شبكة قدس- ترجمة خاصة
قال الكاتب "جدعون ليفي" محلل الشؤون الفلسطينية بصحيفة "هآرتس" العبرية إن الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" خان قيمه التي منحته المجد العالمي وجائزة نوبل للسلام، حينما وجه كلمة للشعب "الإسرائيلي" قبل أيام من خلال مقابلته مع القناة العبرية الثانية والتي قال فيها "إنه يحترم قيم المواطنين "الإسرائيليين" دونما أن ينتبه ان هناك شعبا فلسطينيا يعاني الويلات والكوارث نتيجة الاحتلال الواقع عليهم.
وأضاف "ليفي" في مقالة له نشرتها الصحيفة اليوم "أوباما" عاقب بكلمته مواطني "إسرائيل"، فهو يتحدث اليهم كأنهم طائفة من الجهلة، ولا سبيل أخرى لفهم كلامه سوى ذلك، فالتملق الذي أسبغه فيها على رئيس "إسرائيل" يتجاوز كثيرا قواعد الدبلوماسية بل مقدار الأدب الامريكي المزيف.
وأوضح "ليفي" "أوباما يقول انه يريد "أن يُصادق الشعب الاسرائيلي"، وقد فعل هذا خصوصا بصورة جيدة فقد قال للإسرائيليين فقط ما يحبون سماعه، لكننا كنا نتوقع من اوباما أكثر من ذلك، وحينما يقول اوباما انه "يُجل قيم اسرائيل الأساسية"، يجب ان نسأله عن أية قيم يتحدث، هل عن سلب الفلسطينيين إنسانيتهم؟ هل عن معاملة المهاجرين الأفارقة؟ هل عن الاستكبار والعنصرية والقومية؟ هل يُجل هذه؟.
أولا تُذكره الحافلات المستقلة "واحدة للعرب وأخرى لليهود" بشيء ما؟ ألا "تقرع الجرس عنده" جماعتان مستقلتان تعيشان على نفس قطعة الارض ولأحداهما حقوق كاملة والثانية بلا أي حق؟ هل يُجل القيم الأساسية وهو يعلم ان الحديث عن واحدة من أشد الدول عنصرية مع جدار الفصل وكل ظواهر التمييز العنصري الاخرى؟.
ويتابع "إن تجاهل كل ذلك يعني خيانة كل القيم الأساسية لحركة حقوق المواطن في الولايات المتحدة التي بفضلها نشأت أعجوبة اوباما، ومن المؤسف انه لا يستطيع ان يحقق طموحه "الى إلصاق شارب له" والحديث مباشرة الى الإسرائيليين: فقد كان لو فعل لسمع كيف يتحدثون عن السود أمثاله، ومن المؤسف انه لا يستطيع ان يجلس في مقهى "ويُباسطهم" كما كان يريد لأنه لو فعل لسمع ما هي القيم الأساسية التي تستحثهم.
ويقول "ليفي" "الفلسطينيون قالوا في ولاية "أوباما" الأولى قبل انتهائها بقليل إنه يجب انتظار الولاية الثانية، وعندما جاءت الولاية الثانية جاء "أوباما" ليقول لهم إنه آتي "للاستماع" فقط.
لكن زيارته هذه ليست للاستماع فقط لأن الجميع قد استمعوا من قبل بما يزيد على الحاجة، فرئيس وزراء "إسرائيل" "بنيامين نتنياهو" على لسانه طول الوقت، أما قادة الفلسطينيين (أبو مازن وسلام فياض) فلا يخطورن له في بال، وعندما ياتي "سيقول" لأبو مازن افعل كذا ولا تفعل كذا، و"سيقترح" على "نتنياهو" ما رأيك بهذا وهل توافق على هذا؟".
"أوباما يذكر "نتنياهو" آلاف المرات في البيت الأبيض، ولا يذكر حتى مرة واحدة وحيدة الاحتلال، إن الحديث عن "حكم ذاتي" للفلسطينيين كأنه العودة الى الوراء عشرات السنين، ومن غير أية كلمة عن العدل، وكذلك الحديث عن الأمن الذي هو أبدا أمن "إسرائيل" فقط لا أمن الفلسطينيين البتة الذين يعيشون في خطر أكبر بكثير.
ويضيف الكتاب "إننا بين اثنتين فإما أننا اخطأنا فيه وهو بالفعل رجل إصلاح، وإما أنه يحاول تضليلنا وليس من الواضح لماذا، ما الذي يعطيه تملق "إسرائيل" وادعائها أنها تريد السلام الحقيقي دون شروط، اذا لم يوجد الى جانب هذا التملق مطالب يجب عليها تحقيقها؟، وأي قيمة لطموح "أوباما" الى الحديث الى "الاسرائيليين" في زيارته المنتظرة إذا لم يكن ينوي أن يقول لهم شيئا سوى التملق الأجوف، وأية قيمة للزيارة اذا كانوا لا يريدون مسبقا ان يروا أية نتائج تصدر عنها.
ويختم الكاتب كلامه بالقول "إن اوباما الذي يعلم شيئا أو اثنين عن الحقوق والظلم والسلب والتمييز والاحتلال، والذي سمع في بداية طريقه شيئا كثيرا عن مصير الفلسطينيين من صديقه الفلسطيني في الجامعة البروفيسور رشيد الخالدي، ومن صديقه المرحوم "إدوارد سعيد"، هل نسي كل شيء؟، هل نسي ما كان يقوله لهما "إنه يحلم بدولة فلسطينية مزدهرة"، هل يُمحى كل شيء في السياسة الدولية حتى حينما تكون براك اوباما، نجمها الأعلى والمدهش والأكثر اثارة وتأثيرا؟.