شَبَحوهُ في زِنْزانَةِ التَّحْقيقِ وانْقَضّوا عَلَيْهِ وَقَيَّدوهُ وَعَذَّبوهُ وَلَمْ يُساوِمْ حَجَبوا ضِياءَ الشَّمْسِ عَن عَيْنَيْهِ فَانْتَفَضَ الأَبِيُّ وَظَلَّ صائِمْ مَنَعوا الهَواءَ وَأَحْكَموا إغْلاقَه عن ناظِرَيْهِ وَلَمْ يُهادِنْ رَفَعَ العَزيمَةَ في إباءٍ وَامْتَطَى أَلَقَ الصُّمودِ وَظَلَّ مِثْلَ السَّيْفِ صارِمْ ما لانَ يَوْماً أو تَراخَى أو تَنازَلَ أو تَهاونَ، إنَّه الإصْرارُ يَنْبِضُ في الزّنودِ وفي المَعاصِمْ أُسْطورَةُ التّسعينَ يَوْماً خَلَّدَتْهُ فَشَنَّ حَرْباً جُنْدُها الأَمْعاءُ والنَّفَسُ الطَّويلُ، شِعارُها الصَّبْرُ الجَميلُ، لواؤُها المَجْدُ الأثيلُ، وصبرُها ألقُ المقاومْ يا سامرَ الأحرارِ يا ابْنَ الأَكْرَمينَ هَزَمْتَهُمْ بِالجُوعِ فَانْتَصَرَتْ مَبادِؤكَ النَّبيلةُ وَاخْتَفَى الوَهْمُ المُغَلَّفُ بِالتَّمائِمْ خارَتْ قُوى السَّجّانِ بَيْنَ يَدَيْكَ وانْحَسَرَتْ أمانيه الذَّليلةُ بَيْنَ أحْلامِ الصُّقورِ وبينَ إطراقِ الحَمائِمْ هيَ قِصَّةُ الإصرارِ لِلأجيالِ تُرْوَى بِالفَخَارِ مَفادُهُا: "رَكَعَ المُحَقِّقُ لا المُقاوِمْ"