متى كانت تقديرات "إسرائيل" صحيحة في حروبها؟، ففي بداية حزيران (يونيو) 1967 من كان يصدق انه سوف ننتصر على الجيوش العربية في ستة أيام، وأن هذا الانتصار الباهر سيزرع الفوضى في وجودنا هنا حتى اليوم؟ وهل كان يخطر ببال أحد أنه في تشرين أول (أكتوبر) 1973 سوف تتحول حياتنا خلال 3 أسابيع، وتنهار الثقة بكل الأجهزة في حياتنا، ونحمل معنا الصدمة لعشرات السنوات؟ وهل كان يتصور أحد في أبشع تخيلاته أنه في حزيران (يونيو) 1982، سوف تمتد الـ40 كيلومترا التي تعهدوا بها في لبنان إلى حرب تستمر 18 عاما؟.
بهذه الكلمات افتتحت الكاتبة والمحللة الإسرائيلية "سيما كدمان" مقالتها الافتتاحية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية صباح اليوم، والتي تساءلت عمن كان يصدق أن الإسرائيليين سيعدون الأيام بالعشرات؟ ومن كان يصدق أن طائرات سلاح الجو التي انطلقت في الغارة الجوية الأولى في عملية "الجرف الصامد" ضد غزة ستكون ضمن أطول حروب "إسرائيل" وأشدها ضراوة وقسوة؟ ومن كان يصدق أن هذا الصيف، صيف 2014، سيكون "صيف غزة" بامتياز، وأن الإسرائيليين لن يروا النهاية في نهايته؟.
وقالت "كدمان": "دعونا نعترف: لسنا جيدين في التقديرات الاستباقية، ولكننا أفضل في التحليلات بأثر رجعي، وهذا ما انطبع في أذهاننا أمس في المؤتمر الصحفي لرئيس حكومتنا ووزير جيشنا ورئيس أركان جيشنا".
وتابعت "كان المؤتمر الصحفي الذي عقده مهندسو هذه الحرب الثلاثة، ردا مضادا على احتفالات النصر التي نظمتها حماس في غزة، وقف "نتنياهو" و"يعالون" و"غانتس" ليشرحوا لنا أننا انتصرنا، ولكن للأسف وجوهم وتعابيرها لم تترك لنا أي انطباع للتفكير بحدث ختامي أكثر شحوبا من هذا الموقف، فرئيس الحكومة بدا باهتا منطفئا، ووزير الجيش بدا كما يبدو عليه عادة، مثل مراقب حسابات يقدم تقريرا سنويا، بينما كان "غانتس" حزينا، وكأنما الانتقادات التي وجهت له اخترقت زيه وأصابته في موضع مؤلم".
وتضيف "لو أننا تابعنا المؤتمر الصحفي للثلاثي الإسرائيلي بدون صوت، لاعتقدنا أن الحديث يدور عن تلخيص حملة عسكرية فاشلة، فقد كانوا ثلاثتهم يتحدثون عن إنجاز عسكري كبير، وإنجاز سياسي كبير، بلهجة من شرب زجاجة مهدئات.
وما زاد هذا الانطباع السيء عند المراقبين ما قاله وزير جيش "إسرائيل" حين تحدث عن الانتقادات الداخلية حيث قال: "إننا عندما هوجمنا من داخلنا عضضنا على شفاهنا"، حيث اختلطت علينا الإجابات بشأن من هو العدو الحقيقي ليعالون في هذه الحرب – زملاؤه الوزراء أم حماس.
وتختم "كدمان" مقالتها بالقول إن نتنياهو ويعلون "طلبا منا ألا تصيبنا احتفالات الانتصار في غزة بأي انطباع، ولكن علينا الاعتراف بأن طرفنا لم يترك أي انطباع سوى ما تركته احتفالات الطرف الآخر.