شبكة قدس الإخبارية

رامي خنفر ..كُتبت له الحياة عدة مرّات..وضيّق المحتل أسْرهُ عليه بالألم والمعاناة

ايمان السيلاوي

أسمَوْه رامي ذاك الطفل الوسيم فتربّى وتدلّل بيْن طفولةٍ وصّبا وخضرةِ الجبلِ والوادي ، يلعبُ هنا وهناك مع صحبةٍ ظُرفاء ،وابتسامة والدين وإخوة وأخوات ، لكن وجود الغاصب المحتل أبى مفارقة الفكر والذات وهنا

بدأت الحكايات .

1616779_582113185209268_298180387_n

وُلد رامي في الثامن من آذار عام تسعمائة وألف وتسع وسبعون وهو شاب وسيم وقوي البنية وذو وجه بشوش دائم الابتسام ، وكان قد أنهى دراسته الثانوية في مسقط رأسه سيلة الظهر قضاء جنين ،وانتقل للناصرة للعمل في احدى المخابز لِيقتات كبقية جيله .

 في احدى أيام العمل الشاق ،سمع رامي من الاخبار باندلاع الانتفاضة الثانية واستشهاد أول شهيد (طارق الحنتولي) بتاريخ 21_10_ 2000، وقام على اثرها المحتل بطرد كل الشباب الفلسطيني في الداخل فعاد مسرعاً لبلدته وصحبته مدافعاً عن أرضه ووطنه بسلاحه البسيط وهو الحجارة ضد الاحتلال ، وهنا التقى مع صديقه عامر الحنتولي وبعض الشباب منهم : ياسر رحال ،فادي ابو علي ، مجدي خنفر ، أحمد أبو خضر ، سامر أبو دياك ، وكان رامي وعامر أول من أسّسا معاً مجموعة عسكرية لكتائب شهداء الأقصى برفقة عدد من الشبان ضمن منطقتهم (منطقة الشهيد أبو خالد) ، ولاحقاً استشهد عدد منهم، واعتقل عدد آخر وذلك ضمن الحكاية التي نرويها هذا اليوم على لسان أهالي البلدة.

 عندما استشهد طارق الحنتولي ، عمل شقيقه جاهداً للأخذ بالثأر من المحتل عن طريق قتل مستوطن بمساعدة صديقه رامي وكان ذلك في 20_6_2001، وهذا اليوم هو بداية المطاردة لهذين الشابين عامر ورامي من قبل قوات الاحتلال ، وهنا تعرضت سيلة الظهر على امتدادها لتصل لبلدة عطارة الى اجتياجات مستمرة وصلت أحياناً لحصار البلدة مدة تزيد عن 23 يوماً متواصلاً ، فقام أهل عامر بتسليمه للسلطة الفلسطينية، بينما اختفى رامي شهرين كاملين في طولكرم، وبعد ذلك اختفى مرة أخرى مع صديقه عامر بعد ان التقيا مرة جديدة في جنين ليُشكلا من جديدة مجموعة عسكرية  لكتائب شهداء الأقصى مع رفاقهم الوارد ذكرهم سابقاً .

 عمل هؤلاء الشباب في صفوف الأمن الفلسطيني في مقاطعة طولكرم ،ولم يمنع ذلك من الدخول  في عدة اشتباكات عسكرية مع الاحتلال ومن أهمها ما كان بتاريخ 18_1_2002 في طولكرم ،حيث تم قصف مقر المقاطعة بستة صواريخ من طائرات F16، وبقي رامي تحت الرّدم في مقر المقاطعة ، ولهذا المشهد عدة فيديوهات تم تصوريها له أثناء انتشاله من تحت الانقاض بعد أن ظن الأهالي أنه استشهد ولولا العناية الالهية ومناداته بكلمات (الله اكبر) كررها عدة مرات كي يسمعوه وينقذوه ، وكان الناس قد أطلقوا عليه اسم الشهيد الحي قبل اكتشاف صوته بعدة ايام.

 أصيب رامي على اثر هذه الواقعة بتهشم في ساقه اليمنى حيث وقع السقف على الجزء الأسفل من جسمه، وتم علاجه في مشفى الشهيد ثابت ثابت ،وأعاده أهله ليُعالجوه في بيته في بلدة سيلة الظهر وبعد ذلك عاد للعمل مع السلطة الفلسطينية بعد أن حصل على عفو .وبعد أن انتقلت مجموعته العسكرية إلى مدينة نابلس ، بقي صديقهم مجدي خنفر يخطط لعملية استشهادية ونجح فيها في منطقة باقة الغربية واستشهد خلالها بعد أن قتل عدد من الإسرائيليين وذلك يوم 30_3_2002، وأما فادي أبو علي وأثناء تواجده في نابلس استطاعت قوات الاحتلال اعتقاله وحكم عليه بالسجن واحد وعشرون عاماً ،كذلك ياسر رحّال اعتقل وحكم عليه بواحد وعشرين عاماً بعد مشاركة لهما في التصدي لاجتياح البلدة القديمة .

 بعد استشهاد مجدي خنفر انتقلت المجموعة الى مخيم جنين للتصدي لقوات الاحتلال ،فتم اعتقال أحمد أبو خضر مع ناصر عويس عام 2002، وعاد عامر لبلدة سيلة الظهر حيث يوجد صديقه رامي ، ولكن في 17_7_2002 ،واجتمعا في منطقة الدوار في البلدة، وكانت قوات الاحتلال قد أعدت لهم كميناً في مقرهم الرئيس في البلدة ،كان ذلك بحدود الساعة الحادية عشر ليلاً من يوم 24_2_2002، الا أن رامي ومن معه كانوا متواجدين في منطقة أعلى من المقر ،فضربت قوات الاحتلال مقر السلطة ودمرته تدميراً كاملاً ظناً منها أن رامي ومن معه بالداخل بهدف التصفية،  وتعرض الأسير رامي لعدة إصابات خلال الاشتباك مع قوات الاحتلال في تلك الليلة، فأصيب في الفخذ والساق الأيسر.

