يتعرض المسجد الأقصى المبارك لهجمة إسرائيلية شرسة، تستهدف تهويده وسلبه من المسلمين، وتسليمه لعتاة التطرف من المستوطنين، على غرار ما جرى في المسجد الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة.
ويتضح ذلك من خلال التدنيس اليومي الذي يطال الحرم القدسي برعاية رسمية من حكومة وجيش الاحتلال، بالتزامن مع السعي لشرعنة تقسيم المسجد زمانياً ومكانياً بين المسلمين واليهود.
وبالعودة إلى السنوات الماضية، نرى أن المتطرفين اليهود لم يكونوا ليتجرأوا على الاقتراب من بوابات المسجد الأقصى، لأنهم على قناعة بأن الدنيا تقوم ولا تقعد في حال تفكيرهم في ذلك، والتاريخ سجّل انتفاضات كبيرة اندلعت وارتكب فيها الاحتلال المجازر بسبب المساس بالمقدسات في الأراضي الفلسطينية.
مذبحة "الأقصى"
ومن المجازر العديدة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي، مذبحة المسجد الأقصى المبارك يوم 10 أكتوبر العام 1990، بعد أن حاول المستوطنون ممن يسمون "جماعة أمناء جبل الهيكل" وضع حجر الأساس للهيكل المزعوم في ساحة المسجد الأقصى.
فقام المرابطون وأهل القدس بالتصدي لهم، فتدخل جنود الاحتلال الموجودون في ساحات المسجد وأمطروا المصلين بزخات من الرصاص، ما أدى لاستشهاد 23 شخصا وإصابة المئات بجروح، وتم إعاقة حركة سيارات الإسعاف واستهدف الأطباء والممرضين بشكل متعمد أثناء تأدية واجبهم، ولم يتم السماح بإخلاء الشهداء والجرحى إلا بعد 6 ساعات من بداية المذبحة.
هبة النفق
وفي العام 1996 قامت حكومة "بنيامين نتانياهو" في حينه بافتتاح نفق تم حفره أسفل المسجد الأقصى المبارك، ما أشعل انتفاضة بدأها طلبة جامعة بيرزيت في الضفة الغربية وامتدت إلى المناطق الفلسطينية كافة، وانخرطت فيها القوى الفلسطينية التي كانت حديثة العهد، ما أدى لاشتباكات مسلحة مع قوات الاحتلال سقط خلالها العديد من الشهداء، وتفاجأت سلطات الاحتلال بخوض الأمن الفلسطيني لغمارها، بعد أن ظنّت أن رصاصهم لن يوجه لها يوماً.
انحراف البوصلة
الآن، وبما أن الاحتلال استفرد بالمدينة المقدسة من جهة، بعد منع الفلسطينيين من دخولها، فضلاً عن انحراف البوصلة عنها من جهة أخرى، فإن التدنيس والتهويد أصبحا يومياً من دون أن يلقي لهما العالم بالاً، وباتت المدينة تعاني الوحدة وتركها لمصيرها بعد الخذلان الذي أصابها بحيث لم يذد عن حوضها إلا بضع مئات من طلبة مصاطب العلم ومن يسمح لهم بدخولها من المسنين.
كما أنها أصبحت معلقة في الهواء لكثرة الحفريات التي تمت وتتم تحتها تمهيداً لطمسها وتغيير معالمها.
التقسيم
ولشرعنة تهويد المسجد الأقصى، تسعى حكومة الاحتلال إلى سن قانون في الكنيست لتقسيمه زمانياً ومكانياً بين الفلسطينيين وعصابات المستوطنين، بحيث يسهل السيطرة عليه بالكامل في النهاية وحرمان الفلسطينيين من دخوله نهائياً، في مقدمة لهدمه وإقامة الهيكل المزعوم مكانه، والملاحظ أن عصابات المستوطنين سرّعت من وتيرتها على هذا الجانب إثر ضوء أخضر من حكومة اليمين المتطرف التي يقودها نتانياهو، وفي ظل حالة الصمت على السياسات الإسرائيلية بحق المدينة ومقدساتها.
ثورة البراق
اندلعت ثورة البراق في 9 أغسطس 1929 إثر محاولات اليهود السيطرة على حائط البراق إبان الانتداب البريطاني على فلسطين، ما أشعل ثورة امتدت من الخليل وبئر السبع جنوب فلسطين التاريخية إلى صفد شمالها، ما أرغم اليهود على التراجع عن أطماعهم، وسقط إثر الثورة عشرات الشهداء ومئات الجرحى.
كما اعتقلت سلطات الانتداب مئات الفلسطينيين، وأصدرت أحكاماً بالإعدام شنقاً على الثوار الثلاثة ذائعي الصيت فؤاد حجازي ومحمد جمجوم وعطا الزير، ونفّذت حكمها يوم 17 يونيو 1930 في سجن مدينة عكا المعروف باسم «القلعة».
وحائط البراق هو الجدار الغربي للمسجد الأقصى المبارك، وهو وقف إسلامي منذ عهد ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما أن فلسطين التاريخية بكاملها وقف إسلامي منذ ذلك العهد.
المصدر: البيان