شبكة قدس الإخبارية

معلومات مذهلة عن عصابات الجريمة المنظمة في "إسرائيل"

هيئة التحرير

انتشرت في الآونة الأخيرة وبصورة ملحوظة عمليات تنسب للجماعات الإجرامية داخل دولة الاحتلال، وباتت تلك العمليات التي كثرت تقلق الجهات الأمنية الإسرائيلية، خصوصا بعد اتباع تلك المجموعات أساليب تشبه إلى حد ما أساليب المافيا العالمية من تفجير للسيارات المفخخة في مراكز المدن، وعمليات التصفية والسطو على البنوك، والتجارة الدولية بالمخدرات وتزييف الأموال وتبييضها، كل ذلك تقوم به عصابات الجريمة في "إسرائيل".

تاريخ مشبوه

نُشرت في مطلع السبعينات في صحيفة "هآرتس" سلسلة تقارير بشأن مؤسسة الجريمة المنظمة في "إسرائيل"، مع تفصيل المجالات التي عمل فيها المشتركون في الجريمة، ومن ضمن ذلك القمار غير القانوني، وجباية الأتاوة (الدفع الإجباري مقابل عدم المساس بصاحب المحل) وجباية الديون. وقد فندت لجنة الفحص التي تم تعيينها من أجل فحص ادعاءات الصحفيين، ما جاء في التقارير، وقررت أنه لا جريمة منظمة في دولة الاحتلال.

[caption id="attachment_33210" align="aligncenter" width="605"]مخبأ أسلحة لعائلة من عائلات الجريمة مخبأ أسلحة لعائلة من عائلات الجريمة[/caption]

في سنة 1977 نُشرت مجددًا في صحيفة "هآرتس" تحقيقات صحفية كثيرة حول مؤسسة الجريمة المنظمة في دولة الاحتلال، وقد خلُصت التحقيقات، إلى أنه ليس فقط أنّ في "إسرائيل" جريمة منظمة، بل إن لهذه الجريمة علاقات مع شخصيات جماهيرية مرموقة بما في ذلك ضباط كبار في الجيش. في سنة 1978، قررت لجنة تقصي حقائق حكومية، التي تم تعيينها في أعقاب التحقيقات المذكورة، أن هناك جريمة منظمة.

تبلورَ في نهاية سنوات التسعين ومطلع سنوات الألفين عددٌ من مجموعات الجريمة المنظمة، والتي بدأ الجمهور الواسع بالإحساس بنشاطها، على خلفية تصفيات كان ضحيتها أيضًا إسرائيليون مدنيون، ومن جملة ذلك محاولة تصفية "زئيف روزنشطاين"، الذي قتل خلالها ثلاثة من المارّة في سنة 2003، وتصفية "يعقوب ألفرون" سنة 2008 في قلب "تل أبيب".

عائلات الإجرام

نشطت الشرطة الإسرائيلية وجِهات التحقيق والتحرّي الشرطيّة الخاصة في السنوات الأربع الأخيرة إلى تسليم ومحاكمة عشرات رؤوس عائلات الجريمة. ومنذ أن تم اعتقال المجرمين القدامى، أو تمت محاكمتهم وحبسهم، تغيّرت صورة وضع عالم الجريمة في دولة الاحتلا ووصل إلى رأس الهرم مجرمون جدد- أكثر جرأة وليسوا أقل قسوة، يعملون بأساليب أكثر تعقيدا من أساليب الجيل السابق.

اعتقال روزنشطاين

اعتقال روزنشطاين

الآباء المؤسسون

كانوا ثلاثة: "زئيف روزنشطاين" الملك، و"آسي أبوطبول" الأمير، بينما "إيتسيك أبرجيل" ولي العهد الذي انتظر بصمت وقوعهما في الأسر، حيث سيطر الثلاثة خلال سنوات الثمانين وحتى أواسط سنوات الألفين على منظمات الجريمة في "إسرائيل".

فقد سيطروا على سوق القمار غير القانوني في إسرائيل والخارج، وتاجروا بالمخدرات، وبجباية الأتاوات، ومنح قروض في السوق السوداء وتبييض الأموال، لوحدهم أو مع بعضهم البعض، دارت بين أيدي الثلاثة مليارات الشواقل في السنة، فامتلكوا بيوتًا فخمة، وقادوا سيارات مرفهة، وأقاموا الحفلات الراقية وعاشوا على سقف العالم.

