"أكثر من 40 يوماً متتالياً، أظنّه أطول اعتصام تضامني مع قضية الأسرى في تاريخنا الفلسطيني المعاصر"، هكذا قال ورد ياسين أحد النشطاء الفلسطينيين في مدينة يافا. ورد يصف حراكاً شبابياً فلسطينياً متضامناً مع الأسرى في سجون الاحتلال لم يسبق له مثيل في استمراريته.
منذ الثاني من شباط 2013 بدأ الاعتصام اليومي للتعبير عن الوقوف إلى جانب الأسرى الفلسطينيين وبالأخص المضربين منهم عن الطعام. عند برج الساعة الشهير وسط مدينة يافا، يتجمع كل يوم المعتصمون من الساعة السادسة مساءً وحتى السابعة والنصف، نداؤهم واحد: "الحريّة للأسرى".
بدأ الاعتصام بمبادرة من حركة الشبية اليافوية التي تتراوح أعمار أعضائها بين 16-23 عاماً. من بعدها انضمّ إليهم عدد من النشطاء من خارج الحركة إلى الاعتصامات، طلاب الجامعات والكليات المجاورة. كما انضم إليهم عدد من نشطاء اليسار الإسرائيليين.
في محاولة لكسر رتابة الاعتصام ومنع الملل، يُجدد المعتصمون أساليبهم في كل مرة. بعد شهر من التجمع والهتافات ورفع اللافتات، قاموا بإحضار بعض الأواني المطبخية في رمزية للجوع. من بعد ذلك، دعا المعتصمون بعض الفنانين لمشاركتهم الاعتصامات، فكان الفنان وسيم خير الذي قدم مقاطع مسرحية بعنوان "في ظلّ الشهيد". وانضم إليهم في أحد الأيام كذلك نضال بدارنة الذي قدّم عرضاً عن أوضاع الأسرى في السجون. كما آزرتهم فرقة "دام" من اللد والرملة لفن "الراب".
إضافة إلى الفقرات الفنية التي تتخلل بعض أيام الاعتصام، تنبه المعتصمون إلى الخصوصية السياحية والأثرية للمكان الذي يقفون فيه. فقاموا بتحضير نشرات باللغة الإنجليزية تشرح قضية الأسرى للسياح الكثيرين المارين من أمام ساعة يافا الشهيرة. كما رفعوا لافتات "ترحب بالمارّين في فلسطين".
هذا الحراك النشط منذ 43 يوماً، أزعج البعض. يشير ورد إلى أن السلطات الإسرائيلية طلبت منهم إيقاف القرع على الأواني بعد أن اشتكى ضدهم بعض أصحاب المحلات الإسرائيلية المجاورة. ويضيف ورد أن بعض المارة من الإسرائيليين يشتمونهم ويحاولون مضايقتهم. وقد استدعت شرطة الاحتلال بعض النشطاء وحققت معهم حول علاقتهم بتنظيم الاعتصام. لكن يبدو أن هذه المضايقات لم تفعل فعلها، فالأعداد تتزايد وتصل في أقلها إلى العشرات وفي أكثرها إلى المئات، وبعض المنضمين الجدد يأتون من مدن أخرى للمشاركة.
يختم ورد بالقول أن بعض المشاركين في الاعتصام بدأوا بالاقتناع أن هناك ضغط قوي على وسائل الإعلام لتجاهل "اعتصام يافا" وعدم تغطيته. "مواقع الكترونية قليلة جدا هي التي ذكرت خبر الاعتصام، وكان لها نفس طويل في متابعته". هل لذلك تفسير؟ يقول ورد: "لا ننسى أن برج الساعة في يافا هي بالمعنى الآخر أحد المراكز الحيّة في تل أبيب، ويهمّ "إسرائيل" أن يبقى أمر كهذا بدون ضجة اعلامية ملائمة".
وقد أصدرت حركة الشبية اليافوية هذا الأسبوع بياناً مشتركاً مع نشطاء فلسطينيين مستقلين، قالوا فيه "أن هذا الحراك المتواضع لم يسبق له مثيل في الداخل الفلسطيني على صعيد الإسراى، وعلى وجه التحديد في يافا المحاصرة بغوش دان (مستوطنة) وجرّافات بلدية تل أبيب، والمُهمّلة على المستوى الفلسطيني ككل من قبل المسؤولين العرب في الكنيست وخارجها".
وقد أكدّ البيان على الاستمرار في الاعتصام "فلم يعد لأحدٍ القدرة بعد اليوم على إيقاف هذه العجلة الإحتجاجيّة التي غدت مطلباً شعبياً يافيّاً فلسطينيّاً هادفاً لا يمكن إيقافه إلا بتحقيق مبتغاه".
يذكر أن الأسير المضرب عن الطعام سامر العيساوي قد نقل قبل أيام عبر أحد المحامين الزائرين له تحياته الخاصة للمعتصمين في يافا، وقد شاركت عائلته في أحد أيام الاعتصام.