تقدير موقف صادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السّياسات.
دخلت المواجهة الإسرائيلية - الفلسطينية مرحلةً جديدةً من التصعيد، وصلت إلى حدِّ شنّ عدوان شامل على قطاع غزة، وذلك بعد أن استغلت إسرائيل قتل ثلاثة من مستوطنيها في منطقة الخليل في الضفة الغربية المحتلة لتحقيق أهداف سياسية؛ مثل ضرب حركة حماس في الضفة، وتهميش حكومة الوفاق الفلسطيني، والتخلص من التزاماتها السياسية الدولية تجاه السلطة الفلسطينية، وإخفاء التعنت في المفاوضات وتكثيف الاستيطان خلف ضباب الحرب على الإرهاب". ومن الجدير بالذكر أنّ أيًّا من فصائل المقاومة الفلسطينية لم تُعلن حتى الآن تبنيها لعملية قتْل المستوطنين. ولكنّ إسرائيل أصرَّت على تحميل حركة حماس مسؤولية هذه العملية، ونقلت المعركة بمبادرتها إلى غزة، وحاولت أن تستغل الوضع الإقليمي، ولا سيما في مصر، فتُوجِّه ضربةً عسكريةً لهذه الحركة. ولكنّ غزة ردَّت على العدوان بتصميم فاجأ حكومتي إسرائيل ومصر وأحرجهما.
أهداف التصعيد الإسرائيلي
تأتي في مقدمة الأهداف التي تسعى إسرائيل لتحقيقها، توجيه ضربة مؤلمة لحركة حماس في الضفة الغربية وقطاع غزة، فضلًا عن محاولة تعطيل اتفاق المصالحة، ونزع الشرعية الدولية التي حصلت عليها حكومة الوفاق الفلسطينية. وفي هذا السياق قامت إسرائيل باعتقال أكثر من ألف فلسطيني في الضفة الغربية، أغلبيتهم من كوادر حركة حماس وقياداتها، بمن فيهم أعضاء في المجلس التشريعي ورؤساء بلديات، كما قامت بإعادة اعتقال جميع أسرى حماس الذين أُطلق سراحهم في إطار صفقة استعادة الأسير جلعاد شاليط، وبدأت باتخاذ إجراءات "قانونية" شكلية لإعادتهم إلى السجون ليقضوا فيها أحكامهم المؤبدة، واستهدفت عائلاتهم، وكذلك البنية التحتية المدنية لحركة حماس في الضفة الغربية، بما فيها المؤسّسات الخيرية، والاجتماعية، والدينية، والإعلامية، والثقافية، والاقتصادية.
اتخذت إسرائيل أكثر هذه الإجراءات قبل أن تنقل المعركة إلى غزة وتباشر عدوانها على القطاع المحاصر عبر ضربات جوية متكررة طاولت أهدافًا وكوادر تابعةً لحماس وغيرها من فصائل المقاومة. وفي غزة - كما في الضفة - مارست إسرائيل عقوبات ضدّ المدنيين لإرغامهم على "دفع الثمن"، محاولةً من خلالها ردعهم عن تأمين حاضنة اجتماعية لمقاومة الاحتلال. وجرى التركيز على عائلات الناشطين وكوادرهم في رسالة سافرة إليهم مُفادها أنّ عائلاتهم ستدفع الثمن نتيجة اختيارهم مقاومة الاحتلال، وارتُكِبت ، أيضًا، تصفيات جسديّة لعدد كبير من الناشطين الفلسطينيين.
كان واضحًا أنّ الحكومة الإسرائيلية تمارس الإرهاب حرفيًّا، وأنّها افترضت أنّ على حماس والفصائل الأخرى التسليم بخرْق إسرائيل اتفاق صفقة شاليط، واتفاقية التهدئة التي جرى التوصل إليها مع حماس في عهد الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، إثر العدوان على القطاع في أواخر عام 2012. وفي هذه المرة، أصرَّت إسرائيل في المفاوضات والاتصالات غير المباشرة التي جرت مع حماس عبر وساطات مختلفة على أن تقبل حماس بـ "التهدئة مقابل التهدئة"، بدلًا من العودة إلى الوضع الذي كان قائمًا قبل الأزمة الراهنة؛ والتسليم بما قامت به، وما سوف تقوم به مستقبلًا من خرق لأيِّ اتفاقيات متى شاءت، وأينما شاءت، قبل أن توقف إطلاق النار متى شاءت أيضا.