لكن منذ أن مر عقد كامل، تغير الحال، فقد تم اعتقال "روزنشطاين"، وتم تسليمه للولايات المتحدة الأمريكية، وحُكم عليه بالسجن لمدة 17 عامًا ويقضي عقوبة السجن في سجن إسرائيلي، وتم تسليم "إيتسيك أبرجيل" إلى الولايات المتحدة حيث ينتظر بدء محاكمته، وبالمقابل تمت محاكمة "آسي أبو طبول" وحُكم عليه بالسجن 18 عامًا، بسبب الضلوع في التخطيط لجريمة، والابتزاز وتبييض الأموال.

الجيل الجديد: أكثر جرأة وخطرًا

يقول ضابط كبير في شرطة الاحتلال: "إن الجيل الجديد من منظمات الجريمة أكثر ذكاء، فهم يستعينون بخبراء في مجال التكنولوجيا وباقتصاديين من أجل تبييض الأموال، فهم يستعينون مثلا بجنود الجيش الذين يختصون بتركيب العبوات الناسفة، وهم أيضًا أكثر دقة في أدائهم: فمثلاً بدلاً من أن يرسلوا قاتلين مأجورين مثلما كان في الماضي، فإنهم يفجرون عبوات ناسفة عن بعد أو بواسطة ساعات توقيت جديدة".

[caption id="attachment_33212" align="aligncenter" width="538"]المتهم عمير مولنر المتهم عمير مولنر[/caption]

عمير مولنر (41) هو رئيس منظمة الجريمة الأكبر في دولة الاحتلال، بدأ حياته جنديًا مغمورا لدى المجرمين القدامى، وانضم في شبابه إلى الكثير من العصابات، انتظرت جميع وحدات الشرطة وقوع "مولنر" لكنها لم تنجح في إثبات شيء، وكان هو الذي يضحك في نهاية المطاف، يعتبر "مولنر" مجرمًا محنكًا بارد الأعصاب، من الصعب إدانته. قبل سنوات، عندما تم اعتقاله بتهمة حيازة سلاح وحكم عليه بالسجن 32 شهرًا، احتفلت الشرطة كما لو أنّه حُكم عليه بالسجن عشر سنوات.

تشير التقديرات إلى أن المنظمة التي يرأسها مولنر، والتي تضم أيضًا مجرمين يهود من فرنسا، تضم مئات الجنود، الذين يعملون تحديدًا في منطقة المركز، دخلهم الأساسي من تبديل العملات، والقمار غير القانوني عبر الإنترنت، وتجارة الماس، وفضّ الخصومات وجباية الأتاوات.

يختص أحد تخصصات رجاله بإنتاج العبوات الناسفة، التي أدت إلى مقتل مجرمين كثيرين في السنوات الأخيرة، من بينهم "يعقوب ألفرون". ومن الغنيّ عن الذكر أن الشرطة لم تنجح في إثبات علاقة مولنر بأي واحدة من هذه العمليات.

"شالوم دومراني" (39) معروف لدى الشرطة بأنه رئيس منظمة الجريمة الأكبر في الجنوب، وهو يوسع اليوم نشاطه في "تل أبيب"، تم اعتقاله عدة مرات وأطلق سراحه بعد فترات اعتقال قصيرة، قرر دومراني مؤخرا الهجرة من "إسرائيل" إلى المغرب، ثم عاد. أعلنت الشرطة، في تشرين الأول من السنة المنصرمة، إحباط محاولة لتصفيته من قبل مجرمين من منظمة جريمة منافِسة.

تبسط منظمة "دومراني" نفوذها على فروع تبديل العملات في الوسط والجنوب، كما يتخصص دومراني بتوزيع الفواتير المفبركة بمليارات الشواقل والسيطرة على مصالح اقتصادية قانونية، وتصدر اسمه مؤخرًا العناوين بعد تفجيرين في سيارات مفخخة وقعا في مدينة عسقلان.