وفي تلك العملية استشهد المقاوم عامر الحنتولي، كما استشهد معه بشار الحنتولي ،واعتقل سامي أبو دياك وحكم  عليه بثلاث مؤبدات ، وهو شقيق الأسير سامر أبو دياك أحد أفراد مجموعة كتائب الأقصى في السيلة ويبلغ سامر اليوم الثلاث وثلاثين سنة ومحكوم عليه مؤبد وخمسة وعشرين سنة .

 بعد ذلك قام أهالي البلدة بنقل رامي عن طريق الاسعاف لمستشفى ثابت ثابت بطولكرم لانقاذ حياته من خلال طريق وعرة للابتعاد عن حواجز الاحتلال، وقد استغرق نقله فترة من الوقت أدت إلى تضاعفات على حالته الصحية.

 في مشفى رفيديا في مدينة نابلس  اجريت للأسير رامي عملية لمعالجة ساقه، وبعد 5 شهور نتيجة الحصار المفروض على بلدة سيلة الظهر ومدينة نابلس استطاعت والدة الأسير رامي رؤيته ، وتروي الوالدة أن " أحد معاوني الاحتلال وضع قنبلة متفجرة تحت سرير ابنها  وهو نائم واستطاعت بلطف الله اخبار اصدقاء رامي عن تواجد شاب غريب فوق رأسه، واستطاعوا كشف ما أعد الاحتلال له" ، واقتحمت قوات الاحتلال المشفى عدة مرات في محاولة لالقاء القبض عليه إلا أن المحاولات باءت بالفشل.

خلال تواجد رامي في المشفى تعرف على فتاة وارتبط بها وتزوجا وعاشا في نابلس خلال فترة المطاردة ، الا أن الاحتلال رصد تحركاته رغم حصوله على احفاء من الاحتلال بالاتفاق مع السلطة الفلسطينية.

 في التاسع والعشرين من ديسمبر للعام ألفين وخمسة ،اجتاحت قوات الاحتلال البناية التي يسكنها رامي وهو عائد من عمله في الاجهزة الأمنية ، وبعد حصار المكان تم اخراجهم والتعرف على الأسير رامي واعتقاله، نقل على أثرها إلى معسكر حوارة في 30_11_2004 ، وبقي خمسة وعشرون يوماً فيه، وبعدها لتحقيق الجلمة الذي مكث فيه ثلاثة شهور.

 يعاني رامي من وضعٍ صحّي مأساوي بسبب نقص في طول عظام ساقه يبلغ الاربع سنتميترات واكثر اضافة الى الاتهابات النّاتجة عن قضيب البلاتين والمدعم بثلاثة عشر برغياً معدنياً تعمل على احتكاكٍ دائم في ساقه بين الجلد واللحم من الداخل ، مما يسبب له آلاماً متفرقة في جسده اضافة الى السخونة المتكررة والملازمة له ، ورأسه والام الصداع ولا يقدمون له سوى المسكنات _ البندول_ وطلبت قوات الاحتلال مؤخراً منه بضرورة اجراء عملية له لاستئصال قضيب البلاتين والبراغي الى أنه رفض بسبب محاولات الاحتلال القضاء على ما تبقى من الساق والحياة فيها ، ويؤكد كل الأطباء الذين رأوا ملف رامي الطبي أن القضيب مدة صالاحيته فقط سنة ونصف ولكن الكارثة الكبرى التي سببها الاحتلال أنها رفضت علاجه في البدايات وهو حديث الاعتقال ، كما أكد الاطباء على أن مضاعفات الالتهابات قد تسبب الغرغرينا لساقه وبالتالي بترها ، ولكن الاهمال الطبي المتعمد من قبل ادارة السجن ترغب في تسبب الأذى للأسير رامي خنفر .

 وهنا تطالب عائلة الأسير رامي خنفر بضرورة الاهتمام من قبل السلطة الفلسطينية التي قصرت في موضوع ابنها والموظف لديها أساساً في تفعيل قضيته والمحاولات لانقاذ حياته يجب أن تكون جادة في وضع اسمه ضمن قائمة الأسرى المرضى والمطالبة بهم خلال مفاوضاتها مع المحتل ، كما تطالب عائلته الحقوقيين والاعلام المحلي والعربي بضرورة نشر حالة الاسير المريض الذي قد يفقد ساقه بالكامل بسبب الاهمال الطبي المتعمد ، ونوهت عائلة الأسير للتركيز على طلب الاحتلال بدفع سبعين ألف شيكل واجراء هذه العملية التي يرفضها الأسير المريض رامي خنفر.

 ويجب التنويه الى أن والدة الأسير خنفر والمريضة أيضاً قد تعرضت للاعتقال بعد زيارة ولدها رامي ، في سجن ايشل مدة اسبوعين ودفع غرامة مالية قدرها ثلاثين ألف شيكل ككفالة لموافقة الاحتلال نقلها الى مدينة رهط وكان كفيلها السيد عبدالكريم عتايكة في الداخل المحتل حيث كانت مدة الاحتجاز تسعة أشهر كاملة ، وبعد ذلك دفعت خلال استئناف المحكمة خمسة وعشرين ألف شيكل ليتم السماح لها بالعودة لبلدتها سيلة الظهر ، وهذه المبالغ تم جمعها من فاعلي الخير ، حيث أن زوجها _والد الأسير _ مريض ويعاني من الدسك ولا يستطيع العمل