفلسطينية، وعنونت الصحف الصهيونية افتتاحيتها بالعنوان التالي: "إسرائيل تحت القصف". فمنذ 40 عام لم تتعرَّض المغتصبات الصهيونية في كاملِ حدودِ فلسطينِ (27027 كلم)، لقصف صاروخي طال جميع المغتصبات. ــ اعترف العدو عن خيبة أمله بالقول: أن هناك 5 مليون صهيوني يبيتون في الملاجئ، ومواسير الصرفِ الصحي؛ في حين أن هناك 2 مليون فلسطيني في غزة، في الشوارعِ يتابعون إطلاقَ الصواريخِ. ــ حدث تآكل في قوّة الردع الصهيوني؛ فقد أعلنت المقاومة عن نيَّتها قصف تل أبيب وحدَّدت ساعة معيَّنة للقصفِ، وطلبت من وسائلِ الإعلامِ توثيقَ القصفِ؛ وبالفعل صدقت المقاومة وقصفت تل أبيب في الزمن والتاريخ المحدَّد، وفشلت القبَّة الحديديَّة في منعِ قصفِ تل أبيب. ــ استطاعت المقاومة فرض حصار جوي شامل على كيانِ العدوِ، ما أدى إلى إلغاءِ الرحلاتِ الجويّةِ، من وإلى كيان العدو. ــ استطاعت المقاومة إحداث شلل تام في القطاع الاقتصادي الصهيوني؛ فقد تم إلغاء جميع الحجوزات السياحية في مغتصبات العدو، وانهارت البورصة الصهيونية لأول مرة في تاريخ الكيان، ودخل العدو في حالة انهيار اقتصادي لا مثيل له، وبلغت حجم الخسائر الصهيونية 50 مليون دولار يومياً. ــ فشل العدو الصهيوني لأول مرة في تاريخه في الدخول بريًّا لقطاعِ غزةِ، بعد أن كانت دباباته تستطيع احتلال العواصم العربية خلالَ ساعاتٍ معدودةِ، فلم يستطيع العدو التقدُّم داخل حدود قطاع غزة سوى لعدَّة أمتار، بسببِ قوّة نيران المقاومة الفلسطينيَّة، ولقد تسبَّب ذلك في خسائرِ فادحةٍ للعدوِ الصهيوني؛ وبالرغم من اعتراف العدو بسقوط 64 قتيلاً من قوات النخبة ومئات المصابين، ولكن هذا العدد غير صحيح؛ فقد تسربت أخبار من داخل الكابينيت (مجلس الوزراء الصهيوني المصغَّر) أن خسائرهُ في المعركة البريَّة بلغت 4 أضعاف ما خسره في حربِ تموز 2006، مع المقاومة اللبنانية، حيث اعترف العدو في هذه الحرب بسقوطِ 115 جندي، فيكون بهذا عدد خسائره في قطاعِ غزةِ 460 قتيل. هذا عدا الدبابات والآليات التي دمّرتها سواعدَ المقاومةِ الفلسطينيَّةِ؛ ويكفي أن نقرأ في الصحف الصهيونية أن "عشرات الجنود أطلقوا النيران على أقدامهم خوفاً من الحرب البريَّة، وهروباً من الخدمة العسكريَّة". ــ في هذه الحرب امتلكت المقاومة القدرة على إيلام العدو "براً وبحراً وجواً"؛ فاستبقت المقاومة الحربِ البريَّة الصهيونيَّة بعملياتِ إنزالِ خلفَ خطوطِ العدوِ؛ وللتدليل على صدق ذلك، ما علينا إلا مشاهده "عملية ناحل عوز"، وما كتب عنها المحلَّلون الصهاينة. أما بحراً، فقاعدة زيكيم العسكرية الصهيونية في عسقلان شاهد عيان، على قيام مجموعة الضفادع البشرية للمقاومة الفلسطينيَّة، بالوصولِ إليها من شواطئ قطاعِ غزةِ غوصاً، لتنفيذِ عمليَّةٍ بحريَّةٍ ناجحةٍ بكافة المقاييس. أما جواً فسماءِ فلسطين تشهد على أولِ طائرةٍ بدون طيار فلسطينيَّة الصنع، تلتقط الصور من فوق وزارة الدفاع الصهيونيَّة، وبقيَّة المغتصبات الصهيونيَّة، وتحدِّد الأهداف التي يتم قصفها. ــ لقد حرَّرت الصواريخ العبثيَّة مناطق بعمقِ 8 كلم، داخل أراضي فلسطين المحتلة في العام 1948، بعد طلب القائد أبو خالد الضيف من سكان مغتصبات غلاف غزة مغادرتها ليتم قصفها؛ وهذا ما حدث بالفعل؛ فقد لجأ الآلاف من سكان المغتصبات هرباً وخوفاً من صواريخ المقاومة؛ وقد فرضت المقاومة حصاراً جوياً بأوامر القائد أبو خالد الضيف؟! والذي تم في موعد حدّدهُ القائد ، في تمامِ الساعةِ السادسةِ صباحاً. ــ لقد انهارت صورة الصهيوني في الغرب، بعد المجازر التي ارتكبها في عدوانه على قطاع غزة؛ فيما انتفضت دول أمريكا اللاتينيَّةِ وبعضَ شعوبِ الدولِ الغربيَّةِ، ضد العدو الصهيوني، وقاطعت البضائعَ الصهيونيَّةِ، وطالبت بمحاكمةِ قادةِ كيانِ العدوِ بتهمةِ جرائمِ الحربِ. ــ تآكلت قوّة الردعِ الصهيونيَّةِ، وأصبح العدو أضعف مما كان عليه سابقاً؛ فأين هي الدولة التي وُعدِ بها الصهاينة، ليعيشوا بأمانٍ ورفاهية؟!أخيراً؛ أتوجّه بهذا السؤالِ إلى نخبِ عرب الردَّةِ؛ أين هي إنجازات العدو الصهيوني التي تحقَّقت؟! هل استطاع العدو تدميرَ الأنفاقِ؟! هل استطاع العدو إيقافِ إطلاقِ الصواريخ؟! هل استطاع العدو نزع سلاحِ المقاومةِ؟! والإجابة "بالتأكيد لا". وفي نهايةِ المطافِ أقولُ لهذهِ النخب التي تتحدَّث بلسانٍ صهيوني: "لقد خذلتكم المقاومة، وانتصرت"؛ فليس لدينا بديل سوى النصر؛ وإن المقاومة"وُجِدَت لتبقي؛ وستبقي وستنتصر"؛ فــ"الذين يقاتلونَ يَحِقّ لهم أن يأملوا في النصر؛ أما الذين لا يقاتلون فلا ينتظرون شيئاً سوى القتل"؛ وأنا حتمًا لمنتصرون.