فادي العصا
إذن "اللون البني.. وااع، زاكي مجنني"، ولا أدري إن كان النص صحيحا أم لا، ولكن الذي لفت انتباهي أن أغلب أصدقائي على "الفيسبوك" قالوا بأنها حلّقت في سماء وطننا الفلسطيني من غزة الى الضفة فالقدس، ولا أنسى طبعا الأراضي المحتلة عام 48، من أجل الاحتفالات بعرس شاب يسّر الله له ذلك-.
ولكن حتى لا نزاود على احد، ولا نكون من المنتقدين المتشددين الذين يسعون الى تخريب أفراح الناس، ومناسباتهم السعيدة، فإن هذه الأغاني تنطلق في ساعات المساء وتستمر حتى الفجر، في ليلة صباحها توجيهي!، سيتقدم فيها أكثر من 85 الف شاب وشابة وبعد ساعات قليلة من بدء الامتحان المصيري -كما يحب أن يسميه الكثيرون-.
ولأنني متأكد أن الصدفة بالتأكيد جعلت أعداد هذه الأفراح تزداد ليلة امتحان الثانوية العامة، فإن اللافت هنا ليس فقط تكبير هذه الأغاني عبر الصوت العالي، بل إنها امتدت فجراً -لا ادرى إلى متى-، ولكن حتى غفت عيناي الساعة الواحدة وبضع دقائق فجراً، ووسط ارتجاف كثير من المتقدمين للثانوية العامة الذي يفصلهم عن أول امتحان ساعات، بل دقائق فقط لأن شعور الخائف من مجيء الامتحان في الوقت أنه يجري بسرعة.
إذن لم يأبه الفرحون بأكثر من 85 ألف مواطن في الوطن، فكيف لهم أن يأبهوا بحالة الترقب لكل دقيقة تمر على أسرانا – الذين هم بضع مئات- ودخلوا يومهم الخامس والأربعين في الإضراب المفتوح عن الطعام لإنهاء سياسة الاعتقال الاداري، الذي أصبح اليوم أطول إضراب جماعي عن الطعام في التاريخ.
ولأننا الشعب الوحيد تحت الاحتلال، كان حريٌّ بنا أن نغني "للون البني" الذي يلبسه أسرانا وهم يخوضون معركة الأمعاء الخاوية، أفضل من الغناء للون البني الذي تلبسة راقصة هنا ومطربة هناك ، مستذكرين أن "لباس الشاباص" بني اللون، يلبسه الأسرى بدخولهم سجون الاحتلال.
وللأسف فان هذا الموقف الغريب على الشعب الفلسطيني، بأن كثيرا منه منعزل تماما عما يحدث حوله، لم ينسحب فقط على أغاني الأعراس، بل إنه انسحب على كل شيء في حياتنا، من مواقع اخبارية فلسطينية، تنسى أن تذكرنا، على الأقل، بأيام الإضراب وتنشر صوراً عارية للمطربين والمطربات الأحياء منهم والأموات، وصولا إلى "الطوشّ" التي أنتشرت في الشارع الفلسطيني لمن يتضامن أكثر مع الإسرى في سجون الاحتلال المستمرين وحدهم في إضرابهم، وسط ضجيج الأغاني، وطبول الانقسام.