خاص- شبكة قدس: صوِّر لتحمي غيرك أو نفسك أحيانًا، مقاومة شعبية تزداد أهمية في الضفة، مع استشراس المستوطنين وجيش الاحتلال خلال السنوات الأخيرة.
فبعدسات كاميراتهم المتواضعة، بات متطوعون فلسطينيون يربكون جنود الاحتلال ويفضحون اعتداءاتهم وأكاذيبهم، ما جعلهم هدفًا لجيش الاحتلال.
معركة حقوقية
عام 2008، كشفت كاميرا سرية هوية مستوطنة خلال اعتدائها على عائلة في تل رميدة بالخليل وشتمها لهم، فأحدث الفيديو المصور ضجة كبيرة بعد نشره إعلاميًا، ما أجبر مسؤولين إسرائيليين على زيارة المنطقة، للتغطية على الجريمة.
ويوضح الناشط الميداني في منظمة بيتسيلم موسى أبوهشهش، أن هذه الحادثة كانت شرارة معركة سلمية وعصرية مع جيش الاحتلال، حيث قررت المنظمة الناشطة في حقوق الإنسان داخل إسرائيل، توزيع 200 كاميرا أغلبها في الضفة، وبعضها في غزة.
ويقول أبوهشهش، إن الهدف من هذا النشاط تمثل بتدعيم القضايا المرفوعة ضد جنود الاحتلال والمستوطنين، بوثائق مصورة تؤكد ارتكابهم للجرائم الواردة في القضايا المرفوعة، بل وتكشف هوية الفاعلين أيضًا.
ومعركة إعلامية أيضًا
ويبدو الإعلام أيضًا، ساحة قتال أخرى بين هؤلاء المتطوعين وجيش الاحتلال، فتجمع شباب ضد الاستيطان نجح من خلال عشرات المتطوعين في اقتحام وسائل الإعلام الإسرائيلية والعالمية أيضًا، كاشفًا بالصورة حقيقة مايجري في محافظة الخليل على وجه التحديد.
ويقول الناطق الإعلامي باسم التجمع محمد الزغير، إن هذا العمل هو نوع من المقاومة الشعبية، يستند إلى القانون الدولي، والذي يتيح للمعتدى عليهم تصوير الاعتداء لتقديمه للمحكمة.
ويوضح الزغير أن التجمع استهدف وسائل الإعلام الإسرائيلية لفضح جرائم جيشها، مشيرًا إلى اهتمام القناة العاشرة تحديدًا بجرائم جنود الاحتلال التي تستهدف الأطفال، وتناولها باهتمام فاق حتى وسائل الإعلام الفلسطينية.
ويضيف، أن التجمع قدم مداخلة خلال مؤتمر اللجنة العامة لحقوق الانسان للامم المتحدة في جنيف قبل شهر ونصف، مؤكدًا أن التجمع بتواصل دائم مع وسائل الإعلام العالمي ولؤسسات حقوق الانسان، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي لكشف الجرائم شعبيًا.
تُحقق انتصارات
هذه الجهود نجحت في تحقيق مكاسب فعلية على حساب جيش الاحتلال، فيشير الزغير إلى الضجة الكبيرة الذي أحدثها تصوير الجندي ديفيد نحلاوي الذي يخدم في كتيبة ناحال بالخليل، خلال توجيهه السلاح صوب أطفال في المحافظة، مادفع الاحتلال لإجراء تحقيقات وشد وسائل إعلام عالمية لزيارة منزل الفتى وتناول ماحدث معه.
ويضيف أن عمليات توثيق مشابهة تراكمت حتى نجحت قبل عام، في طرد وحدة غولاني من الخليل.
من جانبه، يوضح أبوهشهش أن عمليات التوثيق نجحت في انتزاع أحكام قضائية إسرائيلية ضد جنود الاحتلال، كان منها تكسير رتبة جندي وطرده بعدما اصطادته عدسة كاميرا خلال إلقائه الحجارة على عائلة في الخليل.
ويبين أن التصوير أدى أيضًا، لإغلاق قضايا عديدة حاول جيش الاحتلال فبركتها لشبان وفتية، من خلال اتهامهم بالاعتداء على مستوطنين أو جنود، وتقديم شهود زور لذلك، إلا أن التصوير فضح حقيقة أن المتهم لم يكن إلا ضحية.
استهداف مباشر
ورغم استناد هذه النشاطات للقانون الدولي وحقوق الإنسان، إلا أن المتطوعين فيها يجدون أنفسهم مستهدفون بشكل واضح، ويقول الزغير إن التجمع يواجه اعتداءات الاحتلال بزرع أكثر من مصور في الموقع الواحد، ليضمن بذلك تصوير المصورين أنفسهم لو تعرضوا للاعتداء.
إلا أن ذلك لم يحم نشطاء التجمع من اعتداءات الاحتلال، حيث تعرض الناشط عيسى عمرو للاعتقال أكثر من 30 مرة، كما بات ارتداء نشطاء التجمع لـ "بطاقة حقوق الإنسان" الخاصة بالتجمع، سببًا في مضايقتهم واحتجازهم على الحواجز لساعات طويلة، أو الاعتداء عليهم بالضرب أحيانًا.
ويشير الزعير، إلى تهديدات تلقاها نشطاء التجمع من رئيس الحي اليهودي في كريات أربع، تطالب قائد منطقة الخليل باعتقال النشطاء إداريًا، وإلا فسيتم قتلهم وجعل الخليل تعيش في حمام من الدماء، كما زعم.
هذه التهديدات تكررت مؤخرًا بعد بعد قضية الجندي نحلاوي، والتي اعتبرت عصابات استيطانية أن التجمع وقف وراء فضح الجندي آنذاك بتصويره خلال اعتدائه على الأطفال.
الناطق الإعلامي باسم لجنة المقاومة الشعبية في بيت امر محمد عياد، كان له نصيبه من اعتداءات الاحتلال خلال عمليات التوثيق هذه، فيستذكر آخر اعتداء عليه قبل ستة أشهر، بإطلاق قنبلة غاز بشكل مباشر عليه من مسافة 30 مترًا رغم عدم وجود مواجهات، ما أدى لإصابته في صدره.
ويضيف، "في هذا العام تحديدًا أصبت أربع مرات برصاص مطاطي خلال توثيق الاعتقالات الليلية او المواجهات، بعضها كان متعمدًا، وبعضها خلال وجودي بالقرب من الشباب اثناء التوثيق".
ويوضح عياد، أنه تعرض لعدة إصابات في الأجزاء السفلية من جسده، مبينًا أن جنود الاحتلال يحرصون على تجنب التسبب بإصابات خطيرة له أو لبقية المصورين، لوجود تصوير وتجنب التعرض لعقوبات بعد ذلك".
مضايقات الاحتلال تجاوزت ذلك أيضًا، لتطلب من المصورين تصوير وجوه المتظاهرين، أو محاولة إقناعهم بترك العمل التطوعي أو طلب مقابل مادي لنشاطاتهم، مقابل الخطر الذي يتعرضون له.