شبكة قدس الإخبارية

الثوابت الفلسطينية في عام 2014

أحمد جمال

 قد يتبادر لأذهانكم أو قد يتراءى لأفئدتكم من وحي عنوان مقالي هذا بأني سأتحدث عن القدس أو اللاجئين أو الحدود الجغرافية وما سواها من قضايا ومواضيع ظلت شائكة منذ انطلاقة رحلة المفاوض الفلسطيني المكوكية قبل سنين طويلة وحتى يومنا هذا، وحقيقة الأمر بأني لن أتحدث عن تلك الثوابت التي يحفظها كل الفلسطينيين من رضيعهم حتى كهلهم عن ظهر قلب، تلك الثوابت التي لا يسأم ولا يكف عن ترديدها الشرفاء والعملاء على حد سواء.

فما أن يبدأ نجم عام 2013 بالأفول ونجم عام 2014 بالتوهج حتى يبدأ الأفراد والحكومات والأمم بمراجعة إنجازاتهم على مدار سنة ماضية واستخلاص العبر منها للتأكيد على أهداف وثوابت العام القادم سعياً منهم جميعاً لتحقيق تلك الثوابت، وعلى ما يبدو لي حتى لحظة كتابة هذا المقال فإن قيادتنا الفلسطينية الحكيمة قد أكدت على ثوابتها لعام 2014 والمتمثلة بالآتي:

1) محمود الهباش: وهو الإسم الذي طالما ارتبط بانقسام شطري الوطن حيث لمع نجمه منذ عام 2006 وحتى يومنا هذا كبوق فتنة بين حركتي فتح وحماس، ومما أراه فإن حركتي فتح وحماس – على خلافاتهما واختلافاتهما الجوهرية الكثيرة- يتفقان فيما يتفقان على كره وبغض هذه الشخصية المقيتة، كيف لا وهو العنصر المفصول من حركة حماس بتهمة اختلاس أموال اليتامى وهو ذاته ذاك المتسلق المتملق الذي سرعان ما اعتلى صهوة حركة فتح ليصبح من أكثر الشخصيات السياسية تأثيراً ووزناً،، بل إن تغير منصبه أو تعديل حقيبته غير مرتهن بتغير الحكومات الكثيرة المتعاقبة حتى لو كلف ذلك تغيير رئيس الوزراء ذاته.

كثيرة هي الأقوال وكثير ذاك الجدل الدائر حول هذه الشخصية فمن استقلالية خزينة وزارة الأوقاف الفلسطينية عن الخزينة العامة لوزارة المالية الفلسطينية وصولاً إلى خلافاته مع رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد لله انتهاء بحادثة إطلاق النار الغامض نحو مكتب الوزير المذكور يبقى الجدل حاداً ومتجذرا، ولكن خلاصة القول بأن القيادة الفلسطينية قد أبدت تمسكاً خلال السنوات السابقة بهذه الشخصية أكثر من تمسكها بمدينة القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، كما أن إزاحة هذه الشخصية عن الساحة الفلسطينية كفيل بالاستدلال على مدى جدية ومصداقية القيادة الفلسطينية في تحقيق المصالحة الفلسطينية المنشودة.ً

2) أحمد مجدلاني: إن فتشتم في السيرة الذاتية للوزير أحمد مجدلاني فستجدون بأن الوزير المذكور هو ابن المناضل عبد السلام مجدلاني وهو شخصية نضالية عرفت بنضالها المتفاني ضد الانتدابين البريطاني والفرنسي ثم الإحتلال الاسرائيلي لاحقاً لذلك كما أن عمه هو الشهيد عبد الهادي مجدلاني، إلا أن شخصية الوزير المذكور لا توحي لك بأنه ابن لعائلة مناضلة قدمت الغالي والنفيس في سبيل الدفاع عن بلاد الشام من مطامع الدول الاستعمارية، فاسم هذا الوزير لا يرتبط بهذه السيرة العطرة بقدر ارتباطه بفضيحة إطلاقه أبشع الألفاظ وأشد الشتائم على موظفي السلطة الوطنية الفلسطينية وعلى الهواء مباشرة خلال استضافته في أحد البرامج على منبر إذاعة راية أف أم.

