يواصل الموقع الإلكتروني لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، نشر تفاصيل عملية أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، حيث نشر اليوم الحلقة الثانية، والتي تبدأ من نهاية الحلقة الأولى حيث تم تثبيت ساعة الصفر للعملية:
(اضغط هنا لقراءة الحلقة الأولى)
بعد اتفاق المجلس العسكري على اللمسات الأخيرة للعملية، صلى الجميع صلاة الحاجة، وتم تثبيت ساعة الصفر وهي ما بعد صلاة الفجر من يوم 25/6/2006م، انطلقت قيادة الكتائب الميدانية إلى منطقة العمليات لتشرع بخطوات التنفيذ، حيث تم عزل الفريق المنفذ لمدة يومين وبتعليمات صارمة محددة.
اللمسات النهائية
ليتم بعد ذلك استقبال الفريق في مكان مخفي يمثل نقطة التجمع الأخيرة قبل التوجه نحو خط القتال قبالة السياج، وهنا تم للمرة الأولى فقط شرح نوعية العمل والهدف المطلوب تدميره ومسؤوليات كل شخص قبل التنفيذ بأقل من 24 ساعة، مع عرض فيلم لكامل قطاع المعركة وإبقاء طريقة الوصول للهدف سريّة، ذاك الفيلم كان يوضح نقاط الهجوم ومقتربات المجموعات و خط الانسحاب....الخ.
قام كل عنصر بإعادة سرد دوره بالتفصيل أمام الجميع وبطرح أي أسئلة يريدها، واستخدمت الأفلام والرسومات التوضيحية لشرح مكونات الأهداف ومحاور التقرب إليها، وأبقي مسار الوصول لمنطقة العملية سرا حتى اللحظة الأخيرة، ولم يعرف به أي أحد منهم حتى نزولهم النفق، وكان الكل يعتقد أن خط التقرب هو إنزال من الجو (وقد أشير إلى هذه النقطة في البيان الصادر من الكتائب – وحدة الإنزال– لتضليل العدو).
وبعد هذه الإجراءات تم تصوير المشاركين بكامل التجهيزات، وقراءة الوصية الأخيرة بشكل جماعي وفردي، وقبل صلاة الفجر صلى الجميع قيام الليل وصلاة الحاجة، وفي الصباح الباكر تم نقل فريق الاقتحام مع كامل التجهيزات بعد جملة من الإجراءات الأمنية إلى الموقع المحدد حيث نقطة الانطلاق "بئر النفق"، شاهد كل عنصر في الفريق الجزء المعني به من كامل القاطع كما اطلع على مجنّباته عياناً من فتحة خاصة لهذا الغرض.
داخل النفق
تحققت القيادة الميدانية للعملية من كامل مسار النفق قبل نزول الفريق للتأكد من الإنارة والتهوية، ليتم بعدها نقل حقائب عناصر الفريق وبترتيب معاكس لانطلاقهم من الطرف الآخر، وذلك منعاً من حدوث تزاحم أو إرباك في نهاية النفق، لأن عرض النفق لا يسمح إلا بمرور شخص واحد.
قام دليل فريق الاقتحام بالنزول إلى النفق حتى نهايته، مصطحباً بعض المعدات والتجهيزات، وذلك تحضيرا لإغلاق عين النفق عند التنفيذ، ثم عاد أدراجه بعد أن وقف على صلاحية تدعيم النفق وماتور السحب.
أمضى فريق الاقتحام سحابة يومهم في قراءة القرآن والذكر والاستراحة والتدقيق على المحمولات وصلاحيتها، ومن ثم قاموا بتجهيز الحقائب مع رقم لكل عنصر وترتيبها عند باب النفق بشكل عكسي يراعي ترتيب المجاهدين ووصولهم إلى عين النفق، بحيث يقوم المجاهد رقم (1) باجتياز الحقائب إلى آخرها فيجد حقيبة رقم (1).
وبعد هذا الإجراء يقوم دليل الفريق بإخراج تجهيزات المجاهد وتحميله إياها، ثم يسحب أقسام السلاح ليكون جاهزاً للاشتباك فوراً ويشير له إلى اتجاه الجزء المكلف به، فيخرج المجاهد سريعاً وينبطح على الأرض بوضع قتالي للاشتباك مع أي كمين للعدو مخفي في المنطقة، ولحماية فريق الاقتحام حتى يخرج جميعه، ويتوجه نحو النقاط المكلف بها، ثم يقوم دليل الفريق بإغلاق عين النفق بطريقة مدروسة، ويقوم آخر عنصر وهو الظهير بمسح عين النفق من الخارج لإخفاء الآثار ما أمكن، ثم ينطلق نحو نقطة ملائمة لاعتراض النجدات ويختفي تماما.
