تكلّم الفتى الأصم محمد هزاع دراغمة بلغة الإشارة، إلا أن رسالته وصلت، وأفاد أنه بات وعائلته قبل أيام قليلة بلا كهرباء في مساكنهم بقرية الجفتلك بالأغوار الشمالية شمال الضفة الغربية، بعد أن قطعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي التيار الكهربائي عنهم.
وإذا كان الطفل محمد أرغم هو وعائلته المكونة من عشرة أفراد على العيش بدون كهرباء، فلن يستطيعوا النوم بالعراء، في ظل عمليات هدم متكررة لمنازل الأهالي ضمن سياسة لتطهير الأغوار من سكانها الفلسطينيين.
وفي الجفتلك حيث قطعت سلطات الاحتلال التيار الكهربائي عن الفلسطينيين، يقول المزارع هزاع دراغمة (والد الطفل محمد) إنهم فوجئوا قبل أيام بقطع الاحتلال الإسرائيلي للتيار الكهربائي عنهم، بحجة عدم تسديدهم لأثمان استهلاك الكهرباء.
ووفق دراغمة فإن سلطات الاحتلال أبلغتم أن "سلطة الطاقة الفلسطينية هي من أوعز لهم بتحصيل مستحقات الكهرباء من المواطنين مباشرة، البالغة نحو 200 ألف دولار أميركي".
معاناة متفاقمة
لكن الفلسطينيين أكدوا أنهم كانوا يدفعون أثمان الكهرباء أولا بأول عبر جمعية تعاونية أسسوها لخدمتهم، إلا أنه تبين وقبل ثلاث سنوات أنها لم تكن تسدد للإسرائيليين ثمن الكهرباء، فتراكمت المبالغ القديمة والجديدة، خاصة بعد أن اكتشف الأهالي ذلك وامتنعوا عن الدفع.وطالبوا السلطة بدفع أثمان الكهرباء كوسيلة لدعم صمودهم وبقائهم أسوة بمناطق أخرى مشابهة.
ويؤكدون أنهم في الجفتلك وحدها ينفقون قرابة سبعة ملايين دولار على مشترياتهم من الأدوات والمواد الزراعية من إسرائيل التي تبيعهم إياها "مع الضريبة العالية"، ثم تسترجع السلطة الفلسطينية عائدات الضرائب الإسرائيلية، دون أن يستفيدوا من ذلك.ويزرع دراغمة أكثر من خمسين دونما بالخضروات (الدونم يساوي 1000 متر مربع) يتهددها انقطاع التيار الكهربائي في أية لحظة.
ولا تبعد منطقة أبو العجاج المهددة بقطع الكهرباء عن مستوطنة مسواه الزراعية الإسرائيلية سوى مائة متر، ويسمح بها للإسرائيلي باستهلاك خمسة أضعاف الفلسطيني من المياه يوميا، ومثلها من الكهرباء.ويأتي قطع الكهرباء كحلقة في سلسلة ممارسات احتلالية متواصلة لترحيل الأهالي، يُعد الهدم أبرزها وأكثرها قسوة.
مبيت بالعراء
وطالت عمليات الهدم أربع منشآت سكنية تعود لمواطنين من الجفتلك، لتشرد بذلك نحو أربعين مواطنا وتحوّلهم للمبيت بالعراء وتحت الأشجار، يقول سليمان توفيق أحد المستهدفين بالهدم.
وتُخطر سلطات الاحتلال غالبية المواطنين في الجفتلك بهدم منازلهم بحجة عدم الترخيص، وترفض في الوقت ذاته منحهم أية تراخيص، أو الرد على شكاويهم وتظلماتهم لدى محاكمها.
ويؤكد فتحي خضيرات رئيس حملة "أنقذوا الأغوار"، أن الهدم وقطع الكهرباء وغيرها من الأساليب، تشير إلى سعي الاحتلال الحثيث لترحيل المواطنين.
ووفق خضيرات تتمثل المعضلة بالمقابل في قلة الاهتمام والتقاعس الفلسطيني عن الدفاع عن هذه "المواقع الإستراتيجية".
ويضيف أن الخطورة تكمن "بتنازل السلطة الفلسطينية عن صلاحياتها للاحتلال"، بسماحها للإسرائيليين بأخذ مستحقات الكهرباء من المواطنين.
ويُشدد على أن قطع الكهرباء يعني تعطل 12 بئرا للمياه، وبالتالي تلف ستة آلاف دونم من الزراعة المروية، وتهديد أكثر من عشرين ألف دونم أخرى، والإضرار بألفي مزارع، وإرغامهم وعائلاتهم على ترك الأرض.
لا تعليق ولم يرد ضابط جيش الاحتلال الإسرائيلي عن الإدارة المدنية الذي جاء لتنفيذ أوامر الهدم عن سؤال " فيما إذا كانت السلطة الفلسطينية هي من طلب من الإسرائيليين تحصيل أثمان الكهرباء من المزارعين الفلسطينيين اول لا؟."
كما رفضت سلطة الطاقة الفلسطينية التعليق على الأمر، واكتفت بالقول إن "الملف هو استحقاق مالي من اختصاص وزارة المالية".
المصدر، عاطف دغلس ، الجزيرة نت