ينتمي المذكور لما يسمى بجبهة النضال الشعبي الفلسطيني – تلك الجبهة التي لم نكن لنسمع لها صوتاً في أوج سنوات انتفاضة الأقصى حينما كانت باقي الفصائل الفلسطينية تذود بأغلى ما تملك لرد بطش الاحتلال عن الشعب الفلسطيني الأعزل – كما يشغل المذكور حالياً منصب وزير العمل في حكومة رامي الحمد لله، إضافة لشغله لموقع مدير صندوق التشغيل – ذلك الصندوق الذي لا يعرف أحد العبرة من تأسيسه ولا حتى أسباب عدم تشغيله.

ورغم أن المذكور قد ولد في دمشق في عام 1955 إلا أنه يعود في أصله إلى مدينة صفد .. تلك المدينة التي ترجلت قيادتنا ذات مرة وقررت بأحقيتنا كفلسطينيين بزيارة هذه المدينة مع ارتهان ذلك بالتنازل عن حقنا في استرجاعها أو العيش فيها. كثيرة هي المناصب التي تقلدها مجدلاني وكان أبرزها منصب وزير الزراعة الفلسطينية ومنصب وزير العمل الفلسطيني، ليست مهمة كثيراً أهمية مسميات تلك المناصب بقدر أهمية تمسك قيادتنا الحكيمة بهذا الثابت الفلسطيني الآخر.

3) رياض المالكي: وهو وزيرٌ سابق للإعلام الفلسطيني ويشغل حالياً منصب وزير الشؤون الخارجية الفلسطينية، وهو ذاته العنصر البارز سابقاً في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حيث تم في عام 1990 تجميد عضويته ومن ثم فصله من الجبهة الشعبية نظراً لمواقفه التنازلية الخانعة كما تقول الجبهة وصفحات التاريخ. بالنسبة لي .. لا يرتبط اسم هذه الشخصية بشيء بقدر ارتباطه بمصطلح التطبيع بين العرب والفلسطينيين من جهة وإسرائيل من جهة أخرى وذلك من خلال المؤسسات والمراكز التطبيعية التي يؤسسها ويديرها الشخص المذكور.

ذات يوم سئل رياض المالكي عما إذا كان هنالك صلة قرابة تجمع بينه وبين أداة الاحتلال الأمريكي في العراق نوري المالكي حيث كان إجابة الوزير بالنفي القاطع والتبرير بأن اسم عائلة المالكي موجود ومنتشر في مختلف الدول العربية من شرقها إلى غربها .. قد يكون جواب الوزير صحيحاً إلا أنه ليس فيه من الصحة بقدر صحة ارتباط اسم هذا الوزير بالنفوذ الاستعماري الأمريكي في الشرق الأوسط شأنه في ذلك شأنه نظيره نوري المالكي.

 انتهى عام 2013 وبدأ عام 2014 وبدأ معه فصل جديد من تشبث قيادتنا الحكيمة بالثوابت الفلسطينية الثلاث آنفة الذكر التي ستبقى جاثمة على صدور وأنفاس الشعب الفلسطيني مهما تبدلت الحكومات ومهما تقلبت الوجوه في رئاسة مجلس الوزراء الفلسطيني، وإلى أن يتغير هذا الحال وإلى تسقط هذه الثوابت كما سقطت ثوابت أخرى قبلها من أمثال محمد دحلان ومحمد رشيد ورشيد أبو شباك وقائمة تطول من المناضلين الكبار سأبقى أقول: تعساً للمواطن والوطن وهنيئاً لقيادة الوطن بهذه الثوابت.