رفض الطفل يمان أبو عامرية (15) عاما ارتداء زي غير زيه المدرسي، اليوم الاثنين، حيث توجه إلى مدرسته – ذكور سالم دويب الثانوية – في قرية زعترة شرق مدينة بيت لحم، متجاهلا اتصالات وردت والده تستدعيه لمقابلة جهاز المخابرات العامة في مقر شرطة المدينة صباح اليوم.
يمان الذي استعد للعودة إلى المدرسة بعد أن شحذ همته خلال العطلة الصيفية، تفاجأ بما نقله له مرشد مدرسته عن تلقيه اتصالا من المخابرات تم إبلاغه خلاله بضرورة توجه الطالب (يمان) لمقر الشرطة ومقابلة محققي الجهاز، وذلك حسبما ذكرته راما أبو عامرية شقيقة يمان، مشيرة إلى أن اتصال المخابرات على المدرسة هو أحد وسائل المخابرات للضغط على شقيقها الطفل يمان.
[caption id="attachment_47658" align="aligncenter" width="485"] الطفل يمان يكتب على صفحته على الفيس بوك[/caption]وأوضحت راما أن يمان استُدعي سابقا قبل نحو شهرين إلى جهاز المخابرات وتم التحقيق معه على خلفية منشوراته على موقع "فيسبوك"، قائلة "إن يمان تعرض للتهديد بالسجن إذا لم يوقع تعهدا يلزمه بعدم "الكلام عن السلطة أو التضامن مع المقاومة أو قطاع غزة".
يمان وبعدما كتب منشورا على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" يخبر فيه عما تعرض له، تم اختراق صفحته وإيقافها مباشرة، وعلقت: "يمان يرفض الرضوخ لقرار الاستدعاء ولن يذهب لمقابلة المخابرات وهذا قراره، وهو يؤكد أنه لم يرتكب أي خطأ حتى يستدعى للتحقيق".
وبينت شقيقة يمان أن العائلة أيضا ترفض تكرار المخابرات استدعاء نجلهم وخاصة أنه طفل، مؤكدة على أن المخابرات تراقب صفحته على الفيسبوك، وقد عرضت عليه في الاستدعاء الأول صور لمنشورات قام بنشرها على صفحته.
وأضافت أن "العائلة تواصلت مع عدد من المؤسسات الحقوقية لتتدخل ووقف ما يتعرض له يمان من مراقبة، واستدعاء للتحقيق".
رأي القانون
الحقوقي أنس البرغوثي أكد أنه "لا يمكن الحكم على مدى قانونية قضية يمان حيث لم يصدر بعد الملف القانوني بالقضية"، مشيرا إلى أن الاستدعاء هو أمر قانوني لأن الأجهزة الأمنية تمتع بالضابطة القانونية والتي تخولها استدعاء الناس وتوقيفهم لأربعة وعشرين ساعة.
وأضاف أن "مسألة يمان بشكل عام هي ليست قانونية لأنها سياسية، وخاصة أنه تم استدعاؤه بالسابق على خلفية سياسية والتحقيق معه بخصوص منشورات على الفيسبوك، المطلوب نقاش مسألة يمان من زاوية السياسة وعدم الانجرار لزاوية القانونية".
وتابع، إنه "عند اعتقال الأطفال يتم اعتقالهم من قبل شرطة الأحداث وليس من قبل الشرطة العادية، وهنا يطرح تساؤلا، ما غاية المخابرات من استدعاء هذا الطفل؟" ، مبينا أنه تم اعتقال عدة أطفال على خلفية أقوال وكتابات على الفيسبوك والمشاركة في فعاليات سياسية سابقا.
وأشار إلى أنه من غير المستبعد تعرض يمان للاعتقال كما الاعتقال الذي تعرض له عدة أطفال في طولكرم ونابلس.
وعن دور المراكز الحقوقية، بين أن أموالا طائلة من التمويل تذهب لتعزيز حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، يبدو أن هذا التمويل يذهب لقمع هؤلاء الناس وهو ما يظهر من حالة الانتهاكات التي ترتكب يوميا"، متابعا،" المطلوب الآن إغلاق هذا الملف وإلى الأبد، فعار الاستمرار فيه".
حالة أخرى
يمان، ليس الطفل الأول الذي يتم استدعائه من قبل المخابرات على خلفية سياسية، فقد اعتقل قبل أسبوعين الطفل تيسير سمير أبو سمرة (14) عاما أثناء بيعه لقمصان مكتوب عليها شعارات مؤيدة للمقاومة في مدينة طولكرم.
شقيقه رامي أبو سمرة قال: "إن تيسير خضع للتحقيق لمدة ثماني ساعات، ولم تعلم العائلة باعتقاله إلا بعد مرور أربع ساعات حيث أخبرها أحد الأصدقاء بقيام عناصر من المخابرات بمداهمة بسطة تيسير واعتقاله ومصادرة بضاعته".
وبين أن شقيقه تعرض للضرب من قبل عناصر المخابرات أثناء التحقيق معه في مركز الأمن الوقائي في المدينة، كما وتم احتجاز في الزنازين.
وأكد رامي على أن شقيقه تيسير لم يعتقل على خلفيته السياسية، فهو طفل لا انتماء سياسي له وما قام به هو بيع القمصان المؤيدة للمقاومة وليس لحركة معينة، "تم اعتقاله لأنه شقيقي فقط، فأنا أتعرض للاعتقال لأسابيع على خلفية انتمائي السياسي".
وأضاف رامي أن تدخل نواب في المجلس التشريعي وعدد من المراكز الحقوقية هو ما ضغط على المخابرات للإفراج عن تيسير على الرغم من مماطلة امتدت لخمس ساعات، مشيرا إلى أنه تم الإفراج عنه مقابل الإقرار عن مصدر القمصان التي يقوم ببيعها.
دعوة لإطلاق الحريات
في ذات السياق، أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه إزاء استدعاء الطفل يمان و"الممارسات الخانقة لحرية الصحافة والتعبير في الأراضي الفلسطينية"، على حد تعبيره.
وقالت ميرا بشارة الباحثة في المرصد في تعقيبها على الموضوع: "إن على السلطة الفلسطينية إطلاق الحريات العامة، والابتعاد عن سياسة تكميم الأفواه وملاحقة النشطاء والصبية ووقف الاستدعاءات والاعتقالات والتحقيقات التعسفية".
وأضافت أن "حالة الطفل يامن ليست حالة منعزلة، بل وثق المرصد على مدار الأشهر الماضية مئات حالات الاستدعاء والاعتقال على خلفيات مشابهة".