تمسّكت حماس بموقفها الداعي إلى احترام بنود صفقة شاليط والتهدئة من العام 2012، وحقّها في الرد على العدوان، وإن بدأ الرد بوتيرة منخفضة اجتنابًا للتصعيد عبر إطلاق عدد محدود من الصواريخ من قطاع غزة في اتجاه إسرائيل. أما في إسرائيل فقد تنافست أحزاب الائتلاف الحكومي في إبراز سلوكها العدواني تجاه الفلسطينيين وقرّر المجلس الوزاري المصغر توسيع نطاق العدوان على قطاع غزة؛ بهدف إرغام حماس على قبول التهدئة من دون مقابل، ومحاولةً لفرْض واقع جديد.وبعد ستة اجتماعات متتالية قرَّر المجلس الوزاري للشؤون الأمنية دعوة 40 ألفًا من جنود الاحتياط تمهيدًا لشنّ هجوم واسع على غزة، كما أقرَّ أيضًا اتخاذ جميع التدابير على صعيد الجبهة الداخلية الإسرائيلية، احتراسًا من نتائج استمرار العدوان فترةً طويلةً، بما في ذلك تحضير الرأي العامّ الإسرائيلي لمواجهة بعيدة المدى.
الوضع الفلسطيني
فلسطينيًا، لم يشكِّل العدوان الإسرائيلي على غزة مفاجأةً لأحد. وتمحورت الأسئلة حول مداه ونطاقه، وإن كان سيجري على غرار العدوانين السَّابقين عامي 2008 و2012. فقد كانت إسرائيل تراجعت عن الالتزام بما جرى الاتفاق عليه، بعد حرب 2012، بشأن تخفيف الحصار على غزة، ورفضت توسيع منطقة الصيد للصيادين في البحر المتوسط إلى أكثر من ثلاثة أميال، كما رفضت أيضًا تسهيل دخول البضائع التجارية إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم. كل هذا قبل أن تشن عدوانها الجديد على القطاع.
وقبل ذلك استباح الجيش الإسرائيلي الضفة الغربية في عقب اختطاف المستوطنين الثلاثة بتاريخ 12/ 6/ 2014، بعد اتهام حماس بأنها هي المسؤولة عن هذه العملية، على الرغم من أنّ هذه الحركة لم تتبنَّها، وشمل ذلك اعتقال أكثر من 700 عنصرٍ وكادر وقياديٍّ في حماس، وملاحقة كلّ من له صلة بالحركة من قريب أو بعيد.
وسبق أن خُيِّر الرئيس محمود عباس بين المصالحة مع حماس أو المفاوضات مع إسرائيل، على الرّغم من أنَّها كانت معطلة قبل توقيع المصالحة. وحوصرت الحكومة الجديدة، ومنعت من العمل في غزة، ووصلت الأمور إلى ذروتها عندما لم تدفع السلطة لموظفي حكومة حماس السابقة رواتبهم تحسبًا من عقوبات إسرائيلية، وعندما رفضت البنوك الفلسطينية استقبال التمويل خوفًا من العقوبات نفسها. أمّا مصر، فإضافةً إلى الحملات الإعلامية المُمنهجة ضدّ حركة حماس - وحتى ضدّ الفلسطينيين بوجهٍ عامّ - والموقف السلبي الرسمي المناهض للوفاق الحالي بين فتح وحماس، فقد واصلت إغلاق معبر رفح على نحوٍ أكثر تشدُّدًا حتى من مرحلة مبارك، وقد وصل عدد العالقين في غزة الممنوعين من السفر لأغراض إنسانية؛ من دراسةٍ، وعملٍ، وغير ذلك ، إلى نحو 15 ألف مواطن. فيما وصلت الأوضاع المعيشية والاقتصادية في قطاع غزة إلى حالة بؤس غير مسبوق، متزامنة مع حالة انسداد الأفق السياسي بالنسبة إلى قيادة حماس في القطاع. وفي هذه الأوضاع شنَّت إسرائيل عدوانها على غزة.