لدومراني "سبعة أرواح" كما يقول مقربون منه. حاول مجرمون منافسون تصفيته الكثير من المرات، تم في إحداها إطلاق صاروخ لاو نحو بيته، لكنه لم يكن حينها في المنزل، في سنة 2007 أُطلقت أعيرة نارية تجاه سيارة كان من المفترض أن يمكث فيها، ما أدى إلى وفاة شابة إسرائيلية، ونقل دومراني نشاطه في العامين الأخيرين إلى المغرب، حيث أقام مشاريع اقتصادية في فروع الزراعة والصناعة والنسيج، حاز على جنسية مغربية ومنذ ذلك الحين يتنقّل على خط إسرائيل-المغرب.

[caption id="attachment_33213" align="aligncenter" width="532"]ريكو شيرازي الخبير الأول في مجال تبييض الأموال ريكو شيرازي الخبير الأول في مجال تبييض الأموال[/caption]

"ريكو شيرازي" (51) كان فيما مضى لاعب كرة قدم معروف في مدينة نتانيا، لكنه تعرض إلى إصابة أدت به ترك اللعب وبدأ رويدا رويدا بالتقرب من عالم الجريمة، ويعتبر من المحنكين فيه. يسكن شيرازي اليوم بيتا فاخرا في مدينة "هرتسليا"، ويسيطر على مصالح اقتصادية كثيرة في مجال السفريات والمطاعم وجباية الديون والأتاوات والعقارات، مكث في السجن فقط حتى الآن بتهمة جرائم خفيفة نسبيًا (تزييف، ومضايقة شرطية واعتداء).

تعتبر الشرطة شيرازي الخبير الأول في مجال تبييض الأموال. ويعتبر مختصًا في غسل أرباح منظمة الجريمة التابعة له، وفي مساعدة مجرمين آخرين ومواطنين عاديين ليس لهم ماضٍ جنائي.

ويعتبر شيرازي العدو اللدود لعائلة "أبو طبول" ولـ"إيتسيك أبرجيل"، وتشك الشرطة أن شيرازي، بالتعاون مع "شالوم دومراني" و"عمير مولنر"، كانوا ضالعين في تصفية "فرانسوا أبو طبول" قبل عامين. وتُعزى إلى منظمة "شيرازي" العديد من التصفيات التي وقعت في السنوات الأخيرة في منطقتي "الشارون" و"تل أبيب"، وكذلك إلقاء قنابل يدوية تجاه بيوت رجال أعمال معروفين.

منظمات جريمة فلسطينية

منظمة الجريمة "الجاروشي" هي الأكثر أقدمية على الساحة. تعيش من التجارة بالمخدرات ووسائل القتال وتسيطر على مصالح اقتصادية تعرضت لضائقة مالية، تدير زعامة المنظمة علاقات تعاون مع "شالوم دومراني" و"ريكو شيرازي"، من بين رؤساء المنظمة "رفعت الجاروشي"، الذي حضر زفافه عندما تزوج قبل ثلاث سنوات كل زعماء عالم الجريمة الذين جاءوا احتراما له.

كراجة: المنظمة الأكثر رعبًا في وسط سكان عرب 48، سيطر جنود المنظمة على مصالح اقتصادية كثيرة في مدينة نتانيا كانت تابعة لمنظمة الجريمة التابعة لعائلة "أبو طبول"، والمتهمة بالضلوع في تصفية "فرانسوا أبو طبول" قبل سنتين. كانت المنظمة ضالعة في عمليات تصفية كثيرة ومحاولات تصفيات لمنافسين في الوسطين الفلسطيني واليهودي، لم يتم إثبات قسم منها حتى الآن.

تمتلك كراجه، حسب تقديرات الشرطة، مخزون الذخيرة الأكبر من بين كل منظمات الجريمة في دولة الاحتلال، ويشك رجال الشرطة، أنه عدا عن مختبرات لإعداد عبوات ناسفة، فإنهم يمتلكون أيضًا بنادق وصواريخ لاو.

الحريري: وجدت الشرطة صعوبة على مدار سنوات طويلة في مواجهة المنظمة الخطيرة، التي لم يتردد رجالها في إطلاق النار على رجال الشرطة الذين حاولوا تنفيذ اعتقالات أو مداهمة عقاراتهم في مدينة الطيبة، ولا يتردد جنود المنظمة في ابتزاز شركات بناء كبرى، مقاولين، أصحاب مصالح اقتصادية ومواطنين تحت تهديد السلاح، لكي يدفعوا لهم الأتاوة مقابل ألا يتعرضوا لمصالحهم بأذى.

