شبكة قدس الإخبارية

الأسير أسامة شاهين: من "نقب غوت تلانت" الى "عرب غوت تلانت"

هيئة التحرير

انا سجين فلسطيني احمل رقم ( رقم اسير )، لكن الاسم هو اسامة حسين شاهين، اقبع في سجن النقب الصحراوي جنوب فلسطين في صحراء قاحلة، احمل موهبة مثلكم، تابعت دعايات مواهبكم على مر الايام الماضية .

لكن اعلموا انه لا يسمح لنا في السجن الا ب 10 قنوات فقط، ويتحكم بها السجان صوت وصورة، فيقطع الصوت ويغير القناة متى يشاء. فمواهبكم اشعلت قلمي يكتب لكم رغم ان الساعة الان 3 فجرا، ونور خافت يتسلل من فتحات شبك زنزانتي، الا ان اوراقي البيضاء وقلمي الاسود تطلباني حثيثا لاطلعكم على مواهب ترزح تحت قيد السجان .

أنتم تتسابقون الى هذا التحدي بحب ونهم واشتياق على البقاء وفي النهاية سيختم اللقا ، اما نحن نضرب بيد من حديد فندخل التحدي بعناد واصرار على البقاء، فمنا من كان له موهبة غير محدودة فحكم عليه بالتحدي القائم المتواصل فقد تجاوز ال30 عاما ونيف وما انتهى التحدي .

انتم تموتون في البقاء ونحن نرنوا الى الانعتاق، انتم يجمعكم مسرح واحد، ونحن موزعون على مسرح النقب وعسقلان وعوفر والرملة وهداريم والجلمة والسبع وشطة ونفحة، الشاشات والكاميرات تبرزكم لجمهوركم من كل ناحية وجانب فترة اللقاء، الا ان شاشات وكاميرات سجننا ترقب خطواتنا وانفاسنا صباح مساء. يصفق لكم الجمهور وترتفع الايادي فتزدادون حماسا وفرحا ومرحا يعقبه صوت الموسيقى بيانو وقيثار، واصواتنا نحن تعلو بالتكبير والنشيد يعلو صوت السجان. ايقاع طرق الابواب يملأ المكان، يتبعه قذف حجر، جمهورنا عجوز يرتدي ثوبا مطرزا، طفل يعتمر كوفية، جمهورنا صبية لم تر والدها منذ ان ابصرت الشمس، سهل على عتبة بيته ينتظر بزوغ الشمس، شيخ طاعن على بوابة سجن .

ودعتكم امهاتكم وربما اطفالكم فقط لتكسبوا الرهان، وتابعوكم على شاشات بالألوان، ودعني طفلي حسين 3 اعوام الساعة الثانية فجرا، بعد ان قلب العدو بيتنا رأسا على عقب تابعني بعينيه الصغيرتين والقيد قد حزم يدي الى خلف ظهري، وبمنديل اسود عصبوا به عيني، واحاطوني ظنا منهم بكسب الرهان، وحُسين يتابع المشهد يصرخ ويبكي وينادي .

تختارون اللباس وتتعطرون بالأصناف، اما نحن متساوون في اللباس، لون واحد، والذي يرفضه يضرب ويداس، اما عطرنا جسد تفوح منه رائحة العزة، ومنذ 3 اشهر لم يذق الطعام .

اليكم يا اصحاب المواهب، ان مواهبنا طمست ولا يعلم بها الا نحن، فهذا كاتب بارع يكتب قصة رواية يجعل الكلمات روحا وجسدا، وهذا اخر رساما يخط ملامح وجهه بأدق تفاصيله على جدار متعرج، وهذا اطرح عليه أي مسألة في الرياضيات لن تحتاج معه الا ثوان ويكون الجواب، الحديث يطول من شاعر الى منشد الى فنان الى ...... ، يصنعون من احقر الاشياء تيجانا .

هذا غيض من فيض، فلقد حطمنا كل الارقام القياسية. فهذا منذ تسعة اشهر مضرب لم يذق طعم الطعام، وها حكم عليه 64 مؤبدا ليجمع حكم اسر دولة بأسرها .

اكتفي بهذا فقد حان موعد الفجر، ومن على مسرح النقب اختم اللقاء .

الأسير أسامة شاهين