السياق الميداني: هل يبقى التصعيد مضبوطًا؟
جاء العدوان الحالي في عقب تصعيد تدريجي خاضته إسرائيل وحماس منذ أسابيع. فكان سلاح الجو الإسرائيلي يقصف أهدافًا مختلفةً في قطاع غزة، في حين كانت حماس وباقي الفصائل تردُّ بصواريخ محدودة لا يزيد مداها على 40 كيلومترًا، وقد حرص الجانبان، في ما يبدو، على عدم تصعيد الموقف. ولكنْ بعد استباحة الضفة الغربية باغت الجيش الإسرائيلي مقاتلي حماس مساء الأحد السادس من تموز/ يوليو في مدينة رفح جنوب قطاع غزة بقصف مُكثَّف أسفر عن استشهاد ستَّة منهم دفعةً واحدةً؛ ما استدعى ردود فعل قوية من جهة كتائب القسام، التي لم يتأخر ردَّها على اغتيال كوادرها؛ ذلك أنّها، في مساء اليوم التالي (7 تموز/ يوليو)، أثناء ساعة الإفطار، أمطرت المستوطنات الإسرائيلية الجنوبية برشقات صاروخية هي الأكثر غزارةً منذ انتهاء حرب 2012، فقد زادت على 70 قذيفةً وصاروخًا من عيار "هاون"، و"قسام"، و"غراد".
ولم تمضِ ساعات قليلة، حتى أعلنت إسرائيل انطلاق حملتها العسكرية التي سمَّتها "الجرف الصامد"، فبدأتها بقصف كبير لعشرات الأهداف والمواقع، ردًّا على استهداف حماس للمدن الجنوبية (سديروت، وعسقلان، وبئر السبع، ونتيفوت، وأوفاكيم، ونير عام)؛ وهو ما جعل ما يقرب من ربع سكان إسرائيل يقضون ساعاتٍ طويلةً في الملاجئ. وقد استخدمت حماس صواريخ متوسطة المدى فقط بعد أن بدأت إسرائيل بقصف بيوت الفلسطينيين.
بعد ثلاثة أيام على اندلاع العدوان الإسرائيلي، يمكن رسم صورة تقديرية لمآلاته المتوقعة في غزة وإسرائيل، ويشمل ذلك استمرار العملية الجوية، بتوسيع رقعة الأهداف التي تضم منازل قادة حركة حماس وكوادر القسام، وأماكن إطلاق الصواريخ، والمؤسّسات الخيرية التابعة لحماس، واغتيال من تستطيع أن تصل إليه إسرائيل من قيادات هذه الحركة، والتهديد باللجوء إلى العملية البرية من دون تنفيذها بالضرورة؛ نظرًا إلى المخاطر الناجمة عنها، وأهمها سقوط جنود إسرائيليين قتلى ومأسورين بيد مقاتلي حماس. لكنّ هذا لا يمنع إمكانية حشد بضعة آلاف من الجنود على حدود غزة، والتقدم بضع مئات من الأمتار لممارسة حرب نفسية على حماس، فضلًا عن قيام إسرائيل بتوسيع المدى العملياتي لمنظومة "القبة الحديدية"، بعد أن كانت مُعدًّة لحماية المدن الواقعة في مدى 40 كيلومترًا فقط، على إثر وصول صواريخ حماس إلى منطقة غوش دان، ومدن تل أبيب والخضيرة، ومشارف حيفا؛ ما يعني أنّ المدى زاد على 100 كيلومتر.
