تشهد الساحة الفلسطينية نشوء مبادرات شبابية متنوعة، وعبر الفضاء الإلكتروني الرحب تستخدم فنون التصاميم والغرافيك وبرامجها الحديثة، للتعبير عنقضايا الشعب الفلسطيني وهمومه، وهو لا يزال يرزح تحت الاحتلال. "كشف الحساب" .. واحد من الإنتاجات الفنية الشبابية، التي اعتمدت على فن الكرتون، لتبرز ما يعانيه المواطن الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة منممارسات المستوطنين واعتداءاتهم اليومية.
ويحاكي الفيلم الكرتوني القصير الذي أنتجه فريق شبابي، وعرضه على صفحة ساخرة تسمى "حريكة تيوب"، ما يعايشه سكان القرى الفلسطينية المحاذيةللمستوطنات المبنية على أراضي الضفة الغربية، من هجمات متكررة على منازلهم وممتلكاتهم، أو ما تتعرض له البساتين والأشجار في أراضيهم من قلع أوحرق من قبل المستوطنين وجنود الاحتلال.
شجرة الزيتون والأرجوحة وبما أن شجرة الزيتون تعد إحدى أيقونات الصمود الفلسطيني أمام الاحتلال الإسرائيلي، كانت عبرها انطلاقة فيلم "كشف الحساب"، حيث تظهر حالة الترابطالروحي بين الفلسطيني وشجرة الزيتون، التي دامت سنين طويلة وهي تحمل على أغصانها أرجوحة بسيطة تتمايل بحركة بطيئة. كما يبرز الفيلم حالة التشبث الفلسطيني بالأرض وبشجرة الزيتون، رغم الاعتداءات المتكررة التي يتعرضان لها من قبل مجموعات المستوطنين المنتشرة علىأطراف المدن الفلسطينية المختلفة.
المنشار والبندقية وفي مشهد حمل العديد من معاني التناقض، حيث تقطّع الأشجار في القرى الفلسطينية، فيما تشيّد في المقابل عشرات الوحدات الاستيطانية فيالمستوطنات الإسرائيلية، كان مصير شجرة الزيتون التي عاش الفلسطيني عمره في رعايتها، أن تقطع بالمنشار الآلي، فتسقط معها الأرجوحة أرضا. ورغم عدم تكافؤ القوى بين الفلسطيني والإسرائيلي، حيث كان جيش الاحتلال يمنع المواطن الأعزل من حماية أرضه، ويسمح للمستوطن بالاعتداء عليها،ظهرت البندقية الفلسطينية التي عبرت عن حالة الغضب والحنق من كثافة اعتداءات الاحتلال. كما سلط الفيديو بأسلوب رمزي ساخر الضوء على سياسة الكذب والأوهام التي يغرسها المستوطنون في قلوب أنفسهم، واستعدادهم الكامل لقلب الحقائق لتحقيق مآربهم.
تفاعل وترحيب ويجد المتصفح لمواقع التواصل الاجتماعي التي تناول الكثير من روادها فيلم "كشف الحساب"، حالة التفاعل والاهتمام المتواصل بفكرة الفيلم، التي نالتإعجاب المئات من المتابعين والناشطين على تلك المواقع. وأعطى الفيلم الكرتوني زخما إضافيا، ما تشهده الأراضي الفلسطينية هذه الأيام من تطورات أمنية وسياسية وعسكرية، عقب ما جرى في مدينة الخليلالمحتلة من اختفاء المستوطنين الثلاثة، الذين ترجح الأوساط الأمنية الإسرائيلية أنهم تعرضوا للأسر على يد خلية تابعة للمقاومة الفلسطينية.
الفن وفلسطين بات الشباب الفلسطيني، وفي ظل ما يفرضه الاحتلال من حقائق استثنائية على الأرض، أمام واقع يحتم على المبدعين منه، خوض التجارب وتقديم النماذجالإبداعية التي تعكس معاناة الشعب وآلامه. وقد مثلت الهوية الثقافية الفلسطينية، إحدى أهم تلك الرسائل التي يريد الشباب الفلسطيني عبر الفن الجديد، ترسيخها وإظهار ملامحها، بسبب ما تتعرضله من محاولات محو وتشويه. وعبر تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كان ميداني الفن والثقافة أحد أبرز الميادين التي حارب من خلالها الشعب الفلسطيني محتليه، حيث لعبت الثقافةدورًا كبيرًا في معركة بقاء الفلسطيني على أرضه. وحيث ما كان الفلسطيني، في الداخل المحتل أم في الشتات، كان الفن الوطني أحد المعززات المحركة للمقاومة المسلحة. وكعادة كل الأعمال الفنية التي تحمل همًا وقضية، كان العمل الذي قدمته قناة "حريكة تيوب" معبرا عن أحاسيس ومشاعر المواطن الفلسطيني، الذي يكتويمن الاحتلال، عبر ما مثلته من حالات إنسانية ووجدانية يحياها المواطن بشكل يومي.