دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى ضرورة تداعي الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقيات جنيف لعقد اجتماع طارئ، لبحث أوضاع المعتقلين الفلسطينيين المحتجزين تحت إطار "الاعتقال الإداري" في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بعد دخولهم اليوم الخامس والعشرين في إضرابهم عن الطعام الذي بدأ يوم 23 أبريل/نيسان الماضي.
وأشار المرصد -في بيان وزعه اليوم- إلى أن اتفاقية جنيف الرابعة لم تجز اعتقال المدنيين تحت ما يمكن أن يسمى بالاعتقال الإداري إلا "لأسباب أمنية قهرية"، بحيث يكون إجراء استثنائيا وتكون الحاجة إليه ضرورية بصورة فعلية.
وأضاف أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر أكدت على أنه "يجب الحفاظ على الطبيعة الاستثنائية لهذا الاعتقال، فيما تستخدمه السلطات الإسرائيلية بشكل واسع جداً، ولتقييد أنشطة سياسية سلمية غالباً".
وأشار إلى أن عدد القرارات الإدارية الجديدة التي صدرت عن الحاكم العسكري الإسرائيلي منذ بداية 2004 وحتى نهاية 2010، على سبيل المثال، قد بلغت 5971 أمرا، وهو الأمر الذي دعا لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري إلى استنتاج أن سياسة الاعتقال الإداري الإسرائيلية ليس لها ما يبررها باعتبارها ضرورة أمنية.
طبيعة استثنائية
[caption id="attachment_42139" align="alignleft" width="400"] فعالية تضامن حملت خلالها صور لبعض الأسرى الإداريين[/caption]وذكر المرصد أن الطبيعة الاستثنائية للاعتقال الإداري، والتي تقتضي أن يجرى في أضيق الظروف وللحاجة الأمنية المطلقة، كما نصت اتفاقية جنيف في مادتيها 42 و78 "تجعل ما تقوم به إسرائيل من اعتقال للأشخاص إداريا بسبب آرائهم السياسية أو مواقفهم الفِكرية من قضايا معينة اعتقالا تعسفيا، ذلك أنه لا دواعٍ أمنية تقتضي هذا الاعتقال". وأضاف أنه وفي كل الأحوال فإن الأصل في الاحتجاز الإداري أنه يخضع على الأقل للمعايير المنصوص عليها في المادة 4 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
كما يخضع للضوابط الواردة في المادة 75 من البروتوكول الإضافي الأول والتي تعد جزءاً من القانون الدولي العرفي، "وتقضي بوجوب إعلام الشخص بأسباب اعتقاله، وإعطائه فرصة الدفاع عن نفسه أمام محكمة قانونية، واعتباره بريئاً إلى أن تثبت إدانته".
وقال الأورومتوسطي إن هناك "مئات من الفلسطينيين الذين تعتقلهم سلطات الاحتلال كل عام رهن الاعتقال الإداري، يقضون مدداً طويلة بدون تقييم حقيقي لإمكانية الاعتماد على المواد السرّية التي تُستخدم ضدهم".
وفي سياق دعوته للدول الأطراف في اتفاقيات جنيف للاجتماع، قال المرصد "إن الأوامر العسكرية الإسرائيلية تعطي صلاحيات واسعة للحاكم العسكري فيما يتعلق بإصدار أوامر الاعتقال الإداري، وتجيز له أن يصدر أمراً (بالتقييد) بحق أي شخص لمجرد نشره الأخبار والآراء".
وأشار إلى أن "قوات الاحتلال الإسرائيلي قامت على سبيل المثال باعتقال عشرات الفلسطينيين لمشاركتهم في الأنشطة السلمية ضد جدار الفصل في الضفة الغربية وتم وضعهم رهن الاعتقال الإداري".
اعتقال تعسفي
وذكر الأورومتوسطي أن أي اعتقال خارج نطاق القواعد التي سبق ذكرها، يعدّ اعتقالاً تعسفياً، واحتجازاً غير مشروع، وهو ما يعدّ، حسب المادة (147) من اتفاقية جنيف الرابعة، من المخالفات الجسيمة التي ينبغي على الدول الأطراف في الاتفاقية تجريمها وفرض عقوبات جزائية فعّالة على مرتكبيها، بل وحتى ملاحقة المتهمين باقترافها أيّا كانت جنسيتهم، وتقديمهم إلى المحاكمة.
وفي ضوء ذلك، طالبت ساندرا أوين، الباحثة في قسم الشرق الأوسط بالمرصد الأورومتوسطي السلطة الفلسطينية باعتبار فلسطين طرفاً في اتفاقيات جنيف للمسارعة في دعوة الأطراف السامية المتعاقدة إلى الاجتماع، ومطالبتها بالقيام بدورها الذي أناطته بها المادة 1 من اتفاقية جنيف الرابعة، والتي تعهدت الدول بموجبها "بأن تحترم الاتفاقية وتكفل احترامها في جميع الأحوال".
[caption id="attachment_42138" align="alignleft" width="400"] #مي_وملح أوسع وسم للتعريف بإضراب الأسرى المضربين عن الطعام[/caption]ودعت أوين الدول الأطراف إلى العمل الجاد والسريع من أجل إنقاذ هؤلاء السجناء المضربين عن الطعام والضغط على إسرائيل لإنهاء حالة الاعتقال الإداري وإلغاء القانون الذي يحاكمون بموجبه، وذلك بموجب المادة 149 من اتفاقية جنيف الرابعة، والتي نصت على أنه "ما إن يتبين انتهاك الاتفاقية، يتعين على أطراف النزاع وضع حد له وقمعه بأسرع ما يمكن".
يذكر أن العديد من الحملات نظمت تضامنا مع الأسرى الإداريين المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
فقد أطلقت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي بأكثر من 12 لغة عالمية وبوسوم عديدة متفق عليها أبرزها وَسْم: "مَيّ وملح".
كما أطلق ناشطون حملة بعنوان "أسقطوا الملف السري" تهدف إلى التعريف بمعاناة الأسرى الإداريين وتطورات إضرابهم.
يذكر أن أكثر من 140 أسيراً إداريا يخوضون إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ 23 أبريل/نيسان الماضي وتزداد أوضاعهم الصحية خطورة يوما بعد آخر.