أمّا حركة حماس، فهي ستواصل إطلاق رشقات الصواريخ التي صنّعتها وحسَّنتها من الناحيتين الكميّة والنوعيّة، من ذلك أنّها تصل إلى العشرات يوميًّا؛ وهو ما سيشلُّ الحياة في مناطق أوسع من إسرائيل، ولا سيما أنّ الحركة أطالت مدى صواريخها، ليصل مجموع الإسرائيليين الذين سيكونون في مرمى صواريخها إلى نحو خمسة ملايين إسرائيلي. كما أنها ستلجأ، إلى جانب إطلاق الصواريخ، إلى تنفيذ عمليات مسلحة، من خلال استهداف الجنود الإسرائيليين المرابطين على حدود غزة الشرقية والشمالية والجنوبية، وذلك بإطلاق قذائف مضادة للدروع، مع العمل على تعويق عمل سلاح الجو الإسرائيلي من خلال المضادات الجوية؛ ما قد يجعل مهمّة الطيران الإسرائيلي المتمثِّلة باستهداف كوادر الحركة واغتيالهم أمرًا أكثر صعوبةً. يُضاف إلى ذلك إمكان تنفيذها عملياتٍ نوعيةً، كما حصل في قاعدة زيكيم التابعة لسلاح البحرية الإسرائيلي شمالَ غزة على شاطئ عسقلان، وفي تفجير نفق أسفل معبر كرم أبو سالم جنوب غزة. بل ربما تنفّذ عمليات أخرى مختلفة إن تواصل العدوان الإسرائيلي.
من الواضح أنّ حركة حماس لم تُضِع وقتًا في الفترة الواقعة بين عامي 2011 و2013. فقد استغلَّت مرحلة الثورة المصرية، ما قبل الثورة المضادة، لتحسين تسليحها بطريقة نوعيَّة، وتطوير تقنيات صناعة صواريخ محلية. وخلافا لما تنشره وسائل الإعلام الإسرائيلية التي تخلط بين صواريخ حركة حماس وغيرها من الفصائل، فإن غالبية الصواريخ التي تستخدمها حركة حماس تحديدا، بما فيها تلك الطويلة المدى، قد صنعت في القطاع.
المواقف السياسية
ترى حركة حماس أنّ المواجهة، وإن كانت قد فُرضت عليها، فإنّه من الممكن أن تحقّق لها جملةً من الأهداف، أهمها ازدياد شعبيتها خلال المواجهة مع إسرائيل في حال اقتصار المقاومة عليها من دون حلفائها من الفصائل الفلسطينية في هذه المرحلة، وتجاوز التضييق الإقليمي عليها بما في ذلك إجبار النظام المصري على الاتصال بها مرَّةً أخرى، للوصول إلى التهدئة المرجوَّة، بعد أنْ قاطعها في عقب إطاحة الرئيس مرسي؛ ما قد يساهم في التوصل إلى اتفاقية تهدئة جديدة تضمن رفع الحصار عن غزة، وتطبيق المصالحة مع فتح، من دون تدخُّل إسرائيلي.
وأمّا السلطة الفلسطينية، فهي تحاول تعويض استمرار تنسيقها الأمني مع إسرائيل في الضفة الغربية، بالتوازي مع استمرار العدوان الإسرائيلي، من خلال تصعيد الضغط على إسرائيل لوقف العدوان، عبر الذهاب في اتجاه الانضمام إلى منظمات دولية ذات أهميّة، وعلى رأسها محكمة الجنايات الدولية؛ ما يفتح الباب لمحاسبة إسرائيل على جرائمها، كما أنّ السُّلطة تسعى للحصول على دعم عربي وإقليمي أكبر لمطالبة الأمم المتحدة بفرض عقوبات على إسرائيل، بسبب خرْقها اتفاق شاليط واتفاقية الهدنة الموقعَين في غزة، وفي الوقت نفسه تواصل تمسُّكها بحكومة الوحدة الوطنية. إسرائيليًا، وفي ضوء اشتعال الوضع الإقليمي مُمثّلاً بما يجري في سورية، ولبنان، وسيناء وغيرها، وفضلًا عن التوتر الذي يخيِّم على الضفة الغربية منذ
حادثة أسْر المستوطنين الإسرائيليين، لا يبدو أنّ التصعيد جاء في الوقت الذي تفضِّله حكومة بنيامين نتنياهو، لكنّ الضغوط الداخلية عليه، وحالة المزايدة الحزبية من شركائه في الائتلاف، ولا سيما وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، ووزير الاقتصاد نفتالي بينيت، جعلته مدفوعًا إلى هذا العدوان؛ وذلك في محاولة منه لصدّ اتهامه بـ الخوف والتردد أمام حماس، والخضوع لشركائه الوسطيين في الحكومة تسيبي ليفني ويائير لابيد.