[caption id="attachment_33214" align="aligncenter" width="576"]dCuwi تصفية فرانسوا أبوطبول في وسط مدينة تل أبيب[/caption]

اعتقلت الشرطة في السنوات الأخيرة عشرات من جنود العائلة في مخالفات عديدة- بدءًا من الابتزاز تحت سطوة التهديد، وانتهاءً بالقيادة دون رخصة. ويعترف مسئول كبير في الشرطة أنه "من الصعب جدا التغلغل إلى منظمات الجريمة في الوسط العربي، لأنهم مثل السرداب، لا مجال للحديث عن تجنيد شهود ملكيين أو حتى تشغيل مخبرين، من أجل إدانتهم يجب بذل جهودا حثيثة، وإلقاء القبض عليهم أيضا على مخالفات سير، المهم أن يجلسوا في السجن ولا يتعرضوا للمواطنين بأذى".

تلك هي القائمة المختصرة لعائلات الجريمة الأكثر خطرا في "إسرائيل"، والتي تضاف إليها سبع عائلات أخرى ليست أقل خطرا.

وتشير تقديرات المختصين، إلى أن دخل منظمات الجريمة في دولة الاحتلال لا يقل عن 30 مليار شيكل في السنة، وقد تعدّت مصادر الدخل في السنوات الأخيرة لتشكل السوق الرقميّ، وبالذات القمار عبر الإنترنت (حيث تتراوح الدورة المالية السنوية بين 4 إلى 10 مليار شيكل). وفي المقابل، احتدّم الصراع على سوق الصرافة، الذي هو أيضا مزدهر (تقدر الدورة المالية فيه بمليارين ونصف المليار شيكل)، وعلى توزيع الفواتير المفبركة بواسطة شركات وهمية مثل شركات بناء ووقود ومعامل صقل الماس وغيرها (بدورة مالية تقدر بنحو 10 مليار شيكل).

إضافةً إلى مجالات النشاط المذكورة، التي تعتبر جديدة نسبيًا، فإن باقي مصادر الدخل تعتبر من مجالات منظمات الجريمة: جباية الديون والقروض في السوق السوداء (نحو 7 مليار شيكل)، جباية أتاوات (نحو 5،2 مليار شيكل)، قمار، دعارة ومخدرات (نحو 2 مليار شيكل)، تجارة بالمعادن (نحو 3 مليار شيكل)، تشغيل شبكات قمار غير قانونية ضمن مباريات كرة القدم في إسرائيل والخارج (نحو 4 مليار شيكل)، وتهريب أموال (نحو 2 مليار شيكل).

vMrFm

حرب التصفيات

يبدو للوهلة الأولى أن ما يجري هو مَشاهد من فيلم هوليوودي حول الجريمة وعصابات المافيا، من أفضل الأفلام التي تم إخراجها في الآونة الأخيرة، إذ تقع محاولتا تصفية مجرمين كبار خلال عشرة أيام فقط خلال الشهر الماضي.

تصلُ صراعات العصابات ومنظمات الجريمة في دولة الاحتلال إلى أرقام قياسية جديدة عندما يتم تفجير سيارات مفخخة وتنظيف حسابات قديمة وجديدة في وضح النهار، دون اعتراضٍ من أحد، في مدن إسرائيل الكبرى.

النقد المدنيّ الحادّ الموجّه ضد نشاط الشرطة، وبالذات فشلها في القضاء على ظواهر العنف في السنين الأخيرة، يمحو كلَّ محاولةٍ لإضفاء ولو قليلٍ من الأمن للإسرائيليين، الذين قد يجدون أنفسهم في أي لحظة وسط معمعة تبادلٍ للنيران بين عصابات الجنوب وعصابات المركز.

حصدت الحربُ بين منظمات الجريمة، على مدار السنوات الثلاث الأخيرة، أرواح 16 إسرائيليا، وذلك في (تل أبيب ومحيطها) فقط، قُتل بعضهم في تفجير عبواتٍ ناسفة، وآخرون جراء إطلاق نار، وهناك من جزّ رأسه وتم دفنه في مكان مجهول. لكن التصفيات لا تتوقف عند حدود المركز فقط، حيث تصل العبوات الناسفة إلى الجنوب والشمال، كذلك قسم من المرتبطين بالأحداث اختفوا من فوق ظهر الأرض، ولا يعلم أحدٌ حتى الآن ما هو مصيرهم.

عكا أون لاين