شرع فريق الحفر بسحب الحقائب بواسطة الماتور حتى عين النفق، حيث قام الدليل بترتيبها الأخير قبل نزول فريق الاقتحام كما سبق ذكره، كما تم رصد موقع العدو بدقة طيلة هذا اليوم لملاحظة أي تغيير في سلوك العدو، مما يعطينا إشارة بأن العدو ربما شعر بخطر ما وهو ما لم يحدث بحمد الله.
عند الثانية بعد منتصف الليل وبعد الدعاء، انطلق فريق الاقتحام بالتسلسل الذي سوف يخرجون به من عين النفق من الجهة المقابلة حسب ترتيب مجموعات الاقتحام كما يلي:
أولاً: وحدة الدبابة لأنها أبعد نقطة وتشكل دوماً قدم ارتكاز لكل الموقع ولأي نجدات تأتي. ثانياً: وحدة المصفحة بالقرب من البرج، وهي الأقرب للسياج بهدف كشف المتسللين. ثالثاً: وحدة الأبراج وهي مكونة من عنصرين (محمد فروانة وحامد الرنتيسي). رابعا: الظهير
الاستعداد للمواجهة
بدأ فريق الاقتحام بالنزول إلى النفق وجميعهم يلهج بالدعاء ويتشوق إلى الاشتباك مع جنود العدو، حيث تعاهد الفريق على أن يصعدوا فوق المدرعات ويدوسوا فوق جنود العدو، واجتازوا مسافة 450م بالزحف على الأيدي والركب حتى وصلوا إلى عين النفق بعد نصف ساعة من الزحف.
صلّى الجميع الفجر داخل النفق وقبل صعودهم، تم توجيه مجموعتي انتشال ومساعدة وإسعاف إلى منطقة قرب خط الانسحاب واختفوا بين الأشجار منذ مساء اليوم السابق.
كما تم تكليف الإعلام العسكري بنشر المصورين في نقاط مختارة بعد تزويدهم بالمعلومات الإعلامية اللازمة، حيث أُولي هذا الموضوع اهتماماً كبيراً في هذه اللحظة.
مفاجآت
وبعد أداء الفريق صلاة الفجر في نهاية النفق، قام دليل الفريق بإخراج تجهيزات كل عنصر في فريق الاقتحام وترتيبها في سترة القتال الخاص به ثم سحب له الأقسام، وتوكل هذا العنصر على الله وخرج من عين النفق سريعاً ثم انبطح على الأرض وأخذ وضعا للاشتباك.
وهنا شاهد دليل الفريق جيباً للعدو واقفاً بين الشجر في المربع المقابل وبدون أي حركة حوله، فدار في خلده أن يقوم أحد العناصر بمهاجمته وقتل جنوده وأسرهم، ولكن كان القرار بالإبقاء على أصل الهدف وعدم تغييره في هذه اللحظة، ولاحقاً كان تقدير القيادة أن هذا الجيب كان لمجموعة كمين للعدو كامنة في تلك المنطقة بعيداً عن السياج نسبياً لاصطياد المتسللين، ولسبب ما فإن المجموعة كانت نائمةً في مكان ما بين الشجر بدون حراك أو أن الجيب كان فارغا للتضليل فقط.
خرج جميع الفريق بنفس الأسلوب الذي خرج فيه العنصر الأول، وقام دليل الفريق بالإشارة نحو هدف كل مجموعة (التي تتكون من عنصرين)، عدا الظهير فكان عنصراً واحداً، وهنا فوجئ الدليل بأن العدو قد أنار كامل المنطقة بالكشّافات وأحالها إلى نهار، ولكن الأمر صدر من القيادة بالتوكل على الله وسرعة التنفيذ حيث لا مجال للتراجع، وأُعطى الأمر لفريق الاقتحام بالانطلاق بشكل سريعٍ ومخفيٍ حسب الأصول التي تدرب عليها نحو هدفهم.