مصريًّا: تُشبِه الحرب الإسرائيلية الحالية على حماس في غزة من حيث بعدها الإقليمي حرب 2008، حين أعلنت وزيرة الخارجية الإسرائيلية ليفني تلك الحرب من القاهرة - وهي بجوار نظيرها المصري محمد أبو الغيط - وهو ما تكرّر هذه المرة. فقد اندلع العدوان الإسرائيلي مساء الاثنين 7 تموز/ يوليو، بُعيد ساعات فقط من مغادرة وزير الاستخبارات المصرية، محمد التهامي، تل أبيب. ولا تبدو مصر متحمسة حاليا للتوسط لوقف إطلاق النار، لأنها تشارك إسرائيل أهدافها في تدفيع قطاع غزة ثمنًا أعلى، ولأنها تعرف أنه سيكون لحماس مطالب تتعلق بتعامل مصر معها أيضا. ولذلك توجه طلبات التهدئة من الولايات المتحدة والأمين العام للأمم المتحدة إلى حماس عبر قطر.
السيناريوهات المتوقعة
قد يكون من المبكر الحديث عن سيناريوهات محتملة للعدوان الإسرائيلي على غزة بعد يومه الثاني، لكنْ ثمَّة خبرة متراكمة من الحربين السابقتين قد تساعد على مقاربة التقديرات المحتملة؛ وهي على النحو الآتي: • استمرار قصف إسرائيل الجوي أهدافًا لحماس، واستهداف مناطق إطلاق القذائف، ويتّصف هذا السيناريو بانخفاض عدد الإصابات في صفوف الجيش الإسرائيلي، لكنه لا يحسم المعركة في غزة. • توغلات برية محدودة في غزة، لإظهار إصرار إسرائيل على ضرب حماس. أمّا أبرز سلبيات هذا السيناريو، فيتمثّل بأنّ عدد قتلاه سيكون كبيرًا. • سيناريو اجتياح كامل لقطاع غزة وإعادة احتلاله عمليًّا، وهو ما لا يفضِّله الجيش الإسرائيلي، ولا الرأي العام الإسرائيلي لأسباب معروفة. • إعلان إسرائيل من جانب واحد وقف إطلاق النار؛ ما سيحسِّن وضعها أمام العالم، وحينئذٍ ستبدو كأنها مستجيبة للضغوط الدولية، لكنها لن تحقّق بذلك أيَّ إنجاز، عدا سفْك دماء كثيرة.
يقضي التصور الأفضل بالنسبة لإسرائيل بالتوصل إلى اتفاق تهدئة طويلة بوساطة دولية، ولكن مثل هذا الاتفاق لا بدّ له أن يشمل تنفيذ مطالب حركة حماس. ويتمثّل الخيار الأقل واقعيةً بقبولها التفاوض السياسي مع حماس التي أظهرت قوَّةً كبيرةً في صد العدوان، وهو أمرٌ يتطلب تغييرًا مستبعدًا في السياسة الإسرائيلية.
خاتمة
مازال الوضع مشتعلًا في غزة، وقد يحمل جديدًا في كلّ ساعة قادمة، وهو ما يفتح مجال التوقعات واسعًا، سواء في اتجاه التصعيد التدريجي للعدوان، وصولًا إلى حالة المواجهة البرية التي يحاول الجانبان تفاديها، أو التوصل إلى وقف إطلاق النار، عبر وساطات إقليمية ودولية؛ لم تكن هذه الحرب خيار غزة أو المقاومة الفلسطينية، بل خيار إسرائيل، ولكن يمكن للمقاومة أن تحقق فيها إنجازات سياسية لم تخطر ببال من خططها.
*الصورة: بقايا استراحة المرح التي استهدفتها الصواريخ الإسرائيلية يوم 9 تموز 2014 في